الجُزء الأول

295 44 22
                                    

قد كان يومًا ثقيلًا في العمل فبِحُكم عملي كَمُدرس تاريخ بعد إنتهائي في عملي بالمدرسة ثُم الدروس الخاصة للطُلاب ذوي الفهم السميك قليلًا، آخذ الليل لي وحدي كَملاذي من تَعب العَمل.

اليوم المكتبة تُشير لي بِإغراء لأن أذهب لها لأتفحص ما بِها من مجموعات جديدة حَيث أنّي قد قاربت على إنهاء مُعظم مجموعاتي، ولكن ماذا عن المال؟ ألا يجب أن أصرفه بحكمة وأن أكف عن بعثرته في القهوة والكُتب النادرة؟، لا بأس يا مِغوار فيجب على كُل مناضل أن يأخُذ إستراحة مُحارِب وأن يُدلل نفسه بين الحين والآخر.

في خضم مشاوراتي لنفسي وجدت أن قدماي قد قادتني للمكتبة بالفعل فدفعت الباب بهدوء ودخلت لِكارما، السيدة صاحبة المكتبة ذات الملابس السوداء والإبتسامة العبوسة نظرت لي من خلف نظراتها وإبتسمت إبتسامة مُخيفة للجميع ولكنّي أعرف أنه قمة الود لها، لأني عاصرت كارما خلال عشرة أعوام فأعرف طباعها جيدًا

«أيُها المُعلِم، امشِ معي للمخزن»
أمرتني كارما بهمس بينما تتجه بساقيها الطويلتان وشعرها حالك السواد شديد الطول الذي يُخايلني بتطايره يمينًا ويسارًا تُجاه المخزن ومراتٍ يجرح عيني، لأتبعها..

«هُناك مجموعة من الكُتب الجديدة قد وصلتني ومن بينها كِتاب مكتوب بخط يد الكاتِب نفسه، يتراوح عمره بين الربعمائة والخمسمائة عام تقريبًا »
تأكدت مِن إغلاق باب المخزن قَبل أن تتجه لِصندوق خشبي صغير يُفتح بمفتاح صدئ لِتُخرج لِي الكتاب الذي ذكرته

كتابًا ذو غلاف جلدي وريقاته صفراء بفِعل الزمَن وَ خُط على الغُلاف الجلدي عنوان شبه مَمحي وما إستطعت إلتقاطه منه هُو «فتاة الورق» والحرف الأخير من الكلمة الأولى كان حركة الواو اللاتينية شئ ما قد جذبني في هذا الكِتاب ولكنّي قررت سؤال كارما عن ثمنه قبل التعلق به

«يُقال أن كاتب هذه الرواية هُو ميجيل دو كارڤانتيه ويُقال أنها النُسخة الوحيدة المُتبقية حاليًا، ستكون هذه الرواية إضافة لمكتبتك الفريدة»
تحدثت كارما وأعرف ما ترمي له فأنا لدي هوس جمع الروايات ذات النُسخ المحدودة والكُتب الكلاسيكية، كانت كارما تاجرة الممنوعات الخاصة بي وقد كُنت المُدمن المُنتشِ للمعرفة.

«كم ثمنها كارما؟»
سألتها بينما أقلب الرواية بين يداي وأنظر لها

«خمسمائة يورو فقط هذه المرة»
أجابت كارما بثبات بينما تعدل نظارتها ومن الصدمة سقط الكتاب من يدي

«لا أظن أني أستطيع تحمل كلفته هذه المرة، أريني المجموعة»
تحدثت لـ كارما التي إنحنت لِتلتقط الكتاب وَ نفضته من الغُبار

«بل رفضك الكتاب، يُقال أنه يختار مالكه، هيا ورائي»
أجابت بجحود بينما سبقتني للمكتبة مرة أخرى، لِم صاحبة مكتبة ترتدي حذاء ذو كعب بهذا العلو بحق الله، ألا تعرف شيء عن قاعدة الهدوء أولًا؟

أرتني كارما بعض الكُتب التاريخية المُثيرة التي قررت إقتنائها وأخرجت لها معظم الأموال التي بجيبي بينما وضعت لي هي قلمًا هدية لأنّي قد إشتريت الكثير

كانت ليلة شتوية مُظلمة لا يمشي في الشارع سواي أنا وَ وريقات ساقطة من الشجر يُحركها الهواء فتُحدِث خرفشة..

كُنت أمشي مُحتضنًا كُتبي الجديدة وَمُلفحًا وجهي بِكوفيتي حَتى وصلت المنزلي بأعجوبة لأجِد فتاة ذات فُستان بُني تجلس في المُدخل

«مَن أنتِ؟»
سألتها بإستغراب فلا أحد يَقطن هذا المبنى غيري منذ سنوات !

«ساعدني أرجوك»
تمتمت بِإرتعاش بَينما تفرك يدها اليُسرى بيدها اليُمنى طلبًا للتدفئة

لا إراديًا خلعت معطفي ووضعته على جسدها ثُم دعوتها لِشُرب كوبًا مِن الشاي المُنكه بالقرفة بالمنزل، لِتدفأ حرارة جسدها وَلِأعلم ما قِصة هذه الفتاة وكيف يُمكنني مُساعدتها؟

فتاتي الورقية |L.P|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن