أنينٌ بلا دموع.

190 18 16
                                    

.
.
.

داخلي يعمُه الفوضى، وخارجي ساكنٌ وهادئ، بِتُ لا أُحاول ترتيبَ الداخل، كي لا أخسر هدوءَ الخارج، فأضعف، وأبقى بشتاتٍ موحش، لذا رفضتُ إصلاحي،
وكان هذا خطأي الأول.

.............

أخبرني عماد أني مفعمٌ بالمشاعر، وأنّ قلبي لطيفٌ كلطافةِ شكلي، وأنّ روحي تُشبهُ روحَ أمل، وهذا يعني أنّ لديّ أجنحة بيضاء، ولكن لمَ لم يأخُذني الموتُ بعد؟

عبرنا الطريقَ سيراً، لم يكُن بعيداً، لكني استمتعتُ بصحبةِ عماد.

فهمتُ كلام جلال وأيمن، روحُ عماد نقية، وهذا ينعكس على تصرفاته، أخبرني أنهُ طبيب، وأنهُ يُحب مهنته، أخبرني أن لديهِ أخٌ توأم، وأنه يُشبههُ بكل شيء، لكنهُ ليس طبيباً، أخبرني بأني أُشبهُ أمل، وأن موتها كان صدمة للجميع، أولُهم خالد.

أخبرني أنهُ لا بأس إن شعرتُ بالوحدةِ، وببرودةِ قلبي، لا بأس إن خسرتُ ذكرياتي، مشاعري وانفعالاتي، لا بأس إن ركعتُ باكياً، لأني لم أتمكن من شُرب مشروبي المفضل، ولا بأس لو أخطأتُ العزف وانا أعزفُ مقطوعة لموزارت، لا بأس إن صرختُ بصوتٍ عالٍ، ولا بأس لو علِم العالم بكوني فاشل، لا بأس بكل هذا، هذهِ ليست نهايةَ العالم، العالم لم ينتهي بسبب حزني لذا يجب عليّ الإكمال.

لم أشعر بطولِ الطريق، برفقةِ عماد كانت الأشجارُ العارية في الخريف تبدو مُلونة وكأنها في الربيع، وكنتُ أشعر أنّي بِلا ألم.

حينَ وصلنا للمنزل، صُدمنا بكل تلك الضجة، كنتُ لا أزالُ واقفاً أمام المدخل في حديقةِ القصر، أسرعت شقيقة أيمن ناحية عماد، وأخبرتهُ مُسرعة : 

"خالد استفرغ دماً ولا يستطيعُ التنفس."

ليركُض عماد، عرفتُ الآن ماهيةَ أن تكونَ طبيباً، هذا يعني أنكَ ستظلُ تركض، وتستمر بالركض، بأي مكانٍ وأي زمان، سوف تبقى تركض لإنقاذِ حياة، أو تشيّع وفاتها.

نظرتُ للسماء، كانت مُزينةٌ بالنجوم، وتساءلت :
هل ستأخدُ السماء خالد أيضاً؟
هل سيُفقدني الموت أحبائي شيئاً فشيئاً؟
مهلاً لحظة هل أُحب خالد؟ لمَ الموتُ لئيمٌ هكذا؟

أشعرُ بوخزٍ بقلبي، ابتعدتُ عن الباب، أنا أُريدُ البكاء، سواءً بذرفِ الدموع، أو بجعلِ الكمان يبكي.

أغمضتُ عيناي، وبكثيرٍ من الانانية، وفيضٍ من القلقِ والخوف، أتمنى ألّا تنمو أجنحة خالد البيضاء، وأن تبقى سوداء لنستمر حتى بعد فُقداننا أمل.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كنتُ للتو لاحظتُ عماد، ولم أرى رامي، ولوهلةٍ انتابني الهلع، لكني لا أُريدُ إخافةَ من حولي للتوِ أنقذنا خالد.

سماءٌ | تفقدُنا الأمل. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن