[ غضب ]
كانت تسير بين الأشجار تحت سماء يومٍ غائمٍ، شمس الظهيرة لم تكن واضحةً بين السحب، لكنها أكملت طريقها على أية حال، تتسكع على العشب الذهبي. كانت غاضبةً بسبب تلك المشاحنة التي دارت بينها وبين والدتها، هي دائماً ما تتذمر من تصرفات ابنتها الغير عقلانية، ولكن اليوم قد زاد الأمر عن حده.
جلست على ضفة النهر بجانب الصخور، تقذف الحصى الصغيرة في الماء، تمددت على العشب لتزيل قبعة القش عن رأسها، وقد وضعتها فوق وجهها لتصد النور عن عينيها، كانت تحاول الاسترخاء بعد ذلك الشجار، لكن عقلها يعصف بالأخطاء التي تقترفها.
- أنا الآنسة السيئة.
تمتمت في داخلها مزفرةً، أغلقت عينيها لترتاح قليلاً، ولكن كيف لها أن ترتاح خارج حدود مجتمعها؟ سمعت ذلك الصوت، أنصتت إليه جيداً، رفعت القبعة عن وجهها لتحملق بعينيها في الأفق، لتستقيم فتبدأ بحثها عن مصدر الصوت، ممسكةً بمسدس والدتها، الذي أخذته خلسةً.
كانت تسير على الأوراق الجافة، محدثةً صوتاً حرشفياً خفيفاً، لكنه لا يثير الإنتباه كثيراً، مصوبةً بالسلاح الذي تحملها إلى الأمام، تجاه الصوت الذي ستذهب نحوه. إنها تسمع صوتَ حركةٍ، أسرع من صوت حركة الهائمين، أقبضت على سلاحها بقوة أكبر، عندما اقتربت أكثر من مصدر الصوت، بين الأشجار، لمحت عيناها هيئة تركض خلف الجذوع.
أسرعت باتجاه تلك الهيئة، منادية بصوت عال، لتتوقف تلك الهيئة عن الركض.
- توقف مكانك!... انتظر... جوش؟ ماذا تفعل هنا؟...
كانت تلهث بين كلماتها، فركت شعره الأشقر فأبعد يدها عن رأسه.
- لا تفعلي هذا... أنا لست طفلا...
أردف ممتعضا ليقضب حاجبيه فوق عينيه الكبيرتين، ويضم شفتيه معلنا عن غضبه الشديد.
- أنت في العاشرة، مازلت صبيا... لا يجب أن تتواجد خارج الأسوار.
قالت بينما التفتت فتسير خارج الأشجار، وهو يتبعها بملامح غاضبة، خائفة أيضا.
- كنت قلقا بشأنك، لذا تبعتك إلى الخارج...
أتبع، لتلتفت نحوه فتجثوا على ركبتيها حتى تصل إلى مستوى رؤيته.
- جوشوا، عزيزي. عندما يغادر المرء مكانا ما وحده، فهذا يعني أنه يريد أن يكون بمفرده.
أردفت بابتسامة باردة، ثم أزالتها لتلتفت وتنهض فتكمل سيرها.
- ماذا لو قلقت أمي بشأنكِ؟ وأبي سيغضب كثيرا إن علم بذلك...
قال بعد صمت طويل، لتتوقف عن السير فتلتفت نحوه مجددا، لتجيبه بعد أن أعادت نظرها إلى طريقها.
أنت تقرأ
كوخ من قش | A Hut Made Of Straw
Fanfictionالملجأ، المأوى، البيت، المسكن، المنزل... جميعها تعطي ذات المعنى، ذلك الدفء الذي فقدته، ذلك الشعور، ذلك الهدوء، تلك الليالي المؤنسة. أصبح ذكرى يشتاق إليها قلبي كلما مرت على عقلي، وقد أصبحت شيئا هشا أخشى تهشمه في أية لحظة... ذلك الذي لم أعد أجده، ولم...