الفصل الثاني

589 34 2
                                    

جلست منهكة على الأريكة الصغيرة ، تحاول دفع كل شقاء و تعب اليوم عنها، التف حولها صغارها بحب، مقبّلين يديها بإحترام شديد كما علمهم المرحوم والدهم، جلست طفلتها الصغيرة البالغة خمسة أعوام بدلال على قدمها، بينما أفترش باقي الصغار الأرض، ملتفين حول والدتهم، قالت الصغيرة بمكر :

_ ماما حبيبتي، حمدلله على سلامتك وحشتيني كتييير.

نظرت لها نجلاء بحنان ، تنتظر ما ستقوله طفلتها الماكرة ، أشارت لها نجلاء برأسها لتكمل الحديث، ابتسمت الصغيرة بإطمئنان لتسرد على نجلاء ما جعلها مبهورة:
_ النهاردة يا ماما بعد ما خلصنا الكُتاب، روحنا نلعب في الشارع، و غصب عني، غصب عني اوي يعني، حدفت الواد عبدالرحمن بالطوبة فجت في راسه و فتحتها غصب عني.

شهقت نجلاء شهقة قوية من حديث تلك الصغيرة،  و نظر لها أخواتها بذهول، فجذبتها نجلاء من أحدى أذنيها بقوة، لتخرج فيها تعب اليوم كله، أوقفها صراخ الصغيرة الباكية، لتقول بعفوية شديدة:

_ طب مش هحكيلك أم عبدالرحمن عملت ايه مع تيتا هاه.

عندما ألتقطت أذنها أسم حماتها، علمت ان هذا الموضوع في غاية الخطورة، أخذت طفلتها الصغيرة على في حبها، مسحت على شعرها بحنان لتقول لها :

_ دينا حبيبت ماما، أكيد هتحكي لماما ايه اللي حصل بعد كدا.

هزت دينا الصغيرة رأسها بالنفي، لتقول شقيقتها الكبرى' رانيا' بفضول شديد:

_ قولي يا دينا ايه اللي حصل، قولي بقا.

صمتت دينا قليلًا لتثير فضولهم، ثم هزت رأسها بالموافقة، قائلة :

_ انا هحكي بس علشان خاطرك إنتي يا رانيا يا حبيبتي، تيتا قالت للست أم عبدالرحمن: معلشي و هما عيال صغيرين، و أصلًا دينا كلها أسبوع و ماشية من هنا خالص.

رفعت عينيها لوالدتها بتساؤل:
_ صحيح يا ماما انا همشي، طب هروح فين لوحدي؟!

ابتسمت نجلاء من تفكير إبنتها الصغيرة، و لكنها إتخذت كلامها كتمهيد للصغار عما سيحدث بعد ذلك، فعلى الرغم من عدم إستكمالها لتعليمها و لكنها شديدة المحافظة على صحة أطفالها النفسية، تنحنحت بقوة قبل أن تقول :

_ طنط زينب قالتلي على مكان حلو أوي نقدر نعيش فيه كلنا، و كمان هنكون في المنصورة، محمد و محمود و رانيا هيروحوا مدرسة حلوة أوي هناك، و أنتي كمان يا دينا هتروحي حضانة جميلة اوي، و هنكون  بكدا قرّبنا من تيتا و جدو في إسماعيليه .

ظهر على وجه صغارها الحزن، ماعدا دينا الصغيرة، كانت أكثرهم حماسة لدخولها للروضة، تكلم محمد بحزن :

_ و هنسيب بيتنا هنا ازاي، و كمان تيتا أكيد مش هتوافق، و انا معرفتش من قبل كدا ليه؟! .

نوفيلا/ امرأة لا يُستهان بها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن