"وأبحث عنكِ كثيرا.. كثيرا
فأنتِ الضياع وأنتِ الطريق"- فاروق جويدة
_________________
كانت ڤالنتينا مريضتي الأخيرة لليوم، وبعد انصرافي مِن العمل قال لي دانييل — وبالمناسبة دانييل صديقي منذ الطفولة ويعمل كـ سكرتيري لذا فهو يعيشُ معي ايضاً — عن موقِعٌ يتجمّع فيه المراهقين الذين يرتكبون الـself-harm وينشرون صور جروحِهم فيه، بحثتُ مطولاً ولكنني لم اجِد صورةً واحدةً تُطابِق ندوبي..
فِي الحقيقة قد قضيتُ اليوم كلّه في البحثِ ولم احصُل على شيء، لِذا تملّكني الاحباط، امسكتُ بمذكرتي التي حصرتُ فيها مواصفاتِ توأم روحي -بناءاً على تحليلي للموضوع-، كان هذا ماكُتِب فيها
— العمر : 20 - 25 ، نظراً للمدة التي قامت فيها بفِعلِ الـ self-harm، كما انه شائعٌ اكثر بين المراهقين والشباب، لذلك احتماليّة كونها تجاوزت هذه المرحلة العمرية ضئيلة جداً
— حالتها النفسية : تُعاني من تدنّي في تقدير الذات، قد يكون ذلِك بسببِ انها مصابة بأحدِ الامراض المتعلقة بصورة الذات او بسبب انها مصابة اضطرابٍ في الشخصية مثل "اضطراب الشخصية التجنبية"، تُعاني من رهابٍ اجتماعي نظراً لإعتقادِها بأنها غير كفؤ اجتماعياً، تُعاني من اكتِئاب وقلق بسببِ تدني تقديرِ الذاتْ والانسحابِ الاجتماعي، ذلِك كله يُشير إلى إساءة مُعاملة وتجارب مريرة في مرحلة الطفولة
— السمات الشخصية : شخصية انطِوائية او تَجنُبيّة، خجولة، قلِقة ومترددة، حساسّة مما يعني انها لطيفة ولبِقة في التعامل مع الآخرين وايضاً يعني انها تتمتع بذكاءٍ عاطفي عالي، الشخصيات الحسّاسة غالباً مايمتازون بِموهبة أدبية او فنيّة لذا قد تكون أديبة او رسامة وتتمتع بذكاء لغوي او ذكاء بصري، كما ان انسحابها الاجتماعيّ وقضاءها اغلب وقتها منفردة قد يُنمّي موهبتها لأنه يسمحُ لها بممارستها و التعلم عنها اكثر
— السمات الجسدية : نظراً لعرضِ الندوب وحجمها مقارنة بيدي، قد تكونُ صغيرة البنية الجسمية، قد تكون نحيلة او وزنها طبيعي، ترتدي دائماً ملابس ذات اكمام طويلة وتُخفي المنطقة العلويّة من فخذيها لذا تتجنب ارتداء الملابس التي تكشِفُ تِلك المنطقة كملابسِ السباحة وغيرها
— الحالة الاجتماعية : قد تُمتلِك شخصية ارتيابية نظراً لحساسيتها وقلقِها وقلّة خبرتها الاجتماعيّة؛ لذلِك في الغالب قد تكون صداقاتها قليلة او ليس لديها اي صداقات على الإطلاق، كما انّها لا تدخلُ في علاقاتِ حب لذلك هي غير مرتبِطة
— الدراسة / العمل : قد تكون طالِبة جامعية، او خرّيجة لكن لا تعملُ في مجالٍ يتطلب الاختلاط بالناسِ بكثرة، قد تعملُ في مكتب او في مجالٍ ما عبر الأنترنِت
قطع علي تركيزي دخوُل دانييل وقولِه "أمازِلت تبحثُ إلى الآن؟ هل حصلت على شيء؟"
"لا..لا شيء" قُلتها بهدوء
"هل بحثتَ جيداً؟"
"نعم، وكلُ ما استفدته هو انني ادركت مدى تفشّي ظاهرة الـself-harm بين المراهقين والشباب"
"اراهِنُ ان اغلبهم يفعلونها للفتِ الانتباه لا اكثر"
"نعم ولكِن..لفتُ الانتباه قد يكون علامة على مشكلة جدّية قد تتفاقم مُستقبلاً ما لم تتم معالجتها، مِثل الفراغ العاطفي او الرغبَة في الشعور بقيمِة الذات واهميتها او محاولة استنجاد -محاولة لِلفتِ انتباه لمشكلة جديّة تؤرِق الفرد-، او وجود اضطراب شخصية هستيرية والذي بدوره يجب ان يُعالج، لِذا يجب اخذُه على محمل الجد خصوصاً لدى المراهقين"
"واو، الاطباء النفسيّون لديهم الكثير ليقولونه دائماً"
"وانتَ لديك الكثيرُ لتتذمّر حولِه.."
"دعنا مِن هذا، لقد فكرتُ في حلٍ جوهري في حالِة ان فكرة الموقع لم تنجح..اِسمع، ما رأيُكَ ان تجرح جسدك جُرحاً كبيراً و..ومميز الشكل في مكانٍ مكشوف؟ هذا الشيء سيُساعدك في إيجادِها حتى في مكانٍ عام"
"لا تُمازحني، إنها فتاة ووجود جرحٍ كبير في مكانٍ مكشوف لن يسرُها بالطبع"
"انا جاد، فكِر بالأمر؛ مكانٌ مِثل..مِثل الرقبة او التُرقوة مثلاً، ذلِك حتماً سيلفتُ الانظار حتى في الاماكنِ العامّة"
"واحرِمُها من ارتداءِ قلائِدها المفضّلة؟ اي نوعٍ من الاوغادِ تظنني؟"
"انك تُشعِرني انها تخافُ على جسدِها كثيراً، بِحق السماء انها تجرحُ يديها وفخذيها بإستمرار منذ ٤ سنوات، ذلِك لن يحدث فرقاً كبيراً بالنسبةِ لها"
"لا بُدّ من انها بالفِعل متأزمة من الآثار التي تمتلِكُها، لذا لن اكون وغداً واُضيف واحداً إليهم"
"آه سئِمت..دائماً ما تجد عيوباً في حلولي لذلِك سأتوقف عن إنعامِك بها" قالها ثُم دخل غرفته واغلق الباب
لم تمر إلا بِضعُ دقائق قبل ان يخرج من غرفتِهُ ويقول " حسناً دعك من جميع ماقلته، خطرت لي للتو اعظم فِكرة على الإطلاق! "
" وماهي؟ " قُلتها مسايراً له
"اجرح نفسك جُرحاً كبيرا في ظهرِك -وبالمناسبة بإمكاني ان اساعدك بهذا الامر-، ثُم اعمل كمُدلِّك! او..او لالا، انا سأعملُ كمُدلِّك! مُدلِّكٌ للنساء فقط لكي احصُر البحث قدر المستطاع"
"تقصِدُ لكي تُضاعِف عدد البشرية على الأرض"
"وذلك ايِضاً"
"دانييل، عُدْ إلى غرفتك" قلتها بهدوء
"تباً، لا احد يُقدّر افكاري النيّرةَ هُنا!" قالها دانييل بإستياء قبل ان يعود لِغُرفتِه
أنت تقرأ
Tu me manques
Romanceفي كونٍ موازٍ، الكُل ولِد بتوأمِ روح قُدِّر له ان يعيش معه بسعادة وحُب إلى الابد، مايربط بين توائِم الروح هو ان الاصابات او العلامات - مثل الحروق او الجروح - على جسدٍ شخص ما ستظهر على جسدِ توأمِ روحه على شكلِ ندبة، فماذا سيفعلُ طبيبٌ نفسي يرى ندوب ا...