الفصل الأول

454 17 14
                                    

كان قرص الشمس يحتل منتصف السماء ، و الشوارع مزدحمة بمئات البشر خاصةً في هذا السوق الشعبي ، و تنقلت فتاة في نهاية العقد الثاني من عمرها بين البائعين و المتاجر ، و تحمل حقائب بلاستيكية كثيرة في كفيها ، ظهر العناد و المشاغبة من بين رموشها ، و أصبح واضحاً كقرص الشمس في السماء بعد أن أفتعلت عدة مشاجرات تافهه مع البائعين ، و ما أن أنتهت أخيراً من جلب جميع إحتياجات منزلها ، و خرجت من الشارع و هي تسب و تلعن الحظ الذي أوقعها مع هؤلا الوقحين – كما أطلقت عليهم -  و لم تلاحظ تلك السيارة السوداء التي جاءت بجوارها مسرعة ، و ما أن توقفت علي بعد متر منها ، خرج منها شخصان ممسكين بها ، ثم ألقوا بها داخل السيارة و عادوا يغلقوا الباب من جديد ، بينما تولي السائق مهمة الأنطلاق مسرعاً من الشارع ، و الجميع يحمد الله علي إتمام المهمة بنجاح بسبب الشارع الخالي من المارة ، بينما تسبهم تلك الجميلة بأبشع الألفاظ و تتوعد لهم ، حتي وضع أحدهم منديل قطني علي وجهها ، و بعد مقاومة خفيفة منها سقطت فاقدة الوعي ، ليرفع أحد الرجال هاتفه الي أذنه ، و أنتظر ثواني قبل أن يقول :

- البنت معانا يا حسن باشا
_____________
لم يمر الكثير من الوقت علي إغمائها ، و لكن ما أن شعرت أنها أستيقظت من غيبوبتها الإجبارية ، فتحت عينيها بصعوبة رغم ما يحيطها من ضباب و دوار بسبب المخدر ، و ما أن أرتكزت أخيراً و تمكنت من الرؤية بشكل واضح نظرت حولها بدهشة ، لتجد نفسها بداخل غرفة واسعة ذات أثاث فخم بألوان رائعة و متناسقة ، و تجلس هي علي الفراش الوثير ، ثم نظرت الي هذا الذي يجلس علي مقعد بجوارها عاقداً ساعديه أمام صدره و إبتسامة جذابة ظهرت علي شفتيه ، و أنتفضت بسرعة مقتربة منه بعد أن تذكرت كل ما حدث علي الطريق بعد خروجها من السوق ، رفعت كفيها لتحيط عنقه بهما قائله بصراخ :

- أنا فين ؟ و بعمل أيه هنا ؟

أزاح الشاب كفيها عن عنقه بسهولة ، و عاد بها الي الفراش من جديد ، و هتف بنبرة حازمة :

- أهدي يا مدام مريم ، و أنا هفهمك كل حاجة

لم يسلم من محاولاتها المستميتة للمقاومة و محاولة فك كفيه من أعلي خاصتها ، ثم عادت تصرخ من جديد كاد أن يشق الجدران ، و قالت :

- أهدي أيه و زفت ايه ؟ مخطوفة و بتقولي أهدي ، أبعد عني

دفعها الشاب الي الفراش بقوة ، و وقف مهندماً ملابسه ، ثم قال بنبرة حادة في وقار :

- مخطوفة أيه ؟ فيه واحدة مخطوفة هتقوم تلاقي نفسها في قصر

عادت تقف من جديد ، و شعرت بفارق الطول المهيب بينهما و هي ترفع نظراتها لتقابل وجهه الوسيم ، ثم عادت تصرخ بغضب :

- و أنا أيه عرفني ؟ كنت أتخطفت قبل كده قدامك ؟!

ثم صمتت فجأة و كأنها أستوعبت جملته أخيراً ، و رددت بخفوت و هي تنظر حولها بذهول :

قاتل والدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن