بعد عودتهم من الرحلة بعد ايام ممتعة حاول فيها هشام ان ينسى لارا تماما ولايتذكرها عاد الى البيت وقبل يدي وراس والدته وسلم على والده وذهب ليستكمل دراسته وحياته الطبيعية معتبرا ماكان لم يكن له وجود في حياته اطلاقا او كأنه كابوس واستيقظ منه لااكثر ومرت الايام بسلام وتخرج هشام من الكلية وحصل على عمل حينها قررت والدته انه لابد من تزويجه الان كما كان مفترضا من قبل وحين طرحت عليه الموضوع لم يتقبل هشام الامر الا انها بادرت بالبكاء قائلة : وهل ستبقى بدون زواج لاجلها انا اريد ان افرح بك ياولدي . ابعد نظره عنها وقال لها : افعلي ماتشائين ياامي , لايهمني . فسألته اذا كان هناك فتاة بباله او يريد ان تخطبها له . نظر اليها نظرة ملؤها اليأس وعلى فمه ابتسامة استعطاف فهمت منه والدته بانه كيف له ان يحب بعد ماحدث , فاحتضنته وهي تقول : سوف تحب ياولدي من جديد لاتدع ماحدث يقف في طريقك . وقبلته ثم اردفت بفرح : سوف اختار لك اجمل عروسة واعمل لك احلى عرس . لم يجبها هشام بشئ فقد شعر بالاختناق وكان يفكر بينه وبين نفسه انه ماكان ليوافق لولاها لانه لايريد ان يحزنها ولكن هل سيستطيع فعلا ان يحب من جديد فهو ماعاد يثق باي فتاة وهل لابد من الحب في الزواج بامكاني ان اتزوجها حتى وان كنت لااحبها اليس كذلك ؟ هذا مااقنع نفسه به , وبعد ايام عادت والدته حاملة بعض الصور وقالت له : انظر لقد احضرت لك صور بعض الفتيات المحترمات والجميلات لنختار معا واحدة . فقال لها وهو يتجهز للخروج : اختاري انت ياامي فليس مهما بالنسبة لي ايا كانت . شعرت امه بالاحباط لكنه خرج وتركها , وحين عاد في الليل قالت له : لقد تركت على طاولتك صورة الفتاة التي اخترتها لك ارجو ان تعجبك حبيبي . لم يجبها بشئ وصعد فورا لغرفته واغلق الباب وحين مر بجانب الطاوله حمل الصورة بدون ان ينظر اليها وطواها بيده بعصبية ورماها في سلة المهملات وذهب ليستحم .
وفي اليوم التالي سألته والدته اذا كانت الفتاة قد اعجبته , فقال لها : لابأس بها وحاول ان يتهرب من اسألتها متحججا بانه مستعجل للذهاب للعمل والا تأخر .
وبعد اسبوع حان الموعد المحدد لخطبة الفتاة وكان يفترض بهم ان يذهبوا الى منزلها بعد عودة هشام من العمل واثناء عودته كان مكتئباً جداً لما يحدث وتمنى لو انه يموت في هذه اللحظه ثم فكر ربما فعلا يجب ان تموت وترتاح بما انك لاتطيق الحياه لهذه الدرجة حسنا انها فرصتك , فضغط على البنزين وهو يفكر سامحيني ياامي ويتجه بسرعة نحو حاجز الجسر وفجأة ظهرت امامه امرأة تمشي مع كلبها على رصيف الجسر وبرد فعل سريع ادار عجلة القيادة ليتفادى الاصطدام بها اذ انه يريد ان يموت لاان يقتل احدا معه وفقد السيطرة على السيارة من سرعتها وهبطت من الجسر متجهة فورا نحو اول حائط على جانب الطريق مماادى الى تحطمها وتحطم الحائط فوقها .
حين فتح هشام عينيه اكتشف فورا انه لم يمت بعد لانه كان يسمع اصوات الناس وهي تزيح الطوب عن السيارة لاخراجه وحطام الطوب من كل ناحية وشعر باليأس لان محاولته للموت فشلت حتى انه لايشعر باي الم اذ يبدو انه لم يجرح ايضا وبعد وهلة من الوقت استطاعوا اخراجه من الحطام بدون اي اصابه مجرد بعض الخدوش وكان الجميع يهنأه لسلامته ومدى اعجوبة انه خرج سليما من حادث كهذا تماما .
اخرج هاتفه وعلى فمه ابتسامة ماكرة واتصل بوالدته قائلاً لها بان حادثاً قد اصابه وانه بخير واذا كان من الافضل ان تأجلوا موضوع الخطوبه فقالت له والدته بعد ان تاكدت انه بخير وان السيارة فقط تحطمت بانه من العيب ان يأجلوا الموضوع وانها لاتريد ان يفقد هذه الفتاة وانهم سيذهبون اليها على الموعد المحدد وبامكانه اللحاق بهم بعد ان يعود بسيارة اجرة ويغير ملابسه واغلقت الهاتف. شعر هشام بالغضب وعاد الى المنزل الفارغ ودخل غرفته ونام بعد ان اقفل هاتفه .
بعد عودة والدته واباه واخته من الخطوبه والقلق يملأهم لعدم حضوره ولان هاتفه مقفل وبمجرد دخول والدته غرفته تفاجأت لرؤيته نائما فايقضته بغضب وهي تسأله : اين كنت ولماذا هاتفك مغلق ؟ فاجابها : لقد وصلت متأخرا بسبب الازدحام ثم خرجت لكي اوافيكم ولكني لم اعرف العنوان فتهت وحين حاولت الاتصال وجدت هاتفي قد انتهى شحنه فماكان مني الا ان اعود للبيت فلابد ان الموعد قد انتهى حينها فقد تاخرت كثيرا في محاولتي ايجاد بيتهم . ضربته امه بخفة على راسه وهي تعاتبه قائلة : كم انت احمق ياهشام اما كان يجب ان تحفظ العنوان جيدا . فقال لها : وماادراني ان هذا سيحدث ؟ ولابد انهم رفضوا الخطوبة بما اني لم احضر أليس كذلك؟ .فقالت له بفرح :كلا الحمد لله فقد اكتشفنا اننا نعرف بعضنا سابقا حين كنا انا ووالدك في الجامعة كم ان الدنيا صغيرة وقالوا انهم لن يجدو عائلة افضل منا ليزوجون ابنتهم لها واني بالتاكيد قد ربيتك جيدا نظرا لانهم يعرفوننا جيدا كم انا مرتاحة ياولدي يبدو وكان الامر مقدر من الله ان تكونا انت وميار لبعضكما انه اسعد يوم بحياتي . فتهكم هشام على كلامها وقال بسخرية: اسعد يوم بحياتك لقد كدت اموت اليوم ولازال اسعد يوم بحياتك ! فقبلته وقالت: بالطبع اسعد يوم بحياتي لانك خرجت سليما حبيبي الحمد لله والشكر .