﴿ الفصل الحادي والثلاثون ﴾
۞۞۞۞۞۞۞-ابنك مات يا ماجد..
لم يستوعب ماجد ماذا قالت له زوجته؛ فزع وقبض قلبه ثم قال بصوت عالٍ: "بتقولي إيه؟!! إيه اللي بتقوليه ده؟!"
صرخت وقالت بنحيب: "ابنك ماااااااات مااااااات؛ عمل حادثة ومات"..
رمى الهاتف من يده وهرول خارجا وهو يصرخ وينوح؛ ثم استقل السيارة وذهب مسرعا إلى المشفى التي نُقل إليها ولده وهو جثة هامدة؛ بعد أن وصل إلى المشفى كان في حالة يرثى لها، استقبله والد زوجته ببكاء: "البقاء لله يا ابني".
صرخ ماجد وهوى على ركبتيه قائلا: "أنا السبب؛ أنا اللي جريت وجيبت له العربية؛ أنا اللي ظلمت وسرقت عشان أنفذله كل طلباته؛ ربنا بينتقم مني؛ آآآه يا ابني.!!"
تساقطت الدموع من عين زوجته: "قلتلك بلاش الحرام يا ماجد؛ قلتلك بلاش تأكلنا فلوس حرام؛ ودي النتيجة ربنا انتقم مني ومنك"..
نظر لها ببكاء؛ فقالت: "ما تبصليش أوي كده؛ ربنا انتقم مني عشان فضلت ساكتة عليك وأنا عارفة ومتأكدة إنك ظلمت واحد وسجنته ملوش ذنب؛ ويا عالم ظلمت مين تاني؛ روح يا شيخ منك لله!!"
هز والدها رأسه في حزن: "ملوش لازمة الكلام ده دلوقتي يا بنتي".
نهنه بالبكاء مرتعشا: "يا ريتني ما ظلمت حد؛ يا ريتني!!"
مسحت زوجته دموعها وقالت بصرامة: "أنا مش هاسكت تاني؛ أنا فضلت ساكتة كتير؛ كنت خايفة منك؛ ظلمك وحش؛ خفت تيجي عليا وتظلمني؛ بس كنت غلطانة؛ إزاي أخاف من إنسان ربنا اللي خلقه؟!!"
تنهدت بحزن وقالت: "آآه مش هاسكت؛ هاروح أبلغ عنك؛ لازم تتسجن على كل اللي عملته فينا وفي الناس!"
قال بندم: "كان لازم أفوق من بدري؛ لكن ضميري مات وابني مات بسببي؛ آآآآآه يا ابني يا ضنايا!!"
بعد مرور ثلاثة أيام من الوفاة؛ ماجد محدثا نفسه بتأنيب ضمير: "أنا ليه عملت كده؟! ليه ضميري مات؟! أنا عمري ما كنت كده"..
استكمل كلماته بتنهيدة حزينة: "أنا كنت طول عمري بنادي بالشرف والأخلاق ليه لما ربنا رزقني وبقيت غني بقيت باسرق واقبل رشاوي وافتري على الناس؟!! ربنا انتقم مني أكيد عشان افوق من الحرام اللي عايش فيه!!"
رفع يديه داعيًا: "يا رب سامحني؛ هاصلح غلطي وهتبرع بكل المال الحرام للمؤسسات الخيرية"..
صمت برهة من الوقت ثم قال بصرامة: "بس لازم كل اللي ظلمته ارجعله حقه الأول عشان ربنا يسامحني؛ طيب وحسن الفقي اللي كان السبب وفضل يزن عليا لحد ما قبلت الحرام أسيبه كده؟!! لالالالاء أنا لازم أبلغ عنه؛ أنا معايا كل أوراق الصفقات المشبوهة؛ بس كده مش حسن بس اللي هيتسجن أنا كمان لأني ساعدته؛ مش مهم اهو آخد عقابي في الدنيا بدل ما ربنا يعاقبني أشد عقاب في الآخرة".
(ذهب ماجد إلى الشرطة واعترف بكل شيء؛ وأمرت النيابة بالإفراج عن أسعد؛ وحبس كلا من رجل الأعمال حسن الفقي ومدير أعماله ماجد الشناوي.)
******************
(أحست بدوار وزغللة؛ لا تقدر على التنفس؛ تهاوى جسدها على الأرض, فغابت عن الوعي.)
تمتمت والدتها محدثة نفسها: "إيه اللي وقع ده؟ الظاهر الصوت جاي من أوضة مريم؛ يمكن وقعت حاجة, أما ادخل اشوف في إيه.
(بعد أن فتحت الباب صرخت وجرت على ابنتها؛ سمع والد مريم صرخات زوجته جرى عليها بفزع؛ اعتصر قلبه ألما عندما رأى ابنته مغشيا عليها؛ دمعت عيناه ثم انحنى وحمل ابنته ووضعها على فراشها.)
والدها بقلق: "بدأت تفوق الحمد لله؛ مش عارف الأنيميا دي بتجيلها كل شوية ليه؟! غذيها شوية يا حاجة!!"
مسحت على وجهها وقالت بخوف: "دي سخنة أوي؛ احنا لازم نروح نكشف عليها".
والدها بفزع: "طب قومي ساعديها تلبس وأنا هنزل أجيب تاكسي وناخدها نكشف عليها"..
فتحت عينيها ببطئ وقالت في إعياء شديد: "أنا كويسة الحمد لله ما تقلقوش؛ ده دور برد هاخد له مسكن وهابقى كويسة بإذن الله".
هزت والدتها رأسها بالنفي: "ما ينفعش؛ احنا لازم ناخدك للدكتورة".
قال والدها مؤيدًا: "يا حبيبتي لازم نروح للدكتورة؛ الدوخة دي بقت بتجيلك كتير أوي؛ وشكوتك من ألم بطنك على طول؛ نروح نطمن يا بنتي".
تنهدت تنهيدة متعبة ثم قالت: "من القولون؛ أنا هاخد مهضم دلوقتي ودوا السخونية وهابقى كويسة بإذن الله"..
هز رأسه: "خلاص يا بنتي؛ بس لو فضلتي مريضة لحد بكرة لازم تكشفي".
قالت بتعب: "حاضر".
ربتت والدتها على كتفها بحنان: "ارتاحي يا بنتي على ما أجيبلك العلاج".
(بعد أن أخذت العلاج تحسنت قليلاً؛ وبعد ساعة رن جرس الباب معلنا قدوم أحد.)
أطل من وراء الباب بابتسامة: "السلام عليكم؛ إزيك يا عمي؟!"
والد مريم بابتسامة: "وعليكم السلام؛ الحمد لله يا ابني؛ اتفضل ادخل".
علي بابتسامة: "الحاجة عاملة إيه ومريم؟! يا رب يكونوا بخير".
ابتسم قائلاً: "بخير الحمد لله؛ قولي يا ابني؛ مفيش أخبار عن قضية أسعد؟!"
هز رأسه بحزن: "للأسف يا عمي القضية اتعقدت أوي من بعد ما الشركة اللي تعاقد معاها طلعت وهمية"..
تنهد بقوة: "سيبها على الله وبإذن الله هتتحل عن قريب؛ ربك كريم".
علي بارتياح: "يا رب آمين؛ أومال مريم فين مش شايفها يعني؟!"
والدها بحزن: "مريم تعبت من شوية؛ عندها أنيميا وداخت وباتحايل عليها أنا ووالدتها ناخدها ونكشف عليها رفضت".
علي بقلق: "ألف سلامة عليها؛ لازم تكشف طبعًا".
أتى صوت مريم من وراء علي قائلة بابتسامة: "أنتم مكبرين الموضوع ليه بس؟ شوية برد وأخدت مسكن والحمد لله اتحسنت".
ضحك والدها بعفوية: "اتحسنتي طبعًا لما سمعتِ صوت علي؛ طلعتي تجري".
احمر وجهها خجلاً ثم قال علي بابتسامة: "ألف سلامة عليكِ؛ بس احنا عايزين نطمن عليكِ؛ تعالي نروح لدكتورة كويسة والدتي تعرفها وبتشكر فيها أوي".
هزت رأسها بالنفي قائلة: "لا مفيش داعي؛ أنا بقيت كويسة".
نهض والدها قائلاً: "هاقوم أساعد الحاجة في الغدا عشان تتغدى معانا يا علي".
علي بابتسامة: "اتفضل يا عمي".
خرج والد مريم وتركهم في الصالة وذهب إلى المطبخ الذي يطل بابه على الصالة؛ ذهبت مريم غرفتها ورجعت ممسكة بعلبة في يدها؛ ثم نظرت إلى علي وقالت بجدية: "اتفضل يا علي".
علي بدهشة: "إيه ده يا مريم؟!!"
مريم بجدية: "شبكتك".
علي بقلق: "آخدها ليه؟!"
قالت بابتسامة: "أنا عارفة يا علي إن الشركة اتحجز عليها وأنت وأسعد حاطين فيها كل الفلوس؛ وأكيد هتحتاج مصاريف للقضية".
هز علي رأسه باستغراب: "ها وبعدين؟!"
استكملت كلماتها: "خد الدهب بيعه عشان القضية؛ وأكيد المحامي هيطلب فلوس كتير بردو".
نظر إليها بحب ثم قال: "للدرجة دي يا مريم طيبة؟! ربنا يخليكي ويحفظك ليا؛ خلي شبكتك يا حبيبتي؛ مستورة الحمد لله".
مريم بتكشيرة: "لا مش هينفع؛ خدها بس اسمع الكلام".
علي بجدية: "لو احتاجتها هاقولك؛ خلاص روحي بأه دخليها أوضتك"..
أومأت برأسها إيجابًا: "حاضر".
بعد أن رجعت نظر لها بحب وابتسم قائلاً: "كل يوم بيزيد حبك في قلبي؛ وكل يوم باكتشف فيكِ ميزة".
احمر وجهها خجلاً: "أنا بأه كل ثانية......... "
وضع يده على أذنه ثم قال: "ها بتقولي إيه؟! كل ثانية إيه؟!!"
ضحكت بعفوية: "هاقوم أشوف الغدا اتأخر ليه.!"
ابتسم قائلاً: "ماشي؛ بتهربي من السؤال.!"
ضحكت ثم قالت: "لا برخم عليك؛ هروح بأه أشوف الغدا"
أومأ برأسه إيجابًا: "رخمي براحتك؛ اتفضلي حبيبتي".
******************
في اليوم التالي؛ طُرق جرس الباب بصخب شديد؛ فتح علي الباب ليجد أسعد أمامه؛ أغمض عينيه وهز رأسه وتمتم محدثا نفسه: "هو أنا باحلم.؟!"
ضحك أسعد وارتمى بين أحضانه؛ علي ببكاء: "يا حبيبي يا أسعد؛ ياااه حضنك وحشني أوي".
أسعد ببكاء: "وأنت وحشتني أوي يا عليوة".
تمتمت حسناء محدثة نفسها: "أنا سامعة صوت أسعد؛ جرى إيه يا حسناء هتفضلي تتخيلي كده كتير؟!"
وفجأة سمعت علي وهو يقول واحشني يا أسعد؛ ذهبت بالقرب من الباب تراقب من بالخارج؛ وقفت بمكانها في صمت وذهول وبكاء؛ وضعت يدها على خدها والدموع تتساقط كالبركان الثائر على خديها؛ جرى عليها أسعد بفرح واشتياق وبكاء قائلا: "وحشتيني أوي؛ كنت باموت كل يوم وأنا حاسس دموعك؛ آآه؛ كنت شايفك قدامي بتبكي.!!"
انهارت حسناء بالبكاء وخرت ساجدة؛ ثم خر أسعد وعلي بالسجود لله والشكر له؛ نهضت حسناء وجففت دموعها بيدها قائلة: "كنت متأكدة إن ربنا هينصرك ويفك كربك".
تحرك بالكرسي المتحرك إلى خارج الغرفة وقال ببكاء: "وحشتني يا أسعد يا حبيبي؛ أنا مش مصدق نفسي؛ أنا حاسس إني باحلم.!!"
جرى أسعد إلى عمه واحتضنه وهو ينهنه بالبكاء: "وحشتني أوي يا عمي؛ كنت خايف أحسن مش أشوفك تاني!"
تنهد عمه بتنهيدة فرح قائلا: "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه
خرجت زينب من غرفتها وقالت بفرح: "ألف مبروك يا ابني؛ الحمد لله ربنا ما بيظلمش حد أبدا".
التفت إليها أسعد بابتسامة: "وحشتيني أوي يا أمي"..
تنهدت بفرح: "يااااااه يا ابني؛ أمي طالعة منك زي العسل".
قال بضحكة عفوية: "طب يا أمي يا أمي يا أمي.!!"
ضحك الجميع وأعينهم مليئة بدموع الفرح؛ عمه بقلق: "أنت روحت البيت طمنت والدك ووالدتك يا ابني ولا لا؟!!"
أومأ برأسه إيجابا: "أيوة طلعت عليهم يا دوبك سلمت عليهم وأخدت دش وجيت عليكم على طول".
عمه بارتياح: "ربنا يطمن قلبك يا ابني".
علي بحيرة: "احكيلي؛ أفرجوا عنك إزاي وإيه حصل؟!!"
روى أسعد كل ما حدث من مفاجئات في القضية، فنظر له علي بدهشة: "سبحان الله!! عشان بنرخص الأسعار وبنراعي ربنا يعملوا فينا كده؟! ربنا يهديهم".
والده: "اهو خدوا عقابهم؛ ربنا يهدينا جميعا".
أسعد: "كان المفروض يفرجوا عني امبارح؛ بس على ما خلصوا الإجراءات".
علي بارتياح: "كنت قلقان عليك أوي؛ الحمد لله ربنا كريم".
ابتسم قائلاً: "الحمد لله؛ عدت على خير".
نظرت له حسناء وظلت صامتة تكتفي بالنظر إليه؛ التفت أسعد إليها قائلا: "إيه يا سمسمتي؛ لسة مش مصدقة؟!"
تبسمت حسناء بحنين: "لسة حاسة إني باحلم".
استكملت كلامها وقد اغرورقت عيناها بالدموع: "أنا فرحانة أوووي؛ عارف نفسي في إيه؟!!"
ابتسم بحب وقال: "نفسك في إيه؟!"
نهضت حسناء من مكانها وأشارت بيدها ناحية الشرفة: "نفسي أنزل اوزع على الناس كلها شربات"..
ضحك بعفوية: "يوم زفافنا بإذن الله".
ضحك والدها قائلاً: "بالليل يا علي انزل اشتري شربات وحلويات ولف على كل واحد في الشارع ووزع عليه"..
أسعد بدهشة: "يا جماعة ده كتير عليا!"
قال علي بفرح: "مش كتير عليك يا حبيبي".
أمسكت بسماعة الهاتف ثم أعطتها لأسعد: "كلم يا أسعد؛ زياد عايز يسلم عليك".
بلهفة: "وحشتني أوي يا زيزو؛ نفسي أشوفك أوي وآخدك في حضني"..
