الفصل الخامس والثلاثون

2.4K 42 3
                                    

حلقةالخامسةوالثلاثون من الرواية------ انت لي----

لم أكن أريد أن يدركنا الظلام ، سرت بأقصى سرعة ممكنة ، لكن الشمس سبقتني بالغياب ...

حين وصلت إلى المدينة الساحلية ، مسقط رأسي ، كان الظلام قد غطى الأجواء ...

تسارعت نبضات قلبي و أنا أسير في الطريق المؤدي إلى بيتنا... كلما وقفت عند إشارة مرور ، توقفت الذكريات عند حدث معيّن ...
شوارع المدينة لم تتغير... الكثير من الحفريات و الإصلاحات مبعثرة على الشوارع... لا تزال بعض المباني منهارة كما خلّفتها يد الحرب... و لا تزال المناظر تثير الرهبة في قلوب الناظرين...

" هنا مدينتنا "

قلت ذلك ، مخاطبا أروى التي كانت تشاهد المناظر من حولها... و كأنه واقع مخيف مرير أخشى تلقيه بمفردي...

" إنها آثار الحرب ! "

عقّبت أروى ، فقلت :

" و أي آثار ... ! تحمل هذه المدينة من ألم الذكرى و بصمات الماضي ما يجعل قلبي يتصدّع من مجرد ذكر اسمها ... "

و أي ذكرى أقسى من ... ذلك اليوم المشؤوم... الذي غيّر مجرى حياتي نهائيا ...
كأني به يعود للوراء...
كأني بعمار اللعين ... ينبعث من قبره...
كأني أراه يبتسم ابتسامته الشرسة القذرة... و يرمي بالحزام في الهواء...
كأني ... برغد تصرخ... تركض إلي... تتشبث بي... تخترق صدري ، و خلايا جسدي ... تمزّق قلبي ... تحرق أعصابي عصبا عصبا ... و تفجّر في داخلي رغبة عارمة مزلزلة ... منطلقة بعنف و سرعة ... ككتلة نارية قذفها بركان ثائر هائج... آبية إلا أن تنتهي بضربة بشعة فتاكة على رأس عمّار... خاتمة بها آخر أعماله القذرة ...

لم أتمالك نفسي ، دست بقدمي بقوة ... انطلقت السيارة بشكل جنوني... كنت ُ أراه أمامي... و كنت أريد أن أدوسه و أسحقه تحت العجلات ... مرة بعد مرة ... بعد مرة ...

" وليد ! خفف رجاء ً ! "

هذه المرة كانت أم أروى هي المتحدثة ، أعادتني إلى الواقع ، فوجدت نفسي أقود سيارة في شارع داخلي لا يخلو من النتوءات و الحفر ...

خففت السرعة ، و ألقيت نظرة على رغد من خلال المرآة ... كانت هي الأخرى مشغولة بمراقبة الطريق ...

أتراها تذكر ؟؟

الآن انتقل بصرها إلي ... أشارت إلى الخارج عبر النافذة و قالت :

" إنها مدرستي ! "

نعم إنها هي !

نعم إنها تذكر ... حاولت أن استشف من عينيها مدى تأثرها... و إلى أين وصلت بها الذكرى...
حدّقت في مبنى المدرسة... ثم حدّقت بي...

كيف تشعرين يا رغد ؟؟

هل يؤلمك شيء كما يؤلمني ؟؟

هل تطوف في مخيلتك ذكريات ذلك اليوم النحس، كما هي مسيطرة علي الآن ...؟؟

أنتِ لي لمنى المرشودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن