السابعة : أن يحسن كل امرئ ولي شيئا من شؤون الآخرين أمر ما تولاه، سواء في الأسرة أو في المجتمع، فليحسن الآباء رعاية أولادهم والأزواج رعاية أهاليهم وليتجنبوا العنف والقسوة حتى فيما اقتضى الموقف الحزم رعاية للحكمة وحفاظا على الأسرة والمجتمع ، فإن أساليب الحزم لا تنحصر بالإيذاء الجسدي أو الألفاظ النابية بل هناك أدوات ومناهج تربوية أخرى يجدها من يبحث عنها وشاور أهل الخبرة والحكمة بشأنها، بل الأساليب القاسية كثيرا ما تودي إلى عكس المطلوب بتجذر الحالة التي يراد علاجها و انکسار الشخص الذي يراد إصلاحه، ولا خير في حزم يقتضي ظلمة، ولا في علاج لخطا بخطيئة.ومن ولي أمر من أمور المجتمع فليهتم به وليكن ناصحاً لهم فيه ولا يخونهم فيما يغيب عنهم من واجباته ، فإن الله سبحانه متول لأمورهم وأمره جميعا و سوف يسأله يوم القيامة سؤالا حثيثا، فلا ينفقن أموال الناس في غير حلها، ولا يقررن قرارا في غير جهة النصح لهم، ولا يستغلن موقعه لتكوين فئة وحزب يتستر بعضهم على بعض ويتبادلون المنافع المحظورة والأموال المشبوهة، ويزيحون الآخرين عن مواضع يستحقونها أو يمنعون عنهم خدمات پستوجبونها، وليكن عمله لجميع الناس على وجه واحد فلا يجعله سبي للمجازاة على حقوق خاصة عليه لقرابة أو إحسان أو غير ذلك، فإن وفاء الحقوق الخاصة بالحق العام جور وفساد، فإن ساغ لك ترجيح أحد فعليك بترجيح الضعيف الذي لا حيلة له ولا جهة وراءه ولا معين له على أخذ حقه إلا الله سبحانه، ولا يستظهرن أحد في توجيه عمله بدين أو مذهب، فإن الدين والمذاهب الحقة قائمة على المبادئ الحقة من رعاية العدل والإحسان والأمانة وغيرها، وقد قال الله سبحانه:
« لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ ...»
وقال الإمام علي (عليه السلام): (إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في غير موطن : لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لاَ يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقُّهُ مِنَ القَوِيِّ ...
فمن بني على غير ذلك فقد زين لنفسه الأماني الزائفة والآمال الكاذبة، وأحق الناس بأئمة العدل كالنبي (صلى الله عليه وآله)، والإمام علي عليه السلام)، والحسين الشهيد (عليه السلام) أعملهم بأقوالهم وأتبعهم لسيرتهم، وليلتزم المتولي الأمور الناس بمطالعة رسالة الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر عندما بعثه إلى مصر، فإنها وصف جامع المبادئ العدل وأداء الأمانة وهي نافعة للولاة ومن دونهم كل بحسب ما يناسب حاله، وكلما كان ما تولاه المرء أوسع كان ذلك له ألزم واكد.
الثامنة : أن يتحلى المرء بروح التعلم وهم الازدياد من الحكمة والمعرفة في جميع مراحل حياته ومختلف أحواله، فيتأمل أفعاله وسجاياه وآثارها وينظر في الحوادث التي تدور حوله ونتائجها، حتى يزداد في كل يوم معرفة وتجربة وفض، فإن هذه الحياة مدرسة متعددة أبعادها، عميقة أغوارها، لا يستغني المرء فيها عن التزود من العلم والمعرفة والخبرة، ففي كل فعل وحدث دلالة وعبرة، وفي كل واقعة رسالة ومغزی، تفصح لمن تأملها عما ينتمي إليه من الظواهر والسنن، وتمثل ما يناسبها من العظات والعبر، فلا يستغني المرء فيها عن التزود من العلم والمعرفة والخبرة حتى يلقى الله سبحانه ، وكلما كان المرء أكثر تبصرا أغناه ذلك في معرفة الحقائق عن مزيد من التجارب والأخطاء.
وقد قال تعالى: «ومن يؤت الحكمة قد أوتي خيرا كثيراً، وقال لنبيه (صلی الله عليه وآله): (وقل رب زدني علماً).
أنت تقرأ
نصائح السيّد السيستاني للشّباب المُؤمن.
General Fiction«فَهذهِ ثمانُ وصايا هيَ أُصولُ الاستِقامةِ فِي الحياةِ وأَركانِها، وهيَ تذكِرةٌ ليسَ إِلَّا، إِذْ يَجِدُ المَرءُ عَليها نُورَ الحقِّ وضياءَ الحقيقةِ وصَفاءُ الفِطرةِ وشواهِدُ العَقلِ وتَجارِبُ الحَياة قَدْ نبَّهت عليها الرَّسائِلُ الإِلهيَّةُ ومواع...