ابتسم وقال: "ألف مبروك يا حبيبي؛ فرحتلك أوي؛ وأنا اللي نفسي آخدك بالحضن أوي"..
أسعد بحنين: "ربنا يقرب البعيد وتيجي بالسلامة ونشوف بعض وساعتها احضني يا عم براحتك"..
قهقه زياد بصوت عالٍ: "يا ريت بأه؛ أحسن أنا زهقت أوي!"
أسعد بقلق: "مالك يا حبيبي؟ في حاجة متضايق منها؟!"
قال نافيا: "لا يا عم ما فيش حاجة؛ أنتم بس وحشتوني".
تنهد باطمئنان: "الحمد لله طمنت قلبي".
زياد بارتياح: "الحمد لله إني اطمنت عليك؛ هاقفل بأه عشان أكمل شغلي".
أسعد بابتسامة: "ماشي في رعاية الله".
-يا رب؛ السلام عليكم.
- وعليكم السلام.
******************
بعد مرور أيام قليلة من الفرح والسرور بدأت حسناء تكتب الرسائل اليومية التي انقطعت عنها فترة نظرا للظروف التي مرت بها؛ فتحت اللاب توب وبدأت تكتب..
<لو في يوم جالك الحزن لحد بابك خبط عليك افتح له واستقبله بصبر؛ أصل ده ابتلاء من ربك؛ وربنا لما بيحب حد بيرزقه بابتلاء عشان يخفف ذنبه؛ طب ليه ما تقلش إن ربنا بيحبك والحزن ده خير؟! آآه خد منك حاجة بتحبها وكنت متعلق بيها أوي عادي!! بيعلمك ما تتعلقش إلا بيه؛ عقلك بيقولك ليه دايما حزين وغيري سعيد؟ وعقلك ده مش بيفكرك بالآية الكريمة: "إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً"؟ الآية دي كفيلة إنها تعرفك إن بعد حزنك فرح؛ طب ليه ما فكرتش إن اللي بتقول عليه سعيد ومبسوط ده إنه فعلا سعيد؟؛ جرب كده ادخل جواه هتلاقي هموم كتيرة أوي وابتلاءات بردو كتيرة؛ بس الفرق بينكم إنه صابر وراضي وبيضحك لحزنه؛ في هذه الآية الكريمة: "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" يااه؛ يعني ربنا شايفك وعارف همك وسايبك عشان يشوفك ويختبرك هتستحمل وهترضى؛ ويوم لما ترضى بقدرك ربنا بيرزقك بفرحة بتغير مجرى حياتك للأحسن؛ اوعى تقول في يوم ليه ربنا سايب الظالمين يفتروا علينا! ربنا بيديهم فرصة يتوبوا ويبعتلهم رسايل ربانية عشان يتوبوا؛ في منهم اللي بيتوب وفي منهم اللي بيزيد في ظلمه وما بيفهمش رسايل ربه..>
(بعد أن انتهت رن هاتفها؛ تمتمت لنفسها: "دي والدة مريم؛ يااه؛ دي وحشتني أوي."
بابتسامة: "السلام عليكم؛ وحشتنيي أوي؛ عاملة إيه يا خالة؟!"
والدة مريم بحزن: "وعليكم السلام يا بنتي؛ وأنتِ كمان وحشاني أوي".
أحست من نبرات صوتها بالحزن؛ فقالت بقلق: "صوتك ماله يا خالة؟!!"
تنهدت تنهيدة متعبة: "أنا عايزاكي تيجي شوية يا حسناء؛ عايزة اتكلم معاكي في حاجة مهمة!!"
حسناء بقلق: "حاضر يا خالة؛ العصر كده هاجي بإذن الله!"
- تنوري يا بنتي؛ السلام عليكم.
حسناء بقلق: "وعليكم السلام".
ذهبت إلى علي وقالت بحيرة: "والدة صفية اتصلت بيا وصوتها حزين خالص؛ وقالتلي إنها عايزاني في موضوع مهم".
علي بقلق: "يا ترى في إيه؟!! أنا بقالي كام يوم باتصل بيهم وما حدش بيرد؛ وقلقان جداً".
رفعت حاجبها: "مش عارفة؛ على العموم أنا هاروح بعد العصر وافهم في إيه!!"
هز رأسه: "وأنا هاجي معاكي عشان اطمن عليهم".
أومأت برأسها إيجابا: "ماشي".
بعد أن ذهبا إلى بيت مريم؛ دخلت حسناء غرفة مريم وإذ بها تجد مريم مريضة في سريرها ؛ جرت عليها بقلق واحتضنتها؛ أما علي فكان جالسًا بغرفة الضيوف مع والدها..
حسناء بقلق: "مالك حبيبتي؟! أنتِ مريضة ولا إيه؟! مش تقولي يا حبيبتي عشان أجيلك.؟!"
مريم بتنهيدة متعبة: "الحمد لله على أي حال".
حسناء بقلق: "كشفتِ ولا لا؟!"
والدة صفية بحزن: "أيوة يا بنتي كشفنا عليها؛ الحمد لله في السراء والضراء".
نظرت لوالدة مريم بقلق سائلة: "والدكتور قال عندها إيه؟
اغرورقت عينا والدتها بالدموع ثم قالت: "ربنا يحفظك يا بنتي؛ مريم طلع عندها فشل كلوي!!"
وضعت يدها على صدرها وتساقطت دموعها: "يا حبيبتي! ألف سلامة عليكِ؛ أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيكِ".
مريم بابتسامة: "آمين يا رب؛ ده فضل من ربنا عليا؛ الحمد لله راضية"..
******************
مد يده بحزن وهو ممسك بعلبة صغيرة يعطيها لـعلي قائلاً: "اتفضل يا ابني".
علي بتعجب: "إيه ده يا عمي؟!!"
يبتلع ريقه قائلاً: "دي شبكتك؛ ويا ريت تبقى تروح للمأذون تطلق مريم!!"
سأل مصدوما مشدوها: "ليه يا عمي؛ أنا صدر مني حاجة زعلتكم مني؟!"
تساقطت دموعه: "لا والله يا ابني؛ بس اكتشفنا إن مريم مريضة بالفشل الكلوي؛ وما ينفعش نظلمك معاها"..
تساقطت دموع علي وأحس بداور فأسنده وساعده على الجلوس ثم ربت على كتفه: "احنا آسفين يا ابني؛ بس ده قدر ربنا".
نظر له وقال: "أنا ببكي عشان مريم يا عمي ومرضها؛ مش ببكي عشان اللي حضرتك بتقوله؛ أنا عمري ما هاتخلى عنها أبدا مهما حصل؛ أنا باحب مريم وعمري ما هاسيبها وبإذن الله ربنا هيشفيها"..
احتضنه والدموع تتساقط كالسيول من عينيه: "مش عارف أقولك إيه يا ابني؛ ربنا يكرمك ويسعدك".
جفف دموعه قائلاً: "بكرة يا عمي هاجي آخدكم وهنروح المستشفى نعمل تحليل توافق أنا ومريم"..
والد مريم بدهشة: بتفكر في ايه يا ابني؟!
علي بجدية: "ما ينفعش يبقى عندي كليتين واسيب مريم من غير كلية؛ أنا هاتبرع لها بكلية؛ بس يا رب يبقى في توافق في الدم والتحاليل اللي هيعملوها لينا"..
ظلت الدموع تتساقط من عين والدها: "أنت بتتكلم جد يا ابني؟! أنا عاجز عن الكلام؛ مش عارف اشكرك إزاي!"
بكى علي بشدة: "ما تقولش حاجة يا عمي؛ مريم دي حتة مني وما ينفعش أبخل عليها بحاجة مني!! ممكن أدخل أشوفها؟!"
-اتفضل يا ابني؛ تعالى..
طرق والدها الباب ودخل؛ ثم نادى على علي فدخل وهو ينظر إلى مريم قائلا بابتسامة: "بأه عايزاني أسيبك يا حتة مني؟!"
بكت وظلت صامتة؛ استكمل كلماته: "أنا عمري كله فداكِ؛ وبعدين أنا عندي كليتين نقسمهم سوا؛ إيه رأيك؟!"
نظر الجميع له بدهشة؛ واغرورقت أعينهم بالدموع؛ قالت والدة صفية: "بتتكلم جد يا ابني؟! هتتبرع لمريم بكلية؟!"
أومأ علي برأسه إيجابا؛ ثم قال بابتسامة وهو ينظر إلى مريم: "ولا مش عايزاني أنول الشرف ده يا مريم البتول؟!"
ظلت تبكي بشدة؛ فأمسكت بيدها حسناء ثم نظرت له بابتسامة: "هو أنت تطول إن كليتك مريم تاخدها؟! يا عم اجري كده"..
ضحك الجميع وابتسمت مريم وعيناناها مملوءة ببكاء ثم رفعت عينيها ونظرت لعلي قائلة: "جزاك الله خيراً يا علي؛ بس مش عايزة أتعبك معايا"..
علي بضحكة عفوية: "لا أنا عايزك تتعبيني"..
ضحك الجميع بعد أن تجدد في قلوبهم الأمل والتفاؤل.
******************
في صبيحة اليوم التالي ذهب الجميع إلى المشفى؛ تم عمل التحاليل وانتظروا عدة أيام حتى ظهور نتيجة نتيجتها؛ زينب تقف بجوار حسناء ومها ووالدة صفية؛ ومريم جالسة لتستريح؛ والكل يدعون بأن تكون النتيجة إيجابية؛ أما أسعد وقف بجانب علي ووالد مريم؛ ربت أسعد على كتف علي قائلا: "ما تقلقش؛ خير بإذن الله"..
علي بابتسامة: "يا رب".
خرج الدكتور ووجهه حزين ثم قال: "للأسف يا جماعة؛ مفيش توافق بين أستاذ علي وآنسة مريم"..
أنهى كلماته؛ وظل الجميع يبكون؛ هرول علي إلى الخارج باكياً وذهب أسعد خلفه لتهدئته؛ وبعد قليل ذهب الجميع إلى بيوتهم والحزن يملأ قلوبهم ولكن بكل رضا؛ والكل كان يحمد لله كثيرا؛ قلوبهم عامرة بالإيمان.
******************
بعد مرور أسبوع جاء اتصال لوالد مريم من المستشفى فرد قائلا: "السلام عليكم".
الطبيب بابتسامة: "وعليكم السلام؛ أنا دكتور محمد يا حاج اللي متابع حالة بنتك الاستاذة مريم".
والد مريم بقلق: "أهلاً بحضرتك؛ خير يا دكتور؟!"
الطبيب بابتسامة: "خير بإذن الله؛ احنا لقينا متبرع لبنتك وعملنا توافق والحمد لله في توافق".
والد مريم بفرح: "بجد يا دكتور؟! ده أجمل خبر سمعته"..
الطبيب بتفاؤل: "تقدروا تيجوا بكرة الصبح عشان نحضر مريم للعملية"..
والد مريم بابتسامة: "من الفجر هنكون عندك بإذن الله".
رغم فرحتهم الكبرى ظلوا يتساءلون من هذا المتبرع؟؛ ثم اتصل وأخبر علي؛ ففرح علي كثيرا وأسرته؛ وذهبوا جميعا في صبيحة اليوم التالي إلى المستشفى.. حيث خرج إليهم الطبيب ممسكا ببعض الأوراق والتحاليل؛ وبعد أن ألقى السلام عليهم ابتسم قائلا: "بإذن الله هنجهز المريضة للعملية بكرة؛ مش عايزين نضيع وقت أكتر من كده"..
نظر علي للدكتور بجدية متسائلا: "ممكن يا دكتور نعرف مين المتبرع؟!!"
ضحك ضحكة عفوية ثم نظر إلى أسعد وقال: "اللي حصل بعد ما عرفنا نتيجة التوافق سالب بينك وبين خطيبتك, تاني يوم أستاذ أسعد جالي وطلب يعمل توافق..
نظر له علي وقد اغرورقت عيناه بالدموع وقال: "أنت يا أسعد اللي هتتبرع لمريم بكليتك؟!!"
قال أسعد بحزن: "يا ريت؛ كنت أتمنى أنول الثواب العظيم ده؛ بس للأسف نتيجة التوافق طلعت سالب!"
التفت الجميع للطبيب بدهشة وقالوا في نفس واحد: "أومال مين المتبرع يا دكتور؟!"
الطبيب بجدية: "سيبولي بس فرصة أكمل كلامي؛ كان حاضر مع أستاذ أسعد آنسة حسناء؛ وهي كمان طلبت تعمل توافق وقالت عشان لو طلع مفيش توافق بين المريضة وأسعد ما نضيعش وقت وتكون هي كمان عملت التوافق؛ والحمد لله طلعت النتيجة إيجابية بفضل الله"..
التفت الجميع إلى حسناء بذهول؛ ثم اقتربت والدتها إلى حسناء بقلق قائلة: "خايفة عليكِ يا بنتي؛ بس عمري ما هاقدر أمنعك تعملي عمل خير؛ وتنقذي مريم من اللي هي فيه"..
احتضنتها وقالت: "كنت خايفة تزعلي مني يا ماما؛ سامحيني ما كنتش أقدر أشوف مريم مريضة وافضل ساكتة".
اقترب منها علي ببكاء واحتضنها: "ربنا يجازيكِ كل خير يا حسناء؛ حاسس إن روحي رجعتلي تاني؛ ربنا يجبر بخاطرك".
حسناء بابتسامة: "وأنا روحي رجعتلي لما شفت ابتسامتك رجعتلك تاني".
اتجهت حسناء إلى والدة صفية ثم قالت لها بابتسامة: "ما تبكيش؛ مش قادرة اشوف دموعك"..
والدة صفية احتضنت حسناء: "مش عارفة اقولك إيه؛ روحي يا بنتي ربنا يسعدك في الدارين ويرزقك الفردوس الأعلى"..
تنهدت حسناء بطمأنينة:"أجمل دعوة سمعتها في حياتي".
والد مريم: "جزاكِ الله خيرا يا بنتي؛ رجعتي في وشوشنا الفرحة؛ ربنا يفرح قلبك"..
حسناء بإحراج: "وجزاك مثله يا عمو"..
مريم ببكاء نادت على حسناء: "حسنااااء"..
التفتت إليها حسناء ووضعت إصبعها على شفتها قائلة: "هوووس ما تقوليش ولا كلمة"..
لم تقدر حسناء أن تستكمل كلماتها؛ أسكتها البكاء وجرت نحو مريم احتضنتها بشدة؛ ارتمت مريم بحضن حسناء ثم تنهدت بقوة وقالت: "سبيني يا حسناء أموت؛ أنا كده كده مريضة؛ إنما أنتِ الحمد لله كويسة؛ بلاش تتعبي نفسك عشاني"..
أوقفتها حسناء بصرامة: "بس ما تقوليش كده؛ ربنا بإذن الله هيشفيكي ويعافيكِ عن قريب"..
استكملت كلماتها بتكشيرة: "بطلي بأه تقولي كده؛ هازعل منك بجد"..
مريم ببكاء: "ربنا يجازيكِ كل خير زي ما فرحتينا كلنا.
حسناء بفرح: "وجزاكِ مثله؛ شفتي هتقاسميني في كليتي؛ حافظي عليها؛ ماشي؟!!"
ابتسمت مريم قائلة: "مش هيبقى عندي غيرها؛ لازم أحافظ عليها ما تقلقيش"..
ضمتهم مها بيديها واحتضنتهم وعينها تتساقط منها الدموع وهي تقول: "ربنا يخليكم لبعض ويقومكم بالسلامة بإذن الله"..
مريم وحسناء: "آمين يا رب يا ميهو"..
ذهبت حسناء إلى علي وسألت في حيرة: "هو فين أسعد؟!!"
أشار علي بيده إلى استراحة بعيدة قليلاً ثم قال: "أسعد قاعد في الاستراحة اللي هناك دي".
اتجهت إلى هناك وجلست بجانب أسعد ثم نظرت له وقالت: "لسة قلقان؟! مش قولنا نسيبها على الله؟! وبعدين مش الدكتور طمنك وقال إن العملية نسبة نجاحها كويسة بفضل الله.؟!"
بحزن وقلق نظر إليها قائلا: "خايف أوي عليكِ؛ وفي نفس الوقت ما ينفعش اقولك بلاش؛ وما كانش ينفع نفضل ساكتين واحنا شايفين مريم حالتها بتتدهور كل يوم؛ ولا علي اللي كان بيقطع قلبي عليه"..
نزلت دموعها فجففتها وقالت: "شفت ابتسامتهم رجعت ليهم كلهم إزاي؟! يااه؛ أنا فرحانة أوي إني قدرت ارجع الابتسامة ليهم كلهم؛ ده حتى لو حصلي حاجة في العملية وتوفاني الله؛ مش مهم؛ كفاية عندي إني رسمت البسمة على وشوشهم"..
قال بخوف وصوت عالٍ: "اوعي تقولي كده تاني أرجوكِ؛ ربنا يديكي الصحة والعافية ويقومك بالسلامة".
حسناء بحب: "آمين يا رب؛ وربنا يديمك عليا نعمة ويخليك ليا."
أسعد بابتسامة: "يا رب؛ ويخليكي ويحفظك ليا".
(بعد مرور أسبوع وبعد أن تم نقل كلية من حسناء إلى مريم بفضل الله تم شفاء حسناء ومريم وهما الآن في فترة نقاهة؛ ورجعت الابتسامة للجميع بعد أن عاشوا لحظات وأيام من القلق والخوف.)
******************
بعد مرور سنة؛ كانت حسناء ومها قد انتهتا من امتحانات الفرقة الرابعة بفضل الله؛ وكلتيهما نجحتا بتقدير امتياز؛ أما مريم بعد شفاءها طلب علي منها أن تعمل معه في شركته هو وأسعد بعد أن كبرت الشركة بفضل مجهودهما؛ من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه؛ بعد أن تركت مريم الشركة التي تعمل بها لترتدي النقاب؛ عوضها الله بعمل أفضل..
جاء يوم زفافهم الجماعي (أسعد & حسناء)؛ (علي & مريم)؛ (زياد & مها)؛ تم عمل حفل زفاف إسلامي جماعي؛ كانت الفرحة والأناشيد ترج المكان؛ الجميع يضحكون والفرحة تملأ قلوبهم؛ وبعد انتهاء الحفل أخذ كل زوج زوجته وذهبوا إلى عش الزوجية الذي يملؤه الحب، المودة، والرحمة..
زياد بسعادة: "أخيرا يا مها اتجوزنا؟! يااااه مش مصدق نفسي".
مها بفرح وابتسامة: "الحمد لله؛ ربنا جمعنا على خير؛ دي سنة كانت طويلة أوي؛ وفيها أحداث كتيرة؛ الحمد لله بعد كل حزن كان بيجي وراه فرج وفرح بفضل الله"..
زياد بتنهيدة فرح: "الحمد لله؛ أهم حاجة إن الكل بخير؛ وأحلى فرحة لما شفت والدي؛ ما تعرفيش كان واحشني أد إيه؟!!"
تنهدت بسعادة: "ربنا يجعل كل أيامنا الجاية فرح وسعادة".
زياد بحب: "آمين يا رب".
******************
يمسك بيد مريم وينظر إليها بحب قائلا:"باحبك يا حلالي.
مريم بخجل: "وأنا كمان".
علي بضحكة عفوية: "وأنتِ كمان إيه؟!!!"
نظرت له وهي تقول بصوت عالٍ:باحبببببببببببببببببببببك.
يمثل الخجل ويغمض عينيه: "وأنا كمان".
تبسمت قائلة: "ربنا يخليك ليا ويرزقنا الذرية الصالحة".
علي بجدية: "بخصوص الذرية الصالحة بإذن الله؛ تحبي لما ربنا يرزقنا بولد أو بنت بإذن الله نسميهم إيه؟!!"
مريم بدون تردد: "لو بنت هنسميها صفية".
علي بجدية: "ولو ولد هنسميه عبد الرحمن".
مريم بحب: "بإذن الله".
******************
تدور حول نفسها؛ يمسك يديها أسعد ويدور معها؛ والضحكات تتعالى؛ قهقه بصوت عالٍ وقال: "باحبك يا أجمل حاجة حصلت في حياتي".
توقفت عن الدوران وجلست على الأريكة وهي تقول بدلع: "ما أنا عارفة إنك بتحبني من زمااان أوي؛ قول حاجة جديدة"..
أسعد بتريقة: "حاجة جديدة!!"
ضحكت ثم قالت مداعبة: "اللي هي إيه بأه؟!"
رفع حاجبه وقال: "اللي هي باحبك..."
ضحكت بصوت عالٍ وقالت بحنين: "عارف يا أسعد أنا سعيدة بيك أوي؛ ربنا يخليك ليا يا رب"..
أمسك يدها بحب: "مش أسعد مني.!!"
تبسمت قائلة: "ماشي يا أسعد"..
استكملت كلماتها بجدية وقلق: "اوعى يا أسعد تسيبني وتروح تتجوز عليا!!"
أسعد بصرامة: "أنا باحبك يا حسناء وعمري ما هافكر أتجوز غيرك، عارف إن شرع ربنا يسمح أتجوز أربعة؛ لكن أنا لو اتجوزت واحدة غيرك مش هاعرف أعدل بينكم؛ لأني بحبك أنتِ جدا وعمري ما هاقدر أحب غيرك؛ يبقى أظلم واحدة غيرك ليه ومعرفش أعدل؟! أنا مكتفي بيكي أنتِ؛ أهم حاجة يا حبيبتي إننا نتعامل بحب ومودة ونقتدي برسول الله ـ صل الله عليه وسلم ـ في كل تصرفاتنا وحياتنا"..
قالت بطمأنينة: "صلى الله عليه وسلم" ـ..
ثم تنهدت بارتياح: "طمنت قلبي ربنا يطمن قلبك"..
التفت إليها أسعد بجدية: "قوليلي نفسك في إيه؛ أو بتتمني إيه؟!"
أشارت إلى البرواز المعلق على الحائط الذي به صورة المسجد النبوي؛ ثم قالت باشتياق: "نفسي أزوره يا أسعد؛ نفسي كمان أطوف حوالين الكعبة".
استكملت كلماتها ودموعها تتساقط: "نفسي أروح أغسل ذنوبي وأطهر نفسي بماء زمزم؛ ياااه؛ حلم حياتي"..
أسعد بجدية: "وعد عليا أروح أنا وأنتِ نحج بإذن الله"..
ابتسمت واحتضنته ورددت بصوت عذب:
"دايما بحن لبيتك يا رب وعيوني بتبكي
باشوف حجاج على الطيارة بتجري
آه منهم باغير وأقول يا رب نفسي
ألبس أبيض في أبيض كأنه يوم فرحي
وفي الطيارة أسمع خلاص دقايق وأحضر نفسي
وعلى مكة نوصل ومن الفرحة يطير قلبي.......
قاطعها أسعد واستكمل:
"وأطوف حوالين الكعبة وبرؤيتها أفرح واتهنى
وبماء زمزم يا رب تطهر روحي وتشفي جروحي
وأزور محمد رسولي صلوات ربي عليك حبيبي
روحي بترفرف ومن الفرحة بتلمع عيوني
وأغسل همومي وعليك يا رب أرمي حمولي
وأصلي وأسجد وفي دعائي تبكي عيوني......
استكملت حسناء في دهشة وعينها تتساقط منها الدموع:
"وفي وقت واحد ساعة الأذان بصوت عالي
شيخنا يؤذن ونردد معاه افتكر بلال مؤذن رسولي
كان يؤذن الكل يسكت حلاوة صوته تريح تهدي
دايما بالح في دعائي عارفة يا رب هتلبي طلبي
مش هتخذل قلب محتاج يحج وبعمرة تغفر ذنوبي"..
مسح أسعد دموعها فنظرت له في دهشة: "أنت حافظ الخاطرة دي إزاي؟!"
غمز لها وقال: "أنا متابع كل خواطرك على صفحتك من زمان أوي؛ وتقريبا حافظهم كلهم".
رفعت حاجبها بدهشة قائلة: "ده أنت طلعت سوسة"..
ضحك ضحكة عفوية: "ماشي؛ بس بصراحة كلماتك تمس القلب؛ بكرة تبقي كاتبة مشهورة كمان"..
حسناء بتريقة: "كاتبة؛ ومشهورة كمان؟! لا يا عم أنا كل اللي طلباه من ربنا إنه يتقبل أعمالي ويبعد عني شر النفاق والرياء"..
أسعد بابتسامة: "جددي نيتك دايماً بكده؛ وربنا يتقبل منك"..
حسناء بسعادة: "ربنا ما يحرمنيش منك"..
أسعد بحب: "ولا يحرمني منك يا حتة مني"..
******************تمت بحمد الله وفضله
اللهم اجعل عملي خالصا لوجهك الكريم