رمَــادِي 19

11.2K 836 929
                                    

أستـغفِر اللّـه العظِيــم وأتُـوب إلَيــه

🥀

بخُطواتٍ مُتَسارِعَة، تَرَاجَع كُلّ الشُّعُور الغَاضِب
الَّذِي اِحتَلَّ قَلبَه، وَتَبَدَّلَ إِلَى قَلقٍ عَمِيقٍ وَخَوفٍ مَلحوظٍ،
يَكَادُ يَسمَعُ نَبضَات قَلبهِ الَّتِي كانَت تَتَسارَعُ مَعَ كُلّ خُطوَة
يَقُومُ بِهَا، كَانَ يَعلَمُ أَنّ الوَقت لَا يَفقـه شَيئًا عَن الِٕانتِظَارِ وَيَجِبُ عَلَيهِ التَحَرُّكُ بِأَسرَعِ مَا يُمكِن.

أبصَرَ عَسلِيّةِ العَينَين المُعَلَّقَة عَلَى حَبلٍ غَيرِ مُستَقِرٍّ
بِنبضٍ صاخِب، وَقَد إِقشَعَرَّ بَدَنُهُ مِن رُؤيَتِهَا تَتَخَبَّطُ بِتِلكَ
الطَّرِيقَةِ مُحَاولَةً التَّخلُّص مِنَ الحَبلِ الذِي يَلتَفُّ حَولَ
عُنُقِهَا، حَمدَ الإِلَه دَاخِلِيًّا عَلَى كَونِهَا لَا تَزَالُ عَلَى قَيدِ
الحَيَاةِ، لِيسرِعَ فِي الرَّكضِ نَاحِيَتِهَا.

«لاَ تخافِي يـوث! أنـا هُنـا! إصمِدي قلِيلاً!»

صَدَحَت كَلِمَاتُ جونغكـوك بِثقةٍ وَاضِحَةٍ،
وَفِي الوَقتِ نفسِه إرتَسمَت عَلَى وَجهِهِ تَعبِيرَاتُ الهَلَعِ
وَالخَوف، يَستَخدِمُ كُلَّ قُوَّتِهِ لِفَكِّ حَبلِ
المشنقَةِ الَّذِي يفتكُ بِحَيَاتهَا.

فَورَ تَحرُّرِهَا مِنَ الحَبلِ، اِعتَنَقَ جَسَدَهَا بِقُوَّةٍ
لِيَلتَحِفَا الأَرضِيَّةَ يسقُطانِ سوِيًّـا فِي هبُوطٍ إِضطرَارِيٍّ!
شَهِـقَت بِعُنـفٍ تَستَلّ أَنفَاسَـهَا، ثُمَّ دَاهَمَتهَـا مَوجَـةٌ
مِنَ السُّعَالِ وكأنّها علَى وشكِ تقيّئ نفسِهـا.

«أنظُرِي إليّ! أنتِ بِخيـر؟!»

تحدّث يركُن كفّيهِ علىَ وجنتَيها يُديرُها إلَيه
حتّى يحُدّ مِن نوبةِ هلَعِها عِند عجزِه عن رُؤيةِ طلائِعها
بِوضوح، ذلك أنّ القاعة آنذاك كانَت تغترّ بِضوءٍ خافِت
مُمتدٍّ عبر السّتائِر. لكنّها وَمَا إِن نَطَقَ مُحَاوِلاً طمأنتَهَا
وَأَدرَكَت صَوتَه، أَخَذَت تَصرُخ بِهستِيرِيَّةٍ
وتضرِبُ جانِبَي رأسِها بعشوائِيّة.

«لَستُ القَاتِلَة أُقسِم! أنـا لَم أقتُله! لَم أقتُله!
لقد كَان حادِثًـا أُقسِم!»

هُوَ وَعِنـدَمَا اِستَشَعَـرَ إِنهِيَارَهَـا وَفقدَانهَـا
لِنفسِهَا، قَامَ بإلتِقاطِ مِعصَمَيها يلُفّ ذِرَاعَيهِ حَولَهَا بِقُوّة. عصَف بِها الهَلعُ في حُضنِهِ، فبكَت بنبرٍ صاخِب، وَأَصوَاتُ بُكَائِهَا تُزلزِلُ القِسم الفـارِغ فيتضَاعفُ صدَاه.

هِيَ وَعَلَى الرَّغمِ مِن غضبِها وحنقِها علَى الغُرابِيّ،
لَم تَستَطِع إِخفَاءَ ضعفِهَا المُفَاجِئِ أَمَامَهُ. تَبكِي بُكَاءً
هِيستِيرِيًّا، كَمَا لَو أَنَّ كُلَّ هَذَا العَالَمِ المُحَطَّمِ الَّذِي
تَعِيشُ فِيهِ قَد تَحطَّمَ أَكثَرَ فَأَكثَر.

Grayحيث تعيش القصص. اكتشف الآن