الجزء السادس

99 21 0
                                    

قال بكراهية شديدة
( اغربي …. اغربي عن وجهي  وذهبي الى الجحيم ، انا سأربي إبني من دونك )
فتح الباب ليقدفني كدمية قديمة ….فوقعت أرضا حين لم استطيع الوقوف على قدمياي……. كنت اوليه ظهري له حين افلتت مني شهقة قوية وانا احاول كبت نشيجي…..
بعد لحظات قليلة من البكاء المرير … سمعت صوته الذي عادة رقيقا قليلا … قليلا فقط يقول
( ياعمري ….. ياروحي ….. حبيبي لا تخاف )
التفتت اليه …لأجده جالس القرفصاء امام محمد  الذي كان  ملتصق بالحائط امام الغرفة التي قذفني منها لتو ، يضع يديه على اذنيه  مذعورا من الصراخ الصادر منا ، اكشفت انه كان يسمعهما منذ البداية والى تلك اللحظة …..
مسك زياد يديه الصغيرة ليقبلها وقال
( لا توجد هناك اي مشكلة ياحبيبي …..ماما وبابا كانا يمزحان مع بعضهما …. انا اسف اذا اخفتك … )
التفت زياد الي وقال يأكد كلامه
( نحن اسفان اليس كذلك يا بثينة )
هززت رأسي نافية لشىء وهمي ودموعي منهمرة بصمت …. لا اقوى على الوقوف حتى …….. اقترب زياد مني ينادي بإسمي لا يسمعه غيري …..
الا انني ابتعدت عنه لأهتف بخوف
( ابتعد …. ابتعد عني اتوسل اليك )
وبالفعل ابتعد عني دون ان يرد عليّ ليوليني ظهره الصلب …. وكأنه فعل ما كان يريده…وهو الضرب وتخويف ابني….
مسحت دموعي بسرعة ….واقتربت من محمد  ارسم ابتسامة مهتزة قائلة
(  محمد…. تعال الى هنا يا حبيبي …تعال الى احضاني )
نظر محمد الى وجنتاي المتورمة ليلمس مكان اثر الصفعة القوية وقال ببراءة
( امي … انها مؤلمة اليس كذلك )
ابتسمت  بين دموعي التي بقيت عالقة على خدي وقلت
( لا …. انها ليس مؤلمة …. انا وانت سنغلب الوحش يوما ما ..ولن نخاف ابدا … فقط كن شجاعا !!)
اسندت ظهري الى الحائط ورائي بإعياء شديد ….. اضم ابني بقوة …ودموع عادت لتزين وجنتاي من جديد …..

مرَ اسبوع كاملاً وانا على تلك الحالة خائفة مذعورة لا حيلة لي …. لا اعرف كيف اتصرف وأهرب من هذه المقبرة المخيفة ، اي خطأ يصدر مني سيوئدي بي للهاوية ……...… لكن الله  افرجها عني ..

ذلك اليوم عندما اتصل بي زياد يأمرني ان اجهز نفسي واخفي الجروح والكدمات التي على وجهي من اجل ضيف سيأتي معه الى البيت ……. كانت فرحتي لا توصف وقتها ….. لأن ذلك الضيف سيكون سبب هروبي من هذا البيت …… فزياد لا يحب ان يعلم اي مخلوق بأنه يسجنني داخل البيت ولا يسمح لي بالخروج ، لهذا ومن المؤكد انه سيصرف الحراس كي لا يثير الإنتباه والشك….
احضرت حقيبة ظهر محمد اضع فيها القليلا من الأشياء الأساسية  وحقيبة اخرى صغيرة لأضع فيها جميع النقود التي في خزينته تكفي للعيش لمدة عام على الاقل …. النقود كانت من حق ابني محمد ، كنت احفظ الرقم السري …. كم كان ساذجا عندما فكر انني لن احاول الهر ب يوما…..
وضعت مساحيق التجميل لأخفي الكدمات على وجهي ، وارتديت فستان ابيض طويل بأكمامه طويلة كذلك لأخفي الكدمات التي على ذراعاي …. مثل ما أمر الوحش…....
وصل الضيف، وبدأت المسرحية وجاء دوري في التمثيل ….. الزوجة المثالية …
كان كل شيء على مايرام …. زياد يبادل اطراف الحديث مع ضيفه …. وانا اضحك ضحكة سطحية غير مرحة كلما مازح الضيف مازن زياد …
كادت السهرة من الإنتهاء بسلام …. لولا ان محمد اوقع من يده كأس الماء على سروال والده …..الذي غضب هو بدوره وصرخ في وجهه
( مححمد ….. يالك من فتى غبي )
سرعان ماتدارك زياد ردة فعله المبالغ فيها …. بينما نهضت انا ومازن من القعد في نفس الوقت لنقترب من محمد الذي صارة يرتعش خوفا… وقلت بتوتر
( لا تخف حبيبي …. كل شيء على مايرام … لا تقلق )
قال مازن يُلطف الموقف
( لم يحدث شيء يا زياد …. لا تبالغ في ردة فعلك.… لقد اخفت الولد )
كان زياد في تلك اللحظة ينظر في الأرض من الإحراج …. حينها قلت بسرعة
( انا سأذهب لأغير ملابس محمد وأعود بسرعة …. عن اذنكما )
وقبل ان أقف جذبي مازن من يدي وقال هامسا
( ماهذي الكدمات على يدك يا انسة بثينة )
اتسعت عيناي برعب ، نزعت يدي من يده وقلت بين اسناني
( لا دخل لك  … ابتعد )
ابتعدت مهرولة متعثرة في فستاني الطويل وانا احمد الله ان زياد لم يراني في ذلك الموقف ….…. إلا انني سمعت خطواته تضرب الأرض بقوة ، لم تكن لدي الفرصة لأستدير اليه …. بل شدني من شعري بقوة لأصرخ عاليا ، ويدفعني داخل الغرفة بعنف بعد ان امر محمد ان يبتعد ….
دفعني لأسقط على سرير ….. وفي عيناه لمحت ظلام الألم ، لم استطيع تفسيره الا بعد حين…… قال بهدوء خطير
( تعمدتي ان ترينه يدك … اليس كذلك ؟؟..)

انا لم اريه اياها .. لقد رأها وحده ….وهل هذه هي مشكلتك الوحيدة ؟؟)
قال بين اسنانه وهو يقترب مني
( مشكلتي الأكبر هي … تطاولكِ مع التافه الذي اسمه مازن )
اتسعت عيناي بخوف غير قادرة على الابتعاد للوراء
( ماذا تقصد يا زياد ؟؟)
كان قد وصل اليَ ومسك بيدي وقال
( لقد لمسك في هذه اليد …. هاا )
حينما كنت في لحظة استغراب وخوف وفي الحين نفسه كان يشد بأصابع يدي بقوة  حتى سمعت فرقعة اصابعي التي تؤكد لي ان عنفه عليها ادى الى كسرها 

صرخت باكية من شدة الألم القاتل الذي شعرت به وقتها … الا انه كتم صرختي قبل ان تخرج من  بين جدران الغرفة بيده…. اقترب ليضع شفتاه على عنقي بتقزز وقال
( ششششش …. لا تصرخي كي لا يسمكِ …..انا سأنزل الأن واتحجج بأي شيء عن عدم نزولك معي.… لكن عندما اعود ، سأكسر المتبقي من اصابعك …. والان ارتاحي وفكري كيف اخطأتي في حقي وهنتي رجولتي عندما سمحتي لذلك الغبي ان يلمسك يدك )
تركني وحيدة اصارع ألم اصابعي بدموع كالشلال ……بالكاد كنت افهم مايقول ، فإهتمامي كان مشغول بأصابعي المكسورة…

القاسيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن