الثانية صباحا

7 2 0
                                    

انزل في مثل هذا الوقت من الدرج راجعة لغرفتي..

كم الساعة على كل حال؟

القي نظرة على الساعة المعلقة في الحائط فإذا هي تقارب الثانية، تشع الارقام بوهج احمر كان النور الوحيد في المكان الذي صار اشبه بغرف تحميض الصور...

خطواتي ثقيلة، و بدأت اشعر ان الدرج لن ينتهي واني لن أصل الى غرفتي ابدا، خيالات كثيرة كانت تتلاعب بي في تلك اللحظات، نظرت اسفل الباب ورأيت النور مطفأ في الغرفة، حسنا لا بد ان اختي قد نامت، مهلا لأرى كيف ابدو..

عيناي محمرتان، منتفختان، وبهالات سوداء ممتدة تحتهما.. كما لو لم انم لأسابيع..

لا بأس على كل الضوء مطفأ في الغرفة ولن اشغله للوصول الى سريري، لا اريد ان يراني احد هكذا..

وصلت لباب الغرفة، يداي كانتا تولمانني جدا لسبب مجهول، وامتد الامر ليشمل الساعد كلية، رفعت يدي بصعوبة وفتحت بعدما اخفضت قبعة السترة التي كنت ارتديها على عيني.

دخلت وكنت ابتسم نوعا ما... فقط كنت افكر بما كان يحصل قبل ساعة، ما دفعني للذهاب لأعلى وما كنت افعله قبل قليل...

وقفت للحظة قرب المدفأة وعدت الى سريري امشي كالموتى الاحياء، خطوة بعد خطوة، وصلت اخيرا...

لم تبدو كل المسارات لا نهائية اليوم؟

رميت نفسي على ذاك السرير متسائلة لأول مرة ان كان يقدر على حملي، لأني كنت مثقلة بالكثير..

كل عضلة مني كانت متعبة بينما الالام تشتد في ذراعي الايسر، وتقترب شيئا فشيئا من قلبي..

اغمضت عيني، لست اشعر بالنعاس..

حسنا...

فتحتهما مجددا وفتحت هاتفي، شاشته مبللة، اجل هذه دموعي منذ قليل، تبدو خلفها تلك المحادثة مع صديقتي:

هي: تعبت جدا من كل هذا.. لا اطيق هذا العالم، لا اريد ان اتأذى مجددا...😞💔

انا: لا تقلقي، انت طيبة، سيكون كل شيء على ما يرام، ثقي بنفسك ولن يصيبك سوء بإذن الله، انا اثق انك ستتجاوزين كل هذا😁❤

ببساطة هكذا..

لم يمر الكثير على إرسال هذه الرسالة، ولا على الدموع التي لم تجف بعد من الشاشة. اذكر اني رفعت رأسي الى السماء، كنت متمسكة بسترتي من شدة البرد، لففت وشاحي مجددا لكن تلك كانت اخر حركة قدرت على فعلها قبل ان انهار، قبل ان اجثو على ركبتي واسمح لدموعي الحارقة بالنزول، كانت هناك حرارة شديدة منبعثة من جسدي وقتها، دخلت في نوبة بكاء ثالثة او رابعة، لا ادري بصراحة، اعرف اني قضيت ما يزيد عن ساعتين بين الدموع الهادئة، والغصة التي تتحول الى شهقات بكاء.. كنت احادث صديقة اخرى واخبرها ان مظهري مخيف بينما اضحك... كانت تعرف انها مجرد محاولة بائسة للتخفيف عن نفسي.

اغمضت عيني للحظة محاولة استرجاع ما حدث قبل هذا، والم ذراعي يزيد ويضعف يدي اكثر.. كل اللحظات التي قضيتها مع الاسرة خلال اليوم، كل لحظة كنت اختلق اي قصة كي امنع الدموع، كل مرة تسللت دمعة بين الابتسامات و سارعت بمسحها  كي لا يلحظ احد.. كان الامر صعبا لكن اكتشافهم للامر سيكون اصعب...

ثم... لا شيء، حتى جاءني صوت اختي صباحا:

- هبة، ماراكيش رايحة اليوم للجامعة؟¹

نمت حتى دون ان اتحرك في نومي ابدا.. قمت اجهز اغراضي و اشعر بالتعب اكثر مع كل حركة... حسنا، لا بأس، سيكون كل شيء على ما يرام، فقط سأشرب كأس ماء قبل ان اخرج، نظرات امي الفاحصة لم تفارقني، تصنعت ابتسامة، ولم تكن مقنعة، سألتني:

- هل كنت تبكين؟

صمتت للحظة، و تذكرت ان عيني تبدوان منتفختين جدا حتما، هذا ما يحدث حين ابكي قبل ان انام... وعدت للابتسام و قلت:

- ماما منيتك كور فارماكو² يبكيني؟³

___________
1 هبة.. الن تذهبي اليوم للجامعة؟
2 مادة علم الادوية
3 امي هل تظنين حقا انا درسا سيبكيني؟...

حين تريد الكتابةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن