استقيظ هشام على صوت رنين المنبه وفورا امسك هاتفه ليتصل بخطيبته لارا التي تسكن في البيت المجاور وحين لم ترد على اتصاله نظر من نافذته ورمى بعض الاحجار الصغيرة التي كان قد جمعها في علبة سابقا لان هذا مااعتادا ان يفعلانه في هكذا موقف ولكن العجيب انه ليس من عادتها اغلاق ضلفتي نافذتها الخشبية وحين يأس ارتدى ملابسه وذهب الى منزلها فقالت له امها انها ذهبت الى الجامعة فاستأذن منها متعجبا واخذ حقيبته وركب سيارته منطلقا الى هناك حيث انهما يرتادان نفس الجامعة ولكنه في العام الاخير وهي تدنوه بعام واحد وبينما هو في الطريق كان يفكر كيف انه وقع في حبها منذ ان كانا صغيرين يلعبان معا وكيف كان يحميها من اي طفل شقي ويغار عليها اذا مااقترب منها احد فقد كانا اعز صديقين لبعضهما وكلا العائلتين يقولان انهما يليقان ببعضهما هشام للارا ولارا لهشام وخلال نموهما معا كان الحب يتبلور بينهما اكثر فاكثر حتى اصبحا لايفترقان بتاتا ثم بدأ انزعاج والدي لارا لقربه الشديد والدائم منها وخصوصا انهما قد اصبحا بالغين حينها طلب هشام من اهله ان يخطبوها له رغم انهما قد التحقا لتوهما بالجامعة على ان لايتزوجا حتى يكملان دراستهما وبعد موافقة الطرفين تمت خطبتهما من بعضهما وكانا ينتظران مرور هذه الاعوام بفارغ الصبر كي يتخرجا ويتزوجا وهاهما قد اقتربا من هدفهما فبمجرد تخرجه وحصوله على عمل لن يمانع احد زواجهما فقد اصبح على قدر المسؤولية للاعتناء بها لوحده .
وبمجرد وصوله للجامعة ذهب باحثا عنها الا انه لم يجدها وحين سأل صديقاتها عنها لم يعلمن اين هي ايضا وجلس لينتظرها الا ان الوقت تجاوز وقت محاظرته فاضطر للذهاب وبعد انتهاء جميع المحاظرات ذهب ليقلها كالمعتاد ولكن صديقاتها اخبروه انها قد رحلت مع اخاها للمنزل .
بدأ الموقف يثير استغرابه فمنذ متى يأتي اخاها ليقلها ورفع الهاتف ليتصل بها مستفهماً فوجده مقفلا وحين وصل الى المنزل طرق الباب ليسأل عنها ففتحت امها الباب واعتذرت منه قائلة ان لارا نائمة فماكان منه الا ان يعود للمنزل واستلقى في السرير وهو يحاول الاتصال بها مرارا وتكرارا لعلها تفتح هاتفها ثم غفى في سهوة منه ولم يشعر بحلول الليل وهو نائم حتى طرق الباب ودخلت عليه والدته ايقظته وجلست بجانبه وقالت له : لدي اخبار مزعجة ياحبيبي . نظر اليها بدهشة ونهض منصتا اليها فاردفت قائلة : ان اهل لارا قد فسخوا خطبتكما لانهم يريدون خطبتها لشخص اخر . شهق هشام منفعلا وهو يقول : كيف هذا هل هي لعبة ومارأي لارا بالموضوع بالتأكيد لن ترضى بشئ كهذا .
نظرت له والدته بأسى وربتت على كتفه قائلة : لقد وافقت لارا على فسخ الخطبة وارسلت معي خاتمها لتعيده لك . نظر الي امه باندهاش وقلبه يخفق بشدة وينفي الكلام براسه ويحاول ان يستوعب الموضوع ثم اعتراه غضب عارم وبادر للخروج وحاولت امه ان تمسك به الا انه دفعها عنه وذهب الى منزل لارا , طرق الباب وفتح له اخاها وحين حاول الدخول منعه فقال له : ابتعد عني ارجوك لاشأن لك بما يحدث اريد ان ارى لارا . فامسك به اخيها من ياقته وقال : بل انه شأني من الان فصاعدا فماعاد هناك مايربطكما وانا الان اقول لك ان تخرج من بيتنا . رفع هشام يده ليضربه ولكنه تماسك اذ لايريد ان يزيد الامور سوءا , وقال له : ارجوك انا فقط اريد ان اسمع الحقيقة منها وبعدها سوف اذهب ولن افتعل اي مشاكل . فقال له الاخ : سوف ارى في هذا االامر انتظر هنا رجاءا . وقف هشام متفاجأ كيف انه حتى لم يدعوه للدخول بعد كل تلك العشرة بينهم ماالذي حول الامور بهذه الطريقة ياترى وماالذي فعله ليفسخون خطوبته من ابنتهم هكذا وكيف سيكون حال لارا الان فهي تحبه كما يحبها بالتأكيد . وبعد بعض الوقت خرجت لارا مع اخاها وهي تطأطأ راسها وفورا اقترب منها وحاول ان يحتضنها الا انها ابتعدت عنه فورا واضعة يدها حاجزا بينهما , توقف هشام متعجبا ثم سألها : هل انت موافقة على مايجري؟! . فاجابته : نعم . نظر اليها لوهلة غير مصدق ماتقول ثم قال : وماالذي فعلته انا لتتخلي عني هكذا؟! . فقالت : لست انت السبب فقط نحن لانناسب بعضنا ولطالما كنا اصدقاء واخوة اكثر مما نكون احباء . فاجابها باستهزاء : هل تعتبرين مابيننا علاقة اخوية فكيف هو الحب برايك!؟ وهل ماسيربط بينك وبينه حب الان ؟ ماالذي جعلكم تغيرون رايكم ارجوك اخبريني! .
فقالت له : لااستطيع ان اخبرك فقط اذهب ماعدت اريد رؤيتك وارجو ان تنسى كل مابيننا فقد انتهى كل شئ ومن الاساس ماكان يجب ان نرتبط فنحن لم نكن متاكدين من مشاعرنا ابدا . قال لها : اذا انت لاتحبينني اهذا ماتقولينه! . استدارت وهي تقول : نعم لااحبك ولااريد الزواج بك . ودخلت الى المنزل ونظر اليه اخاها بسخرية تاركا اياه واقفا في الحديقة لوحده وبعد قليل عم السكون المكان مما جعله يتحرك بصعوبة مصدوما ويعود الى منزله حيث كانت والدته واخته ووالده بانتظاره حاولوا بدورهم احتضانه ومواساته الا انه ابتعد عنهم وصعد لغرفته واقفل الباب .