الجزء الثاني

15 1 0
                                    

حين بدأت حديثها بالكلام عن البئر انتابنى الهلع وقاطعتها قلت ولماذا يا خاله ما بها تلك البئر؟
قالت أنا لا أعلم يا بنيتى ما بها!!
تلك التعليمات التى قيلت لى حين وضعت قدمى فى هذا البيت وأنا مسؤولة عن سردها لكل من أتت تعمل في مثل وظيفتك.
فقلت وهل أتت أخريات للعمل غيرى كنت أظن أننى الأولى .
قالت نعم جاءت الكثيرات لكن من المدينة ولم تمض أى واحدة هنا أكثر من أسبوع منهن من خافت حين استمعت للممنوعات ومنهن من رحلت بسبب أن السيدة كبيرة في السن ولسانها سليط والممرضات لا تحتملن كلماتها لكن وللحق هى طيبة القلب ومسكينة لم تكن تحب هذا البيت على أية حال لكن خوفها أن تمضى أخر عمرها بدار رعاية ألجأها لطلب العودة لهذا البيت الذى كانت تخشى أن تمكث فيه فيما مضى .
بادرتها قائلة عدنا لنقطة البداية لماذا الخوف استمعت لقصص كثيرة فى صغرى عنه ولكن لم أشاهد شيئا بعينى فقالت وأنا أيضا مثلك لم أشاهد شيئا والبيت لا أشعر فيه بشيء مخيف على الاطلاق لكن سيدتى تقص حكايات غريبة عنه وعن تلك البئر وللحق لم أقترب منها أبدا برغم أن باب المطبخ الخارجى يقع مباشرة أمامها إلا أننى أتحاشى الاقتراب منها فقد سمعتها تتحدث عن جان يسكنوها حفظنا الله يا بنيتى فاقتربت منى كثيرا ومالت علىَّ وقالت( اللهم اجعل كلامنا خفيف عليهم )
وأيضا تلك الغرفة آخر الرواق غير مسموح لأحد بالدخول إليها أبدا ما عدا ذلك فالبيت كبير جدا ومسموح لك بالتجول فيه كيفما شئت يا حبيبتى أهم شيء وهو آخر الممنوعات ألا تخرجى من غرفتك بعد منتصف الليل حتى يؤذن الفجر .
صمت قليلا وقلت موافقة ولكن لا أنكر أن شيئا ما جعلنى أخشى المبيت في البيت استأذنتنى الخالة وذهبت لتفتح الباب فكان الطبيب قد أتى نادتنى لكى أصحبه للأعلى وأعرف كل شيء حول السيدة كنت دوما أخشى لقاءه فهو من ضمن الأسباب التى دفعتنى لهذا العمل إنه يوسف صديق طفولتى كان يكبرنى بعدة أعوام وكان أبى أحيانا يعمل في أرض والده هكذا تعرفت إليه في الصغر كنا نرتاد نفس المدرسة لكنه كان أوفر حظا منى لأنه صبى التحق بالثانوية العامة ودخل منها كلية الطب وصار طبيبا أما أنا فمجرد ممرضة وأدت حلم حياتى بالزواج منه  ففى قريتنا الطبيب يتزوج طبيبة والمهندس يتزوج مهندسة والممرضة مثلى تتزوج ممرض أو أى وظيفة متواضعة الوظائف في مجتمعنا هى من تتزوج وليس البشر قطع حبل أفكاري صوت يوسف وهو يخبرنى أنه سعيد أنى وافقت على اقتراحه بالعمل في بيت السيدة قلت أتمنى أن أكون عند حسن ظنك يا دكتور يوسف
قال أنت دائما عند حسن ظنى يا سحاب لهذا الأمر قمت بترشيحك لحفيد السيدة حتى تكونى أنت ممرضتها .
صعدت معه للأعلى وقام بالكشف عليها وأخبرنى بكل التعليمات ثم نزلت معه للأسفل كان في طريقه للرحيل فالتفت لى وقال لا تصدقى أى شيء يقال لك هنا أخبرتنى الممرضات السابقات  عما قالته صفية لهن  ولكن أعلمى يا سحاب أن تلك مجرد خرافات قلت له بثقة شديدة فأنا لم أشأ أن أبدو أمامه كالبلهاء طبعا لم أصدق أى شيء فابتسم وقال أتمنى لك ليلة سعيدة
أغلقت الباب خلفه ووقفت وراء الباب وقلبى يكاد يقفز من الفرحة لقد تمنى لى يوسف ليلة سعيدة ولكن سرعان ما عاد الحزن يخيم على قلبى تذكرت أنه قد خطب طبيبة من القرية المجاورة لنا ولم يبق على إتمام الزفاف سوى شهور قليلة قلت لنفسى أفيقى يا سحاب أمنياتك مجرد خيالات لن تتحقق أبدا
صعدت لغرفة العجوز لكى أطمئن عليها فقالت اقتربى وساعدينى لأجلس فقمت بالاقتراب وساعدتها بالفعل فقالت ما اسمك يا صغيرتى ؟
شعرت بألفة غريبة معها حينها قلت اسمى سحاب قالت كم يبدو غريبا هذا الاسم لم أسمعه من قبل قلت حين رأت والدتى أننى جميلة أخبروها أننى (ابنة  موت )ويجب أن تسمينى اسما غريبا قالت أمى أنها نظرت للسماء تناجى ربها وكانت السحب تملأ السماء فاطلقت اسم سحاب علىَّ
ضحكت العجوز قليلا وقالت هل تعرفين اسمى؟ قلت لها كلا يا سيدتى .
قالت اسمى (ضي القمر) قلت لها ما أجمل هذا الاسم قالت أطلقته جدتى عليَّ نسبة إلى جدتى الكبرى صاحبة البيت الأصلية لم تكن من هنا كانت أصولها فرنسية وكانت تسكن المدينة واشترت هذا البيت وأقامت فيه وكانت جميلة جدا لدرجة لا توصف ذكرنى جمالك بها كنا نمتلك صورة لها فى الأسفل ولكن قاموا بازالتها ووضعوها فى غرفتها تلك التي لا بد أن  صفية قد أخبرتك بعدم الاقتراب منها .
كان الفضول يدفعنى لمعرفة المزيد وهممت بسؤالها ولكنها بادرتنى قائلة كم الساعة الآن نظرت في هاتفى فكانت الحادية عشر مساء فقالت احضري لى دوائى واذهبى لغرفتك ولا تخرجى منها بعد منتصف الليل قلت ولم ؟
قالت ألم أقل من قبل أنك غبية !!
تغيرت المرأة في ثوان نظرت إليها بامتعاض وجهزت لها ما أرادت ثم خرجت لغرفتى أنا أساسا أحب النوم باكرا نمت نوما جيدا في هذا المنزل والغريب أنى شبعت من النوم وهذه أول مرة تحدث في حياتى حين فتحت عينى فى الصباح كنت أشعر بسعادة غامرة قمت فورا وارتديت ملابسي ودخلت حجرة السيدة فوجدتها تتناول فطورها قمت بإعطائها دواءها ثم انطلقت إلى عملى كان الأمر سهلا جدا بالنسبة لي وفى أثناء خروجى نظرت إلى تلك البئر فحدثتنى نفسي أن أقترب منها لأرى ما مشكلة تلك البئر ثم وقع في نفسي شيئا من الخوف واستدرت وأكملت طريقى إلى الخارج لم أكن أعلم أن تلك البئر ستغير كل شيء فى حياتى.............................
(يتبع)

#رواية
#دموع_فى_بئر_جاف
#منى_وهبه

دموع فى بئر جافحيث تعيش القصص. اكتشف الآن