إحبِس نفسك

40 13 0
                                    

& 5- الأعتكـــــــــــــــــــاف

الاعتكاف هو زيارة الله في بيته، والإنقطاع إليه فيه ، وحقّ علي المزور ان يكرم زائره ؛لذا كان النبي-صلي الله عليه وسلم- يعتكف كل رمضان عشرة أيام :فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً،..وآكدّ هو الإعتكاف في العشر الأواخر تحرياً لليلة القدر ،فالمعتكف قد حبس نفسه علي طاعة الله وذكره،وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه..قد عكف قلبه وقالبه علي ربه وما يقربه منه،فما بقي له همّ ٌ سوى الله وما يرضيه.

لذا ذهب الإمام أحمد إلي أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس حتي ولو لتعليم علم وإقراء قران ، بل الأفضل له الانفراد بنفسه،والتخلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه.

الحكمــــــة مـــــن حكيـــــــم

قال ابن القيّم:

"وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه: عكوف القلب علي الله تعالي وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق ، والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته،فيستولي عليه بدلها ويصيرالهم كله منه،فيصير أُنسه باللــــــــه بلاً عن أنسه بالخلق..فيَعُدّ ُ بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لاأنيس له ولا ما يُرح به سواه...فهذا مفهوم الإعتكاف الأعظم".

الوصفـــــــــــة الذهبيـــــــــــــة

والاعتكاف المطلوب اليوم ليس الاعتكاف الذي يجعل من المساجد مهاجع للنائمين ومجالس للمتزاورين، وموائد للأكل، وحلقات للضحك، ومرتعاً لفضول الكلام ..فهذا الاعتكاف لا يزيد صاحبه إلا قسوة في القلب وبعداً عن الله ...أما الاعتكــــاف المنشـود فهو الذي تسيل به دموع الخاشعين وترقّ ُ به قلوب المشفقين، وتُرفع فيه أكف المتضؤعين..انه الإعتكاف الذي لا يصرف منه لحظة في غير طاعة، ليكون بذلك علاجاً فعّالاً لثلاثة أمراض تعتبر من أهم علامات موت القلب ، وهي التي أشار اليها ذو النون في قـوله:

"ثلاثــــــة مـن علامـــــــــات مــــــــوت القلـــــــب:الأُنس مع الخلق...والوحشة في الخلوة مع الله...وافتقاد حلاوة الذكر"

^وبهذا فقط يمكن أن نعتبره أقصر الطرق إلي الاخلاص.

قال ذو النون:

"لم أر شيئاً أبعث لطلب الإخلاص من الوحـــدة؛ لأنه إذا خلا ..لم يرَ غير الله، وإذا لم يرَ غير الله لم يحركه إلا حكم الله، ومن أحب الخلوة فقد تعلق بعمود الإخلاص ، واستمسك بركن كبير من أركان الصدق".

***ومن أدلة كرمك اليوم أن تنثر أزكي العطور وأشذاها في جنبات بيتك، لتفوح أثناء الزيارة ، وتنشر البشر والسعادة، ومن أجمــــــل هـــذه العطــور اليـوم عطر نفاذ اسمــــــــــــــــــه:

الدعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء.

---------________---------________________
*كيف السبيل*

في ظل هذه الظروف التي تفرض علينا البقاء في بيوتنا.. ولا تسمح لنا بالأعتكاف في مساجد ربنا..كيف السبيل إلي التَمثُـّل بسنة نبينا الحبيب؟!

أقول لك...المقصود من الأعتكاف هو أن تحبس نفسك علي طاعة الله ولاتشتغل بشئ سواه..فلو منعتك الظروف من العكوف في المسجد..فأعتكف في بيتك..وتقرب إلي ربك ..ولاتسرف في مخالطة الناس..بل انفرد بنفسك..وناجي ربك وادعوه..

**عسي الله أن يرفع عنا البلاء**

معا نحو الافضل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن