•°الْفَصلُ الثَانِي|فُضُوليْ°•

99 11 31
                                    

مَضى مِنَ الْوَقْتِ مَا يُقارِبُ السَّبْع سَاعَات حَتَّى تصاعدَ قُرصُ الشَّمْس لِلسماء المُلبدة بِالغُيوم فِي مَشهدٍ كَئِيبٌ و مُعتِم لأحدِ رسامي الْقَرْن السادسِ عَشر . يُنذر بِالسوء و الشُّؤْم و لطالما كَانَ السُّؤَالُ ، هَلْ كَانَتْ اللوحات تُمثِلُ نظرةَ الفنانِ المُتشائمة أَم أَنَّهَا الْحَقِيقَة المتوارية عَنِ الأَنْظَارِ ؟

فَبَيْنَمَا كَان العالمُ مُتحركاً مِن حَوْلَهَا كَانَتْ هِيَ الوَحِيدَة المُتوقفة ، بِجسدها المُستلقي فَوْق الأرضيةِ الرَطِبة و عَقْلِهَا الفاقِد لِلوعي و لطالما كَان .

تَلوَت إيفلين فَوْقِ السَّطْحِ الخشبي مَع شُعُورُهَا بعِظامها المواشكة عَلَى التَّهَشُّم ، اسْتَنَدَت بِيَدِهَا عَلَى حَافَّةِ السَّرِير أَمَامَهَا ؛ تُحَاوِل الْوُقُوف بَيْنَمَا تَتَجَوَّل أعيُنها مُتفحصة الغُرفة حَوْلَهَا لَا تُعْرَفُ كَيْف انْتَهَى بِهَا الْحَالُ بِهَذَا الْوَضْعِ أَوْ بِالْأَحْرَى كَيْفَ أَتَى السَّرِير للغرفة ؟

هَلْ يَجِبُ أَنْ تُعرِبَ عَن فزعها بِتغيُرِ معالمِ الأسطح النَّاصِعَة لِمُتأكلة؟ أَم أَنَّهَا كَانَتْ ظُلمَةُ اللَّيْل الَّتِي حَجبتها عَنْ الرُّؤْيَةِ بِشكلٍ صَحِيحٌ؟

مَع خطواتها العَثِرة و الثوبُ الَّذِي يُعرقِلُ تَحرُكاتها تَتجه صَوب الْمِرْآَة بزاوية الغُرْفَة ، فتُعكسُ لَهَا صُورَتُهَا بِثوب الزِّفَاف هُوَ نَفْسُهُ مِن الأمْس قَبْلَ أَنْ يَغْشَى عَلَيْهَا .

لَا تَتَذَكَّر ارتدائها لَهُ أَوْ حَتَّى وضعُ أنامِلها عَلَيْه بَل و إنْ لَمْ تَخُنها ذَاكِرتُها لَم يَكُن لِلْمِرْآَة وُجُود .
تَمَكَّن الفزعُ و الرُّعْب مِنَ السَّيْطَرَةِ عَلَى أَفْكَارِها المُشوشة، جُلَّ مَا فَعَلَتْهُ هُو الْفُضُول فَانْتَهَى بِها الأمرُ مُتسائلةً عَن صحةِ قَوَّاهَا الْعَقْلِيَّة .

أَخَذَت خطواتها أرْجَاء الغُرْفَة تبحثُ عَن الكِتاب فَكَانَ هُوَ خَيْطٌ الوصلِ الوحيدِ لَهَا وَ لَكِن بِلا جَدْوَى ، و لَا أَثَرَ لِملابسها أيضاً مِما دَعَاهَا لِلظن بتواجدِ كيانٍ أخرٍ بِالْمَنْزِل ، و لِتَجنُبِ عَقلها الَّذِي يبعثُها بالهُراء قَامَت لِتتوجه نَاحِيَة الْبَابِ وَ بِمُجردِ فَتْحِه وَقَفْت مُضْطَرِبَةٌ بمشاعرِ و أفْكَار متذبذبة كُل مَا حَمَلَهُ عَقْلِهَا إلَيْهِ هُوَ الْهَرَب .

الهلع هُو كُل مَا يُمكن وَصفُ وَضَعَهَا بِه ؛ تَركضُ بَيْن أَشْجارَ الغابَةِ بِأَنْفَاس مُتقطعة و أعيُنٍ مُغْرَوْرِق بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ لجسدها الْوَاهِن حَمَلَهَا إلَيْهِ ، لَم تَعَبا بِجُرُوح قَدَمَيْهَا العاريتين الَّتِي زَيَّنْتَهَا الدِّمَاء؛ فَكَان عَقْلِهَا يثتغيثُ بِمَنْ لَمْ يَكُن بِجَانِبِهَا لإنقاذها .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 17, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أورَلوُس.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن