أتبكي أرواحُنا تعباً؟

133 14 96
                                    

.
.
.

لطالما تجاهلتُ نفسي، كنتُ موقناً بأني على ما يرام، وأن لا شيء بي، وكأني خائفٌ من الغرقِ بداخلي، وكان هذا خطأي الرابع.

.............

مرّ يومان على ذلكَ اليوم، ومن حينها لم أرى رامي، ولا أعلم هل هو بخير حقاً أم هيّ كلماتٌ يصفُها لي حينَ اتصل لأطمئنّ عليه، ولا أستطيعُ تخيمنَ هذا من صوته، لأن صوتهُ هادئٌ كثيراً، حتى إن ابتسم، صوتهُ لا يُبيّن هذا،
ولا أدري هل يجعلهُ عماد يقهقهُ كثيراً كما كان يفعلُ سابقاً؟

وأشعرُ بالوحدةِ كثيراً، لأننا معاً بمدينةٍ واحدة ولا يفصلُنا عن بعض سوى بعضُ الكيلوميترات، ولكني لا أستطيعُ رؤيتَه.

تأملتُ السماء، محاولاً تفريغَ رأسي لأرسم، ولكني ولسببٍ ما قررتُ رسمَ رامي وكأنه عالقٌ بالسُحبِ البيضاء.

وبدت لي هذهِ الفكرة تناسبُه جيداً، يبدو شفافاً جداً كالغيوم، سأُهديها لهُ حينَ أراه.

هل يجب عليّ الهروب من هنا والذهاب لمنزل عماد حينَ أنتهي من رسمها؟

حسناً، هي فكرة جلال، هو شجاعٌ كثيراً ليفعلها، مسكتُ الفرشاة وبدأت، وعقلي لا يزالُ يُفكر، لِمَ نتجاهل مشاعرنا فقط لأن البالغين أخبرونا بهذا؟

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

جالت أنظاري المكانَ من حولي، كانَ عماد مُستلقياً على الأريكة، ابتسم حينَ رآني لأنها أولَ مرة استيقظ بها بمفردي.

يبدو أن حالتي تطورت قليلاً، فلا أشعرُ بوهنٍ في عظامي، كما أنّي أودُ الأكل، جلستُ على الاريكة الأخرى مقابلاً له،
وهمست وأنا أتثاءب :

"أنا جائعٌ قليلاً."

لينظر لي باستغراب ويهمس :

"ماذا؟"

ابتسمتُ وأردفت :

"أشعرُ بالجوع قليلاً."

لينظر لي بدهشة ويقول :

"هذا مذهل!"

لازلتُ ابتسم له، استقامَ وأكمل :

"طهوتُ المعكرونة على الغداء، وقد تناولتُها لكني أبقيتُ جزءاً منها لك، سأقومُ بتسخينها هل تمانع؟"

هززتُ رأسي نافياً وأنا أنظرُ للساعة على الحائط، إنها الرابعة عصراً، يمرُ الوقتُ سريعاً هنا، بعكسِ حينَ كنتُ بمفردي كانَ الوقتُ ثقيلاً جداً على قلبي، وكنتُ أبقى بالساعاتِ أُراقبُ الناسَ من نافذةِ غرفتي والوحدة تأكلُ قلبي، لكني هنا، مع عماد والبقية.

سماءٌ | تفقدُنا الأمل. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن