٣

16 1 0
                                    


يرن جرس الهاتف في مكتب علي فيرفع سماعة الهاتف ليتفاجئ بصديقه عامر يقول تعال إلي بسرعة ويغلق الخط .

يسرح علي في تفكيره / يبدو أن عامر غاضب من مقترح رفع رواتب الموظفين   /بالتأكيد أني أخطأت / ربما كان يجب أن آخذ رأيه قبل طرحه في الإجتماع / يالي من أحمق سببت لصديقي الكثير من المشاكل / لو قرر عقابي سأقبل بكل أريحية فأنا أخطأت /  يتفاجئ بأنه مازال على مكتبه فينهض مسرعا ليتجه لمكتب الرئيس .

في مكان آخر في الشركة يتجول كريم على جميع من كانوا في الإجتماع السابق ليستفسر منهم عن رأيهم في موضوع رفع الرواتب .

ويسأل بطرق ذكية وغير مباشرة عن وضعهم المالي ووضع كريم متسائلا أين يذهب علي براتبه الكبير جدا وهل هو يفكر في الموظفين أم يسعى لمصالحه الشخصية التي يستبعد كريم أن تكون لأجل المال فقط_ بالأصح هو يشكك بمكر  في نزاهة علي وإخلاصه لرئيس الشركة _   تاركا الموظفين الذين يثقون في علي بشدة يشككون في نواياه الحقيقية .

( كريم رمى بذور الشك في صحاري لا تهطل عليها الأمطار لعقود  وتركها لتموت في تلك المناطق الرملية .........  فلم يكن أحد أبدا سوف يصدق كريم ضد علي بأي حال من الأحوال نظرا لسمعته الطيبة  ..... هم سيعتبرونه يهذي فقط أو يختبر رأيهم في علي خصوصا وأنهم أصدقاء مقربون ) .

يدق الباب

عامر تفضل يا علي .
يدخل علي في حياء شديد وشعور كبير بالإحراج مسلما ويقف أمام مكتب عامر .

عامر : و عليكم السلام . تفضل يا صديقي العزيز بوجه حنون .

ينخلع قلب علي من مكانه محرجا أشد الإحراج  شاعرا بأنه قد خان صديقه المقرب  .

_وهو شعور من الوفاء الأحمق الممزوج بالغباء و هو غير مبرر إطلاقا فهو لم يطرح إلا مقترح بحسب ما قدَّر وضعه الصعب وأسقطه على الموظفين الأقل راتبا منه وقد رفض المقترح وإنتهى الأمر _ .

يجلس علي ناظرا بإستحياء إلى عامر الذي يبتسم قائلا : يبدوا بأنك تعاني من مشاكل مالية ولذلك قررت صرف ثلاثة رواتب كمكافئة لك ..
_ يبهت علي  ويشعر بغصة شديدة لأن صديقه قد اعتقد بأنه إنما أراد رفع الرواتب لأجل مصلحته فقط ويريد علي أن يتكلم... _
...فيلاحظ عامر ذلك ويكمل وهذا ليس له علاقة بمقترحك في الإجتماع الذي يعتبر مقبولا ولكن سيتأجل تنفيذه كما أشار كريم  فقد كنت أنوي مكافئتك منذ مدة لجهودك في تطوير الشركة التي أصبحت بفضلك في المرتبة الخامسة وتسير بسرعة لتكون الأولى قريبا .

علي مفكرا _ لقد أساء الظن بي كما توقعت لا يمكنني قبول هذا المال إطلاقا ..... حسنا ،  لكن إذا رفضت ذالك سيعتبرها إساءة أخرى له وسوف يشعر بأني تعمدت ذلك لكسب الموظفين على حسابه وليس مصلحة الشركة وهذه أسوء من الأولى .... يارب سددني للصواب ... أنا لا أجيد التصرف وهو يكرمني دائما ويسعى لإرضائي يالي من ناكر للجميل _.

علي أين ذهبت علي هيييييي علي يجيب علي نعم نعم .

عامر: أين شردت وبماذا تفكر ؟

علي : أنا هنا .. سأقبل المكافئة إكراما لك يا صديقي فقط ..... متنهدا .

وأريدك أن تعلم أني حين طرحت  مقترحي كانت مصلحة الشركة عندي قبل مصلحتي الشخصية وذلك لما رأيته وعايشته في نقص المال من التفكير الجانبي الذي يؤدي لتشتت العقل عن  العمل وإنشغاله بالتفكير بنقص الماديات وبالتأكيد أن عقلا كاملا عندك في العمل خير من نصفه.

عامر : كلام جميل ولذلك قبلت مقترحك بأريحية تامة لثقتي بك وبكفائتك .

علي : شكرا لك على هذه المجاملة .
أتسمح لي بالإنصراف .

عامر : بالتأكيد..... تفضل.

يخرج علي بفرح ممزوج بالمرارة
فرح بمكافئة غير متوقعة ستساعده في حل أزمته  ومرارة تعتصر قلبه بسبب شعور بشراء موقفه بمكافئة .
برغم يقينه بأنه ماكان ليستلمها إلا إكراما لحق الصداقة .

يدخل كريم على عامر ويغلق عليهما الباب .

في منزل علي يأتي ونش لسحب سيارته لأجل إصلاحها فتلاحظ هيام الأمر مستغربة من أين لزوجها النقود لإصلاح السيارة وبينما هي منهمكة في التفكير
تصحى على صوت طفلها أيمن (٧ سنوات ) ماما ...ماما ....ماما الكهرباء ولعت .

تنسحب إلى الداخل لترى صدق أيمن فيزيد إستغرابها فهي تعرف زوجها لا يستطيع أن يجد أي دخل مالي غير راتبه آخر الشهر واليوم ٢٠ ....حسنا ياخبر بفلوس بعد ساعه يبقى ببلاش .

يدخل علي لتُصب عليه الأسئلة كالسيل فيتهرب بأنه سيجيب في المساء عن كل الأسئلة.

تجتمع العائلة على العشاء تحت أنوار الكهرباء التي حرموا منها ثلاثة أشهر بجو حميمي حول طاولة صغيرة لأربعة أشخاص وهم :
علي في  رأس الطاولة
وهيام مقابه
وعن يمين علي إبنه البكر أيمن
وعن يسار علي إبنته المحبوبة نرجس

بسم الله يبدؤن الأكل
أما هيام تكاد تمتلئ شبعا بالأسئلة التي تكفيها عن الأكل فهي من بعد الظهر تجمع أسئلتها لهذه اللحظة وفضولها يكاد يقتلها

يلاحظ علي ذلك ويضحك في نفسه ويقول بوجه بارد : لماذا لا تأكلين حبيبتي ؟!! سيبرد عشائك .

ترد هيام بسرعة: لماذا لا تخبرنا لقد جاء المساء ؟
علي ضاحكا : بعد العشاء وربما قبل النوم وربمااااا.
تقاطعه هيام : لا تكن قدوة سيئة للأولاد بخلف الوعد .

تنفجر قهقهة كبيرة لعلي الذي كاد أن يقع على قفاه من شدة الضحك .

تكتفي هيام بالنظر .

علي بعد أن استطاع ضبط نفسه من شدة الضحك : أنا لم أعد الأولاد بأني سأخبرهم . و مع ذلك سأخبرك هذه الليلة حتى لا تنفجري إذا تأخرنا للصباح ..... ضحك الجميع  وأكملوا عشائهم .

لقد أدركت هيام مراد علي من إخفاء الأمر عليها بأنه كان يرغب في سهرة رومانسية هادئة خصوصا أنه أخذ إجازة في اليوم التالي _ برغم انه لم يخبرها بالإجازة _ لهذا الغرض فقد كانت الظروف المحيطة به تمنعه حتى من النوم الهادئ فما بالك بأمور القلب .

بالرغم أن القلب إذا إرتاح يشعرك بالراحة ولو كنت في الجحيم وإذا شقي لم تنعم بحياتك ولو كنت تملك الدنيا وما فيها...............تابع.........👈

عايش عنادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن