أستـغفِر اللّـه العظِيــم وأتُـوب إلَيــه
🥀
بَينَما كَان الطّلاّبُ يمدَحونَ ثَبَاتهَا وَقُوّتها، كانَت هِيَ
تُشفِقُ علَى نفسِهـا، لَم يفهَم أحدٌ أنّها كَانت مُجبرةً علَى
الثّبَاتِ والقُوّة أمَـامَ الغُرابِيّ والعالَم أجمَع، لأنّها
مُحطّمة تمَامًا لا تملِكُ رَفاهِية الإنـهِيار!وَفِي ذلِك المَسَاء الشّتوِي البَـارِد، حيثُ إجتَاحَت
الرّياحُ القوِيّة شوَارِع سيؤول بِشرَاسَة، قرّرَت كستنـائِيّة
الشّعر، يُـوث، مُغَـادَرةَ الثّانوِيّة البـائِسة مُباشرَةً
إلَى مكَانِ عملِها، منـزلُ آلِ بـارك.مَع الألَمِ الذِي يَنبضُ فِي جَسدِها، تَعانقَت
مَشاعِرٌ مُتَضارِبَة فِي دَوَاخِلهَا. الكِتمانُ الذِي كَانت
تَعتبِرُه سِلاحًا فِي طَريقِها لِلتّحدّي، بدَأ يَتلاَشَى أمَام
جَحِيم العُنفِ الذِي اِندَلعَ في أعمَاقِها. كَانَت الشّجَاعَة
السّابقَة التِي عَرفـها الجَميع، تَتلاشَى فِي مُحاوَلةٍ
يَائِسة لإِعادَةِ السّيطرَة علَى نَفسِهَا.الصّمتُ الذِي كَانَت تتَلبّسُه عسلِيّةُ العَينَين باتَ مَهزُوزًا،
مُتشَقّقًا بِوَجِه تَوَتُّرِها العَمِيق. لَم تعُد قادِرَةً علَى التّعبِير
عَمّا بِداخِلهَا بِأيّ شكل. حتّى أنّها بدَأت تَشعرُ بِالغُربَة فِي
نفسِها، كَما لَو أنّهَا أصبَحت شَخصًا آخَر، غريبًا عَن ذَاتِها.كَانت تَرتَدِي ثيَـابًا تُشبِهُ الغِسـق، تلِك الثّيَاب التِي
تتلَاشى علَى أعقابِها الحُدُودُ بَين الجِنسَين فتُخفِي
جمالَها وَأنُـوثتَها. تلك كانَت طريقَتهَا الوَحيدة
حتّى تُحافِظ على ماتبقّى مِن شخصِيّتِها
القَوِيّة وَتزِيدَ مِن ثِقتِها بِنفسِهـا.موجةٌ ثانِية مِن الرّياح هبّت جعَلتها تـدثِرُ نفسَها
بِوشاحِها الصّوفيّ السّمِيك جيّدًا لِحِمايةِ
جَسدِهَا مِن البَردِ القَـارِس.اِجتَاحَتها رَعشَةٌ مِن الهـلعِ وَالرّهبَة، فِي طَرِيقها
إلَى مَكانِ عمَلِهَا، وَترَاقصَ الخَوفُ فِي عَينَيها المُترَقرِقتَين
بِالدّمُوع. تعثّرَت بِخطوَاتِهَا وَكأنّمَا كَانت تَحمِلُ عِبئًا ثقِيلاً
علَى كَتِفَيها المُتعَبَين. لَقد فقدَت السّيطرَة علَى نفسِها،
وَشَرَارَاتُ الإكتِئَاب ترَاقصَت حَولَها بِشكلٍ مُهَوّل.لَم تكُن يَومًا مِن النّاسِ المُؤذِيـة، لكّنهُم
جعلُوهـا تتغيّر بأذيّتهِم لهَا، بِظُلمِهم وتسلّطهِم علَيها،
لِذلك فإنّ ما مَافعلتهُ بمُعلّمةِ تـايهيـونغ أخـافهـا، الشّرّ
والغضبُ الذي إستَوطنَ فُؤادها فجأةً جعلَها تُحدّق
بيدَيها المُرتجِفة خائِفة مِن نفسِها!

أنت تقرأ
Gray
Fanfictionهيَ اِعتَادَت خَوض مَعاركِها وَحدهَا فِي عُزلتهَا، وَعِندمَا ظهرَ هوَ فِي حَياتِها إحتڪرَ مَفاتيح قَلعتِها كَاملة؛ حتّى يفرِضَ حِصارهُ عليهَا. والآن، تَجد نفسَها عالقَةً على السّلّم، فلاَ هيَ قادِرة علىَ العودَة لِرُوحِها المُحارِبة القدِيمة، وَلا ه...