كان أسعد وقت قضيته في رأس البر في الصيف الماضي هو وقت الذي قضيته مع سعيد افندي وزوجته إلهام واتفق ان كانا يسكنان العشه المجاورة لعشتي فتزاورنا فصارا وأسرتي وأولادي أسرة واحدة .
وكان سعيد في نحو الخامسة والعشرين من عمره معتدل القامة وسيم الوجه غير انه كان بادى الجد والرزانه اذا ضحك لم يزد على ابتسامة خفيفة تنفرج عنها شفتاه لحظة ولم يكن جده عن كبرياء كلا بل كان كمن يخفي حزنا دفينا أو كمن مرت عليه تجارب الحياة كلها فصار كهلا قبل الأوان.
اما زوجته الحسناء فلم تكن سنها تزيد عن العشرين عاما متعلقة بزوجها تعلقا يكاد يبلغ عن حد العبادة وقد لحظت ذلك ايضا زوجتي اذا كانت كلما تحدثت معها صرفت الحديث دائما الى سعيد والثناء على سعيد على ان زوجها لم يكن يستغل ذلك الحب بل كان يقابله بمثله.
على ان هذه الأسره الصغيرة الهانئة لم تلبث طويلا في رأس البر فقد كان سعيد افندي يعاني من الروماتيزم فلم يستطع صبرا على الجو هناك وعاد الى القاهره ومن يدري لعله تاق الى عمله في المدبغة التي يملكها ويديرها ولم يقدر على البعد عنها طويلا وهو رجل الجد.
مضت الشهور والأيام وكدت انسى سعيدا وزوجته حتى كلفت من قبل الديوان الذي اعمل فيه ان أذهب الى حي المدابغ للتفتيش على العمال الصغار وان ذاك تذكرت سعيدا فقصدت توا الى مدبغته ولما رآني رحب بي ويسر لى القيام بمهمتي وبعد ئذ عرض علي ان أطوف نواحي المدبغة لأرى الآلات الجديده التي ركبها بها.
ولما كان مرض الروماتيزم قد اشتد به فقد اعتذر لي من عدم الطواف معي ونادى عاملا يدعى اسماعيل من بين العملاء في نحو الأربعين من عمره وكان مثلهم يشتغل في (الاحواض) وهو عاري الجسد الا من قطعة خيش حول وسطه فلما مثل بين يديه قال له:
_ من فضلك فرج الاستاذ على المدبغة والماكينات وطريقة الدباغة بالكروم والبراميل وبعدين روح واياه عند عم عزب وخليه يديله شويه عينات من الجلد.وقد طاف بي العامل اسماعيل ارجاء المدبغة وهو يشرح لي كل ماتقع عليه عيناي وشرح خبير حتى لم يسعني الا ان سألته:
-انت بتشتغل في المدبغة دي من زمان.؟
_من زمان قوي.. من مدة ماكنت عيل.يتبع...
ولاتنسون التفاعل والتعليقات الحلوة حتى استمر
وشكرا ☺️☺️.
أنت تقرأ
اليتيم
Short Storyولد يتيم فقد ابواه منذ الصغر وعاش مع جده لامه وخاله الذي كانوا يرونه اسوء العذاب ويعاملوه كانه غريب. اهدي هذه القصة لكاتبها الذي لا اعرف اسمه من روائع الزمن الجميل .