لا أصدق أنى أدخل بقدمى إلى ذلك البيت الذى لطالما خشيت المرور بجانبه كان شعر رأسى يرتفع حينها من الخوف كنا أطفالا صغارا نجلس لنقص على بعضنا قصصا كثيرةعن هذا البيت فقد كان مغلقا لوقت طويل قبل أن تعود صاحبته وتقرر السكن فيه.
ولكن يبدو أنه قدرى أن أعيش بداخله فحياتى بداخل ذلك البيت ستتغير للأفضل الراتب الذى عرضه علىَّ حفيد صاحبة البيت لكى أمكث معها وأرعاها لم أكن لأحلم به ولو عملت لباقى عمرى عشرة آلاف جنيه فى الشهر الواحد إلى جانب أننى لن أفرط بعملى فى مشفى القرية هذا سيوفر لى الكثير من الأموال ربما سأبتاع بيتا متواضعا لى من راتب سنة واحدة وخاصة إن تكاليف معيشتى ستكون من البيت أيضا لا أمس فيها راتبى.
لست جشعة أو طماعة ولكن حياتى بائسة للغايةفقد ولدت لأسرة فقيرة والدى فلاح بسيط كان يعمل بالأجر عند أصحاب الأراضي الزراعية ووالدتى تخبز لنساء القرية وأحيانا تجمع الخضراوات من التجار وتبيعها فى أسواق قريتنا ومع ذلك لم يدخروا أى جهد فى محاولة جعلنا أفضل حال منهم ألحقونا بالمدارس وتعلمنا ربما لم يصل كل منا إلى مبتغاه، فينا من استطاع تغيير حياته وفينا من لم يستطع نحن تسعة أبناء خمسة رجال وأربع إناث استطاع أخى الأكبر(ممدوح) دخول الجامعة وصار مهندسا لكنه تركنا ورحل إلى المدينة حيث عاش هناك وتزوج ولا ينزل قريتنا أبدا لم تعد تلك القرية البسيطة مناسبة لمن هو مثله ربما يتذكر أبى كل فترة ويرسل له بعض النقود التى لا تكاد تسد أفواه إخوته الصغار أما أخى الثاني (رضوان) أصبح معلما وهو يعيش معنا بالقرية والثالث (صلاح)تخرج فى كلية التجارة لكنه لم يجد عملا فقرر ممارسة التجارة ولكن بشكل مختلف يشترى بضائع ويمر على بيوت قريتنا والقرى المجاورة لبيعها والآخر (سعيد) لم يستطع إكمال دراسته وخرج من المدرسة وصار يعمل بأى شيء يصادفه لكنه بسبب ذلك كان سليط اللسان لا يحترم أى شخص وكثيرا ما كان يقوم بضربى وإيذائى لكى أعطيه النقود نظرا لأننى الفتاة الباقية في المنزل ولم أتزوج بعد والأصغر(حسن) مازال بالدراسة أما نحن الفتيات فكان طريقنا مرسوما من الصغر ليس للمرأة إلا بيت زوجها مهما اجتهدت فى دراستها لهذا كان أبى يجبرنا نحن الإناث على الالتحاق بالتعليم الفنى والاكتفاء به أنا فقط من كسر هذا النظام رجوت أبى كثيرا أن أدخل بعد الشهادة الإعدادية الثانوية العامة لكنه رفض وبشدة وقال لا طاقة لى على دفع مصروفاتك التى لن أجنى منها شيئا ستتزوجى مثل باقى إخوتك الإناث، سأحتاج تلك النقود في تجهيزك حين تتزوجى لكن أخى رضوان وقف بجانبى وجعلنى التحق بمدرسة التمريض رفض أبى رفضا شديدا في البداية واعترض على تلك المدرسة بسبب بعض الموروثات الخاطئة القديمة عن الممرضات لكن بعدما أقنعه أخى فهو معلم وأبى يقتنع برأيه كثيرا فوافق خاصة عندما علم أننى سأستلم عملا بعد إنهاء الدراسة ويصير لى راتبا أستطيع منه أن أحمل هم نفسى وبالفعل صرت ممرضة ووظيفتى هذه هى من أحضرتنى إلى هنا اليوم خطوت إلى داخل البيت من البوابة الرئيسية التى كان يفصلها عن البيت طريقا طويلا ومشيت ناحية باب البيت يبدو أنه كانت هناك حديقة فيما مضى على جانبى ذلك الطريق لكنها الآن صارت أرضا بورا وهناك بعض الأشجار القليلة التى مازالت خضراء كنت أتلفت حولى لأرى معالم المكان قلت فى نفسى الكآبة تسكن هذا المكان بشكل غريب كانت هناك بعض الدرج الذي ينبغي أن أصعده أولا لأصل للباب وعلى يسارى شاهدت بئرا فى الحديقة موصدة بغطاء حديدى وسلاسل كثيرة تعجبت كثيرا من هذا المنظر كنت أبحث عما كان يخيفنى وأنا طفلة صغيرة ضحكت فى نفسى ثم طرقت الباب ففتحت لى( صفية) تلك من كانت تراعى شؤون المنزل من نظافة وطعام.
أعرفها جيدا هى من قريتنا ومات زوجها ولم تكن تنجب فقررت أن تكمل باقى حياتها في خدمة تلك العجوز.
فصاحبة البيت امرأة طاعنة فى السن مريضة مات كل أبناؤها وحين هم أحفادها بوضعها بدار مسنين لرعايتها طلبت منهم أن يعيدوها لمنزل عائلتها ومن كلفنى برعايتها حفيد من أحفادها وقد هاجر معظمهم للخارج ومن بقى فكان يعيش في المدينة بعيدا عن الريف وهم يمتلكون معظم أراضي قريتنا كما أن لهم مكانة مرموقة في قريتنا وكذلك المدينة ونفوذا واسعا سلمت على خالة صفية وقلت أين المريضة فقالت إنها بالأعلى نظرت للبيت الذى يبدو أنه كان فخما فيما مضى لكن الآن لم يعد كذلك كان عبارة عن بهو كبير وغرف كثيرة في الأسفل مع مطبخ كبير تجولت فيه لأشاهده وقد بدأت تلك الرهبة منه تختفى رويدا رويدا ثم صعدت إلى الأعلى لأرى من سأقوم بتمريضها كانت عبارة عن جلد على عظم كما يقولوا رسم الزمن على وجهها تجاعيدا لا تكاد تعرف ملامحها السابقة منها كانت تنام على سريرها حين رأيتها قلت فى نفسى لن تكون اقامتك طويلة هنا يا( سحاب ) هذه المرأة شبه ميتة فتحت المرأة عينها وقالت من أنت يا فتاة ابتسمت ووضعت يدي على فمي لأخفي ابتسامتى وقلت فى نفسى وهل لديك قوة لتتكلمى ؟
فأعادت سؤالها ثانية
قلت أنا الممرضة الجديدة سيدتى
قالت اقتربى
اقتربت منها فقالت أنا لا أحب الكسالى أتفهمين؟
قلت: حسنا سيدتى أفهمك جيدا اطمئنى أنا لست كسولة
قالت من الواضح أنك غبية لا يحضروا لى إلا الأغبياء حجرتك ستكون فى الغرفة الملاصقة لغرفتى لن تنامى معى لا أحب النوم مع أحد فى الغرفة
قلت بالطبع لم أكن سأنام معك بالغرفة
فقالت لا أحب أن تعقبى على حديثى أيتها الغبية!
قلت لها حسنا سأذهب لأرى غرفتى وأضع بها حقيبتى ثم سأعود إليكِ
قالت انتظرى وضغطت الجرس بجانبها فصعدت خالة صفية فقالت لها دعيها تمكث فى حجرة بهي وأطلعيها على الممنوعات فى المنزل
ذهبت وراء الخالة صفية وولجت معها غرفة كبيرة إلى يسار حجرة العجوز نظرت في دهشة يبدو الثراء الفاحش عليهم من منظر الأثاث قالت الخالة صفية :ستتعبى قليلا فى تنظيف الغرفة لا طاقة لى على تنظيف البيت بأكمله قلت لها لا بأس صمتت قليلا ثم قالت سأدعك الأن لترتبى أغراضك وبعد أن تنتهى وافينى فى الأسفل لأخبرك بنظام البيت والمتاح لك والممنوع عنك قلت حسنا يا خالة خرجت هى وبدأت أنا أدور حول نفسى الغرفة فقط بحجم البيت الذى نشأت فيه ربما تحتاج لتنظيف كثير لكن بشكلها هذا هى أفضل حال من بيتى السعادة تملكت قلبى لأننى أخيرا خرجت من سطوة أخى ربما سأدفع له ثمن خروجى هذا لكن لا بأس لكل شيء ثمن رفض والدى ووالدتى أن أقوم بترك البيت والعمل مع العجوز حتى أخى رضوان انضم إليهم في رأيهم لكن سعيد كان ينظر من ناحية أخرى كيف سيستفيد من عملى هذا فكان على أن أقتطع جزءا من راتبى له كل شهر لم أرتب سوى فراشى ثم تركت البقية حتى أبدأ اولا مهام عملى ذهبت للخالة صفية فقالت لى الطبيب على وشك الوصول الآن سيبلغك بالمطلوب منك تجاه السيدة أما أنا سأبلغك بما هو ممنوع فجلست الخالة صفية معى لسرد قائمة الممنوعات وبدأت حديثها "أبدا أبدا مهما حدث يا بنيتى لا تقتربى من البئر"………….…
(يتبع)
#رواية
#دموع_فى_بئر_جاف
#منى_وهبه
أنت تقرأ
دموع فى بئر جاف
Fantasyدنوت من تلك البئر والخوف يملأ قلبى بعد ذلك الحديث الذى دار بينى وبين العجوز شجعت نفسى قائلة تلك مجرد خرافات. كانت الأتربة تغطى البئر فنفضتها عنها فوجدت منحوتا عليها صورة امرأة تبكى وكتب بجانبها "الحب أمنية والأماني تتحقق حين يستحق كل منكما الآخر...