الفصل التاسع : دمعة تسللت إلى القلب

719 25 9
                                    

طريق طويلة و عقل مشوش ، غريب كيف أصبح كل شيء يتمحور حول شفاه و قبلة في العدم . جاذبية تحولت من مركز الأرض نحوها فبإقترابنا أصبحت أجسادنا الملتصقة تحلق في سماء ليلة هادئة . وصلت إلى المنزل بدوارٍ خفيف مرفق بشعور سعادة إشتاقت له نفسيتي . حمام ساخن و قبلتها لم تفارق عقلي ، كيف لفتاة أن تسرق مني قبلة إحتفضت بها لنفسي ؟ لا أنا لن أقع في فخها . هي فتاة سخيفة تحب المغامرة ، مضحك أن تظن أنها سوف تسرق قلبي . بخطى مبتلة لجأت إلى فراشي فاختطفني بنوم عميق فارقت فيه عقلي.
عصافير تزقزق مبشرة بطلوع الشمس ، لم أحظى بنوم هنيء منذ مدة ، شهية مفتوحة للأكل على غير العادة و بقايا سعادة الأمس لا تزال تحوم في داخلي . تأخرت عن قصد متخلية عن هدوء الصباح الذي أحبه لأتجنب لقائها و سلمت نفسي إلى ضوضاء الشوارع في عز النهار  ، وضعت السماعات و مشيت بسرعة لعل الوقت يبتلع بعض الدقائق فأجد نفسي وصلت إلى المدرسة .  ها هي ذا أمام مكتب المدير مع رجل طويل القامة ببذلة سوداء ، تبدو حزينة بعض الشيء ، أيعقل أنها وقعت في مشكلة بسبب ما حدث مع الأستاذ الأمس ؟ إتجهت نحو القسم و لم يمر الكثير من الوقت حتى إلتحقت هي أيضا . جلست من دون أي كلام و أخذت تقرأ كتابها في إنتظار قدوم الأستاذ . مرت عشرون دقيقة حتى دخلت المشرفة التربوية لتعلن لنا عن غياب الأستاذ الذي كان من المفترض أن يدرسنا لساعتين . 
آيلا لا تزال منغمسة في كتابها و أنا قررت أن أكتب قليلا ، فتحت الكراس على صفحة بياضها يحفز قلمي على ملئها بسواد حبره ، فتحت المقلمة بحثا عنه فإذا به يتسلل منها ويسقط على الأرض . إنتفضت من مكانها متخلية عن قوقعة كلمات أحلام مستغانمي و تبعت يدها القلم بحركة بدت لا إرادية بإرادتها . سلمته لي فلاحظت بريقا في عينيها البنيتين مخفيا وراءه حزنا تشوقت لمعرفة سببه فسألت : " ما بك يا آيلا ؟ "
إمتلئت عيناها دموعا فحاولت  مسحها قبل أن يغرق وجهها في مياه الحزن المالحة  و لم يكن بمقدوري سوى أن أضمها إلى صدري ؛ فسلمت نفسها إلي و أطلقت كل ما في صدرها من بكاء حتى إرتاحت، وإبتعدت عني قائلة :
-رائحتك زكية 
-و بدموعك التي بلَّلَتني أصبحت أزكى.
  سُرِقَتْ إبتسامة من وجهها الحزين و عينيها الممتلئتين دموعا و إنكسر كل جدار محيط بقلبي فوجدت نفسي أهتم لأمرها بعدما كنت واثقة من أنها مجرد فتاة عادية . إرتاحت قليلا فعرضت عليها قارورة ماء لعلها تُحَسِّنُ مزاجها ؛ فإحتست القليل ثم أخبرتني بما حدث :
- إن أبي رجل أعمال مهم و أنا فتاة وحيدة في المنزل ، أمي توفيت عندما قامت بولادتي و منذ ذلك اليوم و أبي يعمل جاهدا ليوفر لي حياة جيدة ، رغم أنه غير متواجد في معظمها . هذا الصباح ، وبخني قليلا بسبب ما حدث الأمس و أنهى كلامه ب :" كون جات يماك عايشة راو خاب ظنها فيك " . و هذا كله ليس بسبب ما فعلت بل لأنني عطلته عن العمل ...
-أنا حقا آسفة ، ما حدث الأمس كان بسببي وإذا أردت يمكنني مرافقتك إلى المنزل في المساء لكي أشرح كل شيء لأبيك .
-هل أنت متأكدة ؟
-أجل هذا أقل ما يمكنني فعله . أما بالنسبة لأمك ، فلو كنت مكانها لفرحت لأن إبنتي كبرت لتصبح بعقل إمرأة ناضجة مثلك .
- بما أنك تعتبرينني ناضجة هذا يعني أنك معجبة بي أليس كذلك ؟
-أنا لم أقل هذا أبدا !
إبتسمت ثم عادة لقراءة كتابها بينما أسترق النظر إليها بين الحين و الآخر حتى إنتهت الساعتان و بدأنا حصة جديدة مع أستاذة أخرى .
حل المساء و خرجنا على الساعة الرابعة و النصف متجهين نحو منزلها ، أحسست بأنامل أصابعها تقترب من يدي ، فأبعدتها ولكنها إنقضت عليها فأمسكتها بقبضة قوية يصعب التخلص منها . كانت كل الأنظار متوجهة نحونا مما زاد الأمر  غرابة و لكنني لم آبه حقا فلسبب ما ، وجودها معي يمحي كل شيء محيط بنا فأصبح فعالم فيه "كنزة و آيلا " فقط .
-ها قد وصلنا ! هذا هو منزلي .
فيلا ضخمة بثلاث طوابق ، محاطة بحديقة واسعة في مقدمتها نخلتان كبيرتان . تعجبت لم قد يسرف أحدهم نقوده في منزل كبير مثل هذا فيعيش فيه شخصين فقط . فتحت الباب و توجهنا إلى الداخل ، أرشدتني إلى غرفتها و طلبت مني الإنتظار لكي تذهب و تنادي أبيها . غرفتها حقا مميزة كشخصيتها ، كانت زرقاء فاتحة اللون يتوسطها سرير مفروش بالأبيض على يساره منضدة مليئة بجميع أنواع مستحضرات التجميل و العطور المختلفة  . خزانتها بيضاء أيضا و كأن ملاكا إختار لها هذا الديكور  و على اليمين يتواجد باب شرفة مليئة بالنباتات الصغيرة . لقد إستغرقت وقتا طويلا أرجو حقا أن لا تكون قد وقعت في مشكلة مع أبيها .
بعد مرور ثلاثين دقيقة هاهو الباب يفتح ، فإذا بها ترتدي فستان قصيرا من السّتان لونه أسود دون  أكمام ، يتوسطه في جهة النهدين رباط أحمر . تقدمت نحوي بشعرها الطويل المموج و أحمر شفاه دمويّ و قالت : "لم تظني حقا أنني أحضرتك هنا لتكلمي أبي أليس كذلك ؟"
دفعتني نحو سريرها و إتخذت مني مقعدا ترتاح فوقه ، أزالت القلنسوة عن رأسي و أضافت :" أنت أجمل بكثير من دونها " . ملء نهداها يداي و أخذت ألتهم شفتاها كأنها آخر قطرات من ينبوع يصب أجود أنواع الخمر . أصبح الجسد عاريا و بإسم العشق و الشهوة مارس كل ما إشتهاه في الليالي المظلمة ، و سمعت الأذنان أنينا أصبح أغنيتهما المفضلة بينما تذوق اللسان و الشفاه و إجتاحت الأصابع ، زهرة العذراء المثيرة . قبلات تصعد فوق الجسد لتصل لشفاهها فتريها لذة طعم شهوتها و هي الثانية متشوقة لتذوقي . ألم مثير و طلب للمزيد ، أعين كادت تكتسي من الأبيض لونا دائما و أنين يزداد كلما زاد ضغط أصابعها ، حتى إرتاحت الأرواح و تنفست الصعداء و أتت تلك الملاك المنبوذة من الجنة في أحضاني للمرة الثانية و لكن من دون أعين باكية .

قوية و لكن ... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن