كان يوما غائما من أيام الخريف..عندما أغلقت إيفون باب شقتها المتواضعة في الطابق السادس..ونزلت مسرعة لتلحق بالحافلة..كانت قد تأخرت كثيرا عن وقتها المعتاد....أقبلت نحو المحطة لكن الحافلة كانت قد غادرت منذ حوالي الربع الساعة.."اللعنة، تأخرت كثيرا..سأفوت المحاضرة"...كان شعرها الأسود الفحمي يتناغم بخفة مع زخات النسيم وقد علت وجنتاها صبغة وردية بفعل البرودة..كانت فتاة جميلة لكن غير محظوظة..هكذا كانت تعزي فشلها في معظم علاقاتها الاجتماعية..القلق المزمن الذي كانت تعاني منه منذ طفولتها كان يقتلها....ها قد أوقفت سيارة الاجرة التي ستقلها الى الجامعة...كان يوما هادئا.." وكأن الهدوء اليوم مبالغ فيه..أشعر أن هناك خطبا ما.." هكذا خاطبت نفسها قبل أن تدخل الى قاعة المحاضرة...كانت محقة..لن يكون يوما عاديا..أنا واثق..
●●●
"صباح الخير.."
"اه إيفون..كيف حالك؟..لم نرك منذ مدة.."
"أنا عن نفسي لم ألحظ غيابها..هههه..هل كنت مختفية حقا.."
"ولم أختفي...لقد قمت بزيارة جدتي خارج المدينة..لقد كانت مريضة قليلا.."
"اه...لم يعد لك مكان في الوسط فهربت كالعادة..انت دائما هكذا..لا تواجهين بل تهربين عند أول فرصة.."
"أماندا..ما خطبك اليوم؟..عن ماذا تتحدثين..؟"
"ههه عن إيدموند...كنت تظنين حقا أنه قد يلتفت لك لكنه لم يفعل..لا يمكنه أن يقف بوجه عائلته من أجلك..غدا حفل خطوبتهما..إيدموند و روث.."
لقد صدمت إيفون بهذا الخبر..لم يمضي شهر على انفصالهما..وها هو ينوي الزواج..وكأن..وكأن كل ما كان لم يكن سوى كذبة..وكأن شيئا لم يكن من الاساس...إيدموند كان حب طفولتها..كان والدها السيد كالفين شريك والده وصديقه..طبعا قبل أن يخسر كل ثروته و ينتحر...كانت إيفون وقتها في الثانية عشر فقط..منذ ذلك اليوم انقلبت حياتها تماما.....اضطرت أن تعيش مع جدتها في قرية صغيرة تدعى سكينجر...قد تتسآلون عن والدتها.. هيلين ..تزوجت برجل أصغر منها بعد أقل من سنة على انتحار زوجها..لم يكن لها أن تعود الى العيش في سكينجر.. بذلك فقدت إيفون كل شيء..والدها..طفولتها..حياتها الوردية..وصديقها إيدموند..كبرت فجأة..لقد اتهم والدها بعدة تهم..كغسيل الأموال والاختلاس..تخلى عنه الجميع حتى والد ايدموند...بعد عودتها الى المدينة كان ايدموند قد صار شابا وسيما تطارده جميع النساء...بعد بعض اللقاءات صارا يخرجان سويا...بالنسبة لها كان معجزة..بالنسبة له لم يكن أكثر من مجرد نزوة عابرة..فهو يعلم أنه في الأخير سيتزوج روث...لكن إيفون لم ترد تصديق ذلك..
●●●
صعقت إيفون لهذا الخبر..لم تعد تعي شيئا...كانت تعلم أنها لطالما كانت فاشلة..لا تجيد تكوين حتى صداقة حقيقية مع أحد فكيف بعلاقة حب...خرجت من القاعة بسرعة...لم تكن تعرف الى أين ستذهب..أرادت أن تبتعد وحسب.."ربما أماندا محقة..أنا لا أجيد سوى الهرب.."
وصلت إلى نفق مهجور..لطالما كان هذا ملجأها..تهرب منه إليه.."لا أعي شيئا..لا شيء يتحسن في حياتي منذ ذلك الحادث..مرت 14 سنة..ولا شيء يتغير..لازال البأس يلاحقني..لا أدري مم أهرب وإلى أين..لا شيء يتحسن..لا شيء..لاشيء.." أوقعت حقيبتها بانفعال عندها سقطت منها شمعة طينية..حملتها إيفون :" أنت..انت لا تجلبين الحظ بل تجلبين النحس..مذ اخذتك من يدي ذلك العجوز ..لم تجلبي لي سوى النحس..اذهبي بعيداا.." قالت وهي ترمي الشمعة بقوة على الأرض.."لكن..لكن ماهذا..ماذا يوجد في هذه الشمعة اللعينة؟ إنها طلاسم غريبة..ماالذي تعنيه..أهذا سحر ما..وماهذه الجملة أيضا "sauve moi" .."
رمتها إيفون وهي مذعورة..كان يبدو أن الطلاسم مكتوبة بسائل أحمر أيعقل أن يكون دم أحدهم..وكانت تحمل رائحة تشبه رائحة الطين المحروق..."إنه شيء غريب"...لقد كانت تلك الشمعة فريدة من نوعها..لم تكن عادية..بل منحوتة بشكل رائع..وكأنها نحتت على يد أمهر الحرفيين..وكان قد أضيف لها خطوط ذهبية..ما أكسبها رونقا راقيا...
تركت إيفون المكان بذعر...لم يرى أحد الحادثة سواي..
●●●
أنت تقرأ
أوتسانا
Fantasyقصة فانتازيا قصيرة ... تعاني ايفون مشاكل نفسية لكن القدر يقودها الى اكتشاف حقيقة اوتسانا..فكيف سيحدث ذلك؟