انه الخميس واجازة العطلة نستمتع بالنوم و مشاهدة الافلام الكرتونية والخروج لنزهة بأرضنا ( السلام ) وقضاء العصر مع البن المحمص وقطع السكر المذابة بالشاي بالمساء الهاديء والمنعش كرائحة النعناع .. بدأنا بالتجمع لوجبة الافطار وقد ظهر على وجة ابي الغضب عندما رأى ماتحتويه السفرة - ماهذا !
ردت امي... - نعمة الله - انك تستقصدين هذا .. !! لماذا لم تخبريني انه لايوجد شي بالمطبخ .. - ومنذ متى وانت بإنتظار من يخبرك عن ماينقص بيتك !! ازداد. غضب ابي وامي لم تكمل افطارها خرجت للفناء تجنباً للشجار .. اما نحن من كان على السفره اكمل افطاره خوفا من ابي ومن لم يأتي بعد لم يأتي مطلقاً .. - تجرعت لقمة تلو اخرى وانا غاضبه من أبي وجداً وعلى عجل انهيت فطوري وقمت ابحث عن امي وجدتها منهمكة بالعمل .. وتبكي !
جميعنا مع امي .. وسنقف ضد ابي هذا ماتقوله قلوبنا وعقولنا لان ابي تغير وامي لم ولن تتغير هكذا عرفناها وهكذا وعدتنا .. ثم لحق بنا ابي وطلب من امي نسخة المفاتيح الخاصة بها
نظرت اليه امي ورأت بعينية الحدة و نبرة صوته تقول ان لم يعد لك شي وانك لاتستحقين الثقة .. امي دائماً تعلق مفاتيحها بعنقها لتكن قريبة وجاهزه متى ارادتها .. اخذتها من عنقها بقوة ثم رمتها امام ابي - خذها لايوجد لديك غير الفقر .. هذة الكلمات التي تفوهت بها امي ولأول مره تعبر عن غضبها لم تعد تحتمل مايفعله ابي ..
لم تسكت ولذلك طردها ابي من حينها !! نعم طردها ... لم تصدق امي ماسمعته اذنيها وحتى نحن لم نصدق. هذه الفاجعة - اخرجي من البيت .. ومن الفقر الذي تتحدثين عنه !! خرجت من المنزل عندما ادركت غضب ابي الشديد وبوقتها. لن يسمح بأي نقاش ، لم نستطع منع امي من الخروج ولم نستطع تهدءة ابي .. الخوف سيطر علينا وعلى الكلمات .. لبست عباءتها وتركت البيت بدون ان تأخذ اي شي يخصها
ولو الأمر بيدها اخذتنا فنحن كل ماتملك ولاشي غيرنا .. !! بين كل دقيقة واخرى التفت للباب .. لم اصدق ان امي ذهبت بالفعل .. - سيحدث شيء ما .. ستأتي امي الأن
سيلحقها ابي .. لم ينتهي الأمر هنا
انها عطلة الاسبوع للتو بدأت !! .. امي تقول دائماً انها لن تتركنا ! هي بالجانب الاخر من الفناء .. او انها. اختبأت بين اشجار الجبل بالأعلى نعم ربما تكون بأحد الأراضي وستعود لقهوتها التي ملأتها بفنجانها ر.. الشاي الذي لم يسكب والسفرة الخاوية ... ستعود لأبناءها المترامين بزوايا الغرفة منتظرون لقد تجمدت الاشياء من حولي .. كيف اصم اذني عن فجيعة ماتفوه به ابي .. كيف اغلق عيناي عن مشاهده امي وقد خرجت ..
الوقت يمضي سريعاٌ على غير عادتة .. دخل وقت العصر والمغرب ثم العشاء .. ولم تأتي امي تيقنت ان قلبها قد كُسر .. تأكدت انها خرجت ولم تلتفت للوراء .. لم نتحدث مع ابي وعندما اتى جميعاً تركنا المكان وذهبنا للنوم .. كل شي حولنا ممل
باردة هذة اللحظات !! متجمدة .. شيٌ سلب منا على حين غفلة ونجهل كيف نستردة !
النوم غيبوبة مشاعر بالنسبة لي .. احتاجة الأن سأنسى ماحدث اليوم .. !! غدا ستأتي امي وسأسامح ابي .. سأحبهم بقدر خوفي وغضبي .. عندما تعود امي .. سأراقبها دائماً واحرسها لن اسمح لأحد يغضبها .. سأغلق كل منافذ المنزل .. سأتمسك بيدها الى الأبد لن تخرج بدوني .. تحدثت مع ذاتي حتى اخذني النوم ..
وعند استفاقتي من موتي الأصغر هذا الذي ذقنه وأدركت انه موت حقيقي وقد شعرت به ليتني لم ابعث على حياة ليست بها أمي .. ماهذا الصباح الباهت ، !" علي ان استيقظ وعلى الرغم من خطواتي المتثاقلة بالمنزل .. لم احب عبور الممر المؤدي للمطبخ ..وعبرت.
لم احب اكل لقمة وأُكلت لم أحب الابتسامة وابتسمت بل ضحكت
لم أحب ان أكون هكذا ولم أحب ان تستمر الحياة هكذا
بدون أمي ؟! لم يتغير شي توقعت ان يتغير لون الشمس ! يتوقف نمو الريحان ، والعصافير ظننت انها ستصاب بالخرس !! لكن لم يحدث شي .. حتى ابي يتصرف بهدوءة المعتاد ويظهر لنا انه على حق وانه لم يفتقد لامي .. لكن ارتباكة في البحث عن ثيابة وعطرة يخبره انه يفتقد المرأة التي تحضر له ثيابه المخصصة لصلاة الجمعة .. تركه ابي لم يستعمله ثم خرج مسرعاً مع اخوتي للصلاة .. !! عندها اتفقنا ان اذهب لزبارة أمي والاطمئنان عليها ...لأَنِّي البنت الصغيرة التي لم تلبس الحجاب بعد اذهب كل يوم جمعة لدكاكين القرية لكن هذة المرة ذهبت لامي .. هذا المشوار الذي لم يكن بالحسبان وانا بطريقي اركض وانا اتسابق مع شوقي ولهفتي ... بيت جدي بوسط القرية ونحن بأقصاها لكنه لايبعد عنا وصلت ووجدت الباب مفتوح .. هذا البيت من البيوت التي تستقبل وترحب بالجميع منذ ان كان جدي عريف القرية (العمدة) ، بيته بيت كرم و جود ، بيت مألوف ومحبب للأطفال قبل الكبار
من عتبة الباب رأيت أمي جالسة في فناء المنزل في الجزء المقابل للباب وحين التفتت الي .. ارتميت بأحضانها ابكي وتبكي معي !! دقات قلبها تنبض بالحب كماهي امي لكن استوقفتني
رائحة عطرها وخامة رداءها !! تمعنت فيها بثوب جديد وجميل جداً مزين بالورد .. هذا ليس ثوبها الذي غادرت المنزل وكانت ترتدية لقد استبدلته .. هل ستكون لها حياة جديدة وتستبدل حياتها معنا بحياة اخرى ؟! هل ستغير امي كل شي ؟! بكيت وانا متيقنة ان هناك حدث فاصل مجهول لم استطع التوقف لكن امي هدئتني بعبارات دافئة وطمأنتني بدأت تسألني عن البيت وعن اخوتي وعن ابي .. قالت لي انه الشيطان ولحظة غضب واوصتني ان نهتم بأبي ولانغصب منه !! لقد طردك ياامي نحن لانحبه ؟! لم نتكلم معه مطلقاً ولن نحدثه حتى تعودين !! لا هذا عقوق احذركم منه انه بحاجتكم .. يستطيع تبديل زوجتة لكنه لن يغير ابناءة كونوا عوناً له لاعوناً عليه .. لااريد ان اعود ؟! ستعودين لبيت ابيك !! هو البيت الوحيد الذي يحميك ويكرمك
ادعوا الله ان تحل هذه الامور بالرغم من ان اباك لايريدني .. لكنني متأكدة انه يحبكم وهذا المهم والمطمئن لي !! لو بقيتي معي لن اطمئن عليك هنا بقدر اطمئناني انك مع ابيك !! هل هذا يعني انك مطمئنة في بيت جدي ؟! مطمئنة وجداً لكن اريدكم .. لا حياة لي بدونكم !! لن اكذب عليكم ماحدث بيننا امرٌ كبير ولااعرف ماذا يخطط له سيفاجئنا بشيٌ ما ، لم يطردني الا وهو كارهٌ لي .. الله وحدة يلطف بنا وبأقدارنا ياابنتي ..
- لقد جُن والدك ؟! ( زوجة خالي قالتها وهي تبكي معنا لكني لم التفت لها ؟! غير اني رددت داخلي وماشأنك انتي هو والدي اتحدث عنه كيفما اشاء لكن لااسمح لغيري بذلك ؟! ) ثم قالت امي :
هيا عودي ياحبيبتي لاتتأخرين !! اخبري اخوتك اني بخير ولن يلحقني ضرر لدي اب وام يحبونني كحب ابوكم وحبي لكم .. واريدكم ان تكونوا مع اباكم وتهتموا به حتى اعود .. ! حافظوا على انفسكم وافعلوا مايقوله اباكم ؟ لاتفتحوا الابواب لأياً كان بغيابه او خروجة !! لا اريد احداً يتغيب عن المدرسة ؟ - حسناً ياامي سنفعل كل شي من اجلك فقط .. - حفظكم الله لي .. غادرت لكن اصابني حزن اكثر ، شعرت باليأس لم اتخيل ان الأمر كبير جدا لهذا الحد .. تمنيت ان ااخذ امي بيدي ونعود سوياً !؟
انتهت العطلة الأسبوعية وبدأنا اسبوع دراسي جديد .. ولأول مره اشعر بالفقد ( شعور جديد ) للتو اعرف انه يدعى الفقد ، افتقد امي جداً .. وازورها يومياً بعد المدرسة وهذا مايفعله اخوتي ايضاً نزورها ونطمئن عليها وابي لايعلم .. ايضاً ابي لايعلم اننا اتفقنا مع اختي ( لأبي) ان نزيد الملح على الأكل ونصيف السكر الى الشاي المر الخاص فيه .. ونبعثر ترتيب فراش نومه ونزعجه بأصواتنا في منامة .. اتفقنا ان لانفعل مايأمرنا به حتى تعود امي لن نرضى عنه حتى لو قدم لنا الحلوى والمشروبات الغازية التي لم يكن يحب شراءها لنا لكنه يفعل كل شي فقط من اجل ان ننسى امي .. لن ننسى !! بوسط الأسبوع يذهب بنا الى الملاهي لكن تلهى قلوبنا عن امي !! لن يحدث هذا الامر ياابي ؟؟ ثم اتفقنا ان يتحدث معه اخر العنقود ( علي ) لانه صغير عمرة تسع سنوات شيؤثر عليه
الي يسمع لنا ثم يسكت لايعطينا جواباً .. زارتنا زوجة ابي السابقة ( ام اخواتي ) مذهولة مما حدث لم تصدق ضلت تدعي على ابي وتبكي ؟! - كيف يطردها .. انه فقد صوابة هذه المرأه الطيبة التي لم نسمع منها الا الكلام الطيب ولم نرى الا الفعل الطيب ... عشت معها سنوات واعرفها ، تحملت وتتحمل الكثير لن يجد مثلها .. كان يصدر مني اخطاء بحقها وهي والله انها تردها بالحسنى حتى بعد طلاقي من اباكم لم يأتي يوم وقالت مالذي جاء بك ؟
بل تدعوني وتستقبلني وتكرمني وتكرم بناتي
هي ابنة خالي وهو ابن خالي الأخر لكن والله اني لأقف معها لأني اعرف انها على حق ولم تخطيء .. لو كان هنا تحدثت معه !! لعله يعود الى صوابة .. كل اهل القرية لم يصدقوا ماحدث وبعد هذا العمر ينفصلان ؟ حتى انني سمعت انه يريد ان يطلقها نهائياً لكن لم يذهب معه احد الى المحكمة !! لاتخافوا ستعود امكم !! خبر عزيمة ابي على الطلاق مثل الصاعقة علينا لم نعرف ان ابي يذهب كل يوم الى المحكمة او انه يبحث عن شهود ؟ ولما شهود ؟ اوالطلاق !! لماذا هذا الكرة !! نحن فعلنا كل شي من اجل تزهيقه لتعود امي لكنه من جهة اخرى يفعل مايبعدها عنا اكثر ؟؟ !! - ماذا سنفعل ؟! علينا التحدث جميعاً لن نسكت !! وحين اتى المساء تحدثنا معه وامرناه ان يأتي بأمي واخبرناة اننا عرفنا انه يريد طلاقها .. ضيقنا عليه بالحديث ولم نسمح له بأي تبرير وقال : حسناً ساتحدث مع جدكم غداً .. وبالغد بعد انتهاء الدوام ذهبت لأمي لأخبرها ماقاله ابي ووجدت امرأة هناك وسمعتها تقول انه مسحور !! السحر يفرق بين الرجل وزوجتة .. لا تفسير لما يحدث بينكما غير ان هناك عمل شيطاني دخل بيتكم !! وانتي تعرفين من يكره زوجك ومن يدس له المكائد ؟!
كلماتها بقيت بقلبي ؟
اما امي : قالت الله وحدة يعلم .. لااحب ان اظلم احداً ولااريد ان اضع بذمتي اثماً لااستطيعه .. الله مع الصابرين لااريد سماع مثل هذا الحديث مرة اخرى
عندما اخبرتها ان ابي سيأتي ليتحدث مع جدي ؟! قالت نعم انهما تقابلا وتحدثا في الصباح لكن لم يحدثني جدك الى الأن عن ماوصلا الية ..! سألت جدتي عن ثياب امي الجديدة التي لم ارى انها تتزين لهذا الحد في بيتها .. قالت : هل رأيتي بيت جدك يوماً خالياً من النساء ؟! هؤلاء النسوة يأتين مع الأخبار انهن صديقات الأحاديث والشائعات .. اليوم تأتي صديقة تقف معنا لكن غداً لن تأتي ذات الصديقة .. يأتين ليرين حال امك فليست كل واحدة تأتي من اجل المواساة بل تأتي لتضحك وتفرح عندما ترى امك منكسرة وبالية الثياب ..لن يقف معك الا اهلك هم سيعانون ويتعبون من اجلك .. البقية يتحدثون عنك ويأذونك .. هل ترضين ان يتحدث احد عن امك ؟! لن ترضين وتأكدي ان امك لم يتحدث احد عنها بسوء اما ملابسها الجديدة احببتها تظهر هكذا .. ليس من الضروري ان نكشف عورة احزاننا لا لقريب ولا لبعيد علينا ان نتزين لنخفيها بداخلنا لن يتألم منهاغيرنا .. شعرت ان امي مازالت طفله لديها اب حنون يهتم يدللها وام تخاف عليها وتهتم لأمورها .. هي تستحق ذلك نعم امي تستحق الحب والإهتمام
بيوم الخميس وبعد مرور ثلاثة اسابيع من الفقد والإشتياق والخوف والقلق ذهبنا الى بيت جدي جميعنا مع ابي واخذنا امي .. ورجعت الى منزلها كالخبر الجميل الذي يحمله المحبين وكالرسائل المعطرة ..امي بشائر فرح ووجه فرح بحياتنا .. مااجمل وجودها !! لن يعوضها احد .. واختي ايضاً عادت لزوجها وابي عبر عن فرحه وارتياحه لعودة امي .. ادمها نعمة يارب وابعد عنا الشيطان ووساوسه بقلب ابي وقربه الى السكينة والعافية