الفصل الأول

11.1K 148 10
                                    

(١)
     _آسرني مجرمًا_

مدت أشعة الشمس الذهبية بعد أن تلاش الظلام الماكر الذي يبغضه جميع من يقطن بتلك المنطقة السكنية،  تسلل نور الصباح بـ داخل ذلك المنزل الصغير، الذي لا يميزه شيء، حتى لا يوجد به الدفء الذي يهون مصاعب الحياة،  كانت الشقة تحتوي على غرفة واحدة صغيرة ومطبخ.

في ذلك الركن الصغير، تحديداً على الأريكة المهلكة، لم تكن مريحة بل كانت كصبار به شوق يؤلم..

ظلت تتقلب يمينًا ويسارًا حتی تهرب من ذلك النور الذي يقتل نومها، أصابها تشنجات بوجهها و كأنها تتألم كثيراً،  في هذه اللحظة سمعت صرخات تلاحقها لكي تستيقظ من غفلتها:

_ بت يا "ليال"  أصحي مش فتحها للنوم يلا قومي شوفي شغلك..

زادت  تقلباتها بدون راحة،  ثم تحدثت بصوت يملؤه النعاس:

_ شوية بس!!

ما أن أنهت "ليال" جملتها التي تحتوي على طلبها البسيط،  في ذلك الوقت سمعت صرخات وسب يحمل الكثير من الإهانة لها،  فتحت عيناها البريئتان والجميلتان،  المتميزاتان بلونهما البني الغامق كرصاصةً تقتل الجميع بجذبيتها،  لا يحملان حقدًا ولا كرهً لإحد، برغم من صعوبة ومرارة حياتها..

وضعت يديها الصغيرتان على جمجمتها تتحسس مكان الآلم الناتج من قلة النوم ثم تنهدت بقوةٍ،  قبل أن تستقيم قليلاً،  محاولةٍ أن تشعر بالسعادة فقالت بهدوء:

_ الحمدلله على كل نعمك يارب..  !

في هذا الوقت خرجت زوجة أبيها التي تعيش معاها من المرحاض بعد أن جهزت نفسها للخروج إلى العمل.
نظرت لها بغضبٍ جامح ومن ثم تحدثت وهي تضغط على نواجذها:

_ قومي يا بت لسه هتفوقي عمالة اصحي فيكي من بدري إيييه مفيش إحساس..

نظرت لها " ليال" بخوفٍ جم،  ثم اعتدلت في جلستها حتى تقوم من أعلى الأريكة،  وعندما وقفت بدأ يظهر جمالها الرقيق،  الشرقي،  الذي يتميز عن جميع من في تلك المنطقة التي تسكن بها،  حيث تمتلك بشرة خمرية ناعمة، شعرها ينسدل ورائها بطريقته الجذابة برغم من وضعه الغير مرتب نتيجة غفلتها،  لونه كأشعة الشمس الذهبية التي تجعل العين من شدة جماله ضائعة..
ولكن الجمال لا يكمل إلا ومعه شيء يؤلمه، رغم صغر سنها الذي لم يكمل للعشرون، إلا أن زوجة أبيها تجعلها تعيش معها بعد أن توفى زوجها وأخذت كل شيء كان يمتلكه وباعت شقته الراقي، وجعلتها تعيش في ذلك المكان الذي يشبه جهنم

أغمضت عيناها ثم أخرجت زفيرها حتى تتحدث بدون توتر وتخفي ذلك الخوف:

_ معلش يا "أبلة سامية"  هعمل كل حاجة وهروح الشغل بس متزعليش مني..!!

نظرت لها "سامية"  تلك السيدة القاسية،  وجهها لا يعلم الابتسامات،  عمرها قد يكون تجاوز الخامسون،  ولكنها لا تعرف للخير طريق، تكلمت بطريقتها الثائرة دائماً:

 آسرني مجرمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن