الجُزء التّاسِع

425 59 10
                                    

بسم الله
-

كنتُ احمل مضرب البيسبول الخاص بأخي موجههًا اياه الى الواقف امامي مهددًا اياه: «إن لم تبتعد سأحطمك بِهذا المضرب»
عندها فُتِح الباب لأرى شابًا اخر ذو لشره شاحبة وملامح يتخللها الهدوء تشبه ملامح القطط عينان ناعسه وشعر اسود، فغرتُ فاهيي لأستوعب ما يحصل واغلقه ثم عُدتُ للتهديد، تقدم لي الفتى ذو الملامح القطية ليردف مهدئًا إياي:
«هدأ من روعك، نحن بشر.»
كلمة نحن بشر كانت كصخرة التي اُزِيحت عن صدري لأستطيع التنفس اخيرًا، رميتُ المضرب لاهم بتوضيح موقفي:
«يا رفاق، انا اسف لقد كانت نوبة خوف فحسب.»
همهم الآخر الذي كِدتُ اضربه بالمضرب ذو البشرة الحنطية والشفتان الممتلئات اضافه الى عيناه الكبيرتان وشعره البندقِي، انزلت رأسي خجلًا مما فعلته عاضًا على شفتاي المسكينة.
سمعت الصوت الندّي العائد الى الفتى ذو الملامح القطية يسألني:
«هل انتَ وحدك؟»
هممت بالإجابة: «كلا انا اعيش مع والداي وأخي الذي يدعى جونغكوك، بالمناسبة انا اسمي هوسوك يمكنكم مناداتي جيهوب فقط، انا طبيب بيطري اعمل في مستشفى ديغو للبيطرة، لست من ديغو بل من سيؤول لكنّي انتقلت هنا من اجل العمل.»
ابتسمت ابتسامة مشرقة في آخر الكلام لأسمع صوت ذو الشعر البندقي السَاخر:
«سألك ان كُنتَ وحدك في البيت لم يطلب سيرة ذاتية.»
ليرد عليه الآخر: «لا بأس جيمين، بالمناسبة انا ادعى يونقي تشرفت بمعرفتكَ.»
مدَ يده ليصافحني مع ابتسامة زينت وجهه فصافحته مع وضع تلك الابتسامة المشرقة على وجهي، ليسألني المدعو يونقي ولاحظت تغير ملامحه عندما ذكر اسم جونغكوك تحديدًا: «قلتَ أن لكَ اخًا يدعى جونغكوك، اين هو واين والديك؟»
عبستُ لأسرد له ما حدث، عندما جاء والداي من السفر فكانت تلك سفرة عمّل لكن لا أعلم كيف تحولتْ الى شهر عسل آخر يقضيه والداي مع بعضهما، تركاني انا وجونغكوك وقد وكلوا رعاية جونغكوك لي؛ بما إني الأكبر هنا، واليوم تحديدًا عاد والداي وبدأت المشاكل بالظهور اولها الآليين التي غزت كوريا من العدم، فعندما وصلا الى باب البيت سمعا صوتًا غريبًا فخرجا، أرادَ جونغكوك أن يلحقهما لكنّي منعته من ذّلك فبالتالي عندما كنتُ في الأعلى ابحثُ عن حاسوبي لأرى نشرّة الاخبار؛ بما أن جونغكوك سكب الماء على التلفاز فعطلهُ، عندها نزلتُ لأتفقد جونغكوك؛ لأنه ليس من العادة ان يكون صامتًا لأُصدَم عندما رأيت باب المنزل مفتوحًا وحقيبة سفر أبي غير موجودة فخمّنت انه هرّب، دخلتُ في حالة هيسترية عصبية وقتئذٍ؛ بسبب تفكيري بماذا سأقول لوالدي إن لم يعدْ جونغكوك، قد اختفى قبل يومين بتاريخ السادس عشر من يوليّو والآن بالفعل التاسِع عشر من هذا الشهر.
شعرتُ بعيناي تتخذ الدموع فيها موضعًا ليربتُ جيمين اللئيم على كتفي لكن يونقي كان ذو وجه لا يبشر بالخير ليردف قائلًا وكأنه يريد التحقق من امر ما:
«هل تعرف تايهيونغ؟»
ذُهِلت عندما قال اسمه لأردف بسرعه وعلامات الذهول لم تختفي من وجهي:
«بالطبع، هو صديق جونغكوك المُقرب!»
صرختُ في آخر الجملة وصدقًا لا أعرف لمَ صرختُ، لاحظت تغير نظرات يونقي اتجاهي ليردف بصوت لا يبشر بأي ذرة خير:
«تعالَ معيّ.»
اتبعتهُ وانا مُستغرِب من انقلابه المُفاجئ، وفور رؤيتي للشيء الذي اراني اياه انفجرتُ باكيًا بكل قوتّي، مكررًا كلمة مستحيل كلما كان يونغي يسرد ما رآه وعيناي متعلقة على ذلك الشيء.
نزل الثلاثة الى الطابق الارضي؛ لرغبة يونقي ان يري هوسوك شيئًا ما، اراه تلك الحقيبة التي وجدوها في الغابة التي كانت مليئة بالملابِس، فور ما لمحها هوسوك حتى جهّش بالبكاء، خمّن يونقي ان هذِه هي حقيبة والده التي هرب بِها جونغكوك ليردف: «قد عثرنا على هذِه الحقيبة في مُنتصِف الغابة وكان هناك حولها بعض الدماء، لكن لم نجد أي جثة...»
لم يكمل يونقي كلامَه بسبب صراخ هوسوك المُفاجئ بعلو صوته ليضع جيمين يدّه على فم هوسوك قائِلًا: «ستَجذِب الآليين ايها الاحمق.»
نظر هوسوك الى جيمين ليحتضنه بكِل قوته ليصدم جيمين من فعلّة هوسوك، بادلِه العناق لان خسّارة شخص عزيز عليك ليس سهلًا وهذا ما يحصل مع هوسوك، اردف هوسوك بين شهقاته التي يحاوِل كتمانها:
«كُنتُ اخًا سيئًا، طالمّا اراد جونغكوك أن العب معه بالألعاب الالكترونية لكنّي كنتُ ارفُض و اؤجل الأمر؛ بسبب انشغالي، كنتُ اغلب الوقت مشغولًا في حين آخر هو كان في آمس الحاجّة الي، كان يقول لي كيف يمدحّه اصدقاءه؛ بسبب انّي اخاه طبيبًا بيطريًا لكن كنتُ ارى بوضوح أنه ليس سعيدًا بذلِك، كنت اقول لِنفسي انا الأخ المثالِي، كنت احاول أن اقنع نفسّي بعدم الشعور بالذنب، والآن فاتَ الأوان أن العب معه، فات الوقت أن اكون الاخ المثالي حقًا.»
ادمعَت مُقلتا يونقي؛ بسبب كلام هوسوك مما جعله يفكِر إن كان الأبن المِثالي بنظّر والديه يومًا، فُبمجرد أن تذكر يونقي والده حتى بدأ البكاء بصمت، ظنّ جيمين أن يونقي تأثر بِكلام هوسوك لكنه لا يعرف مدى عِمق ندب يونقي، اثناء موجة البكاء هذِه فُتِح الباب ليصمت الجميع ناظرّين الى ذلك الجسد المُتمركز خلفَ الباب.

-
انتِهى الجزُء التاسِع.

 نسختان: بين قلب وآلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن