|1|

28.5K 1.1K 291
                                    

في عالم حيت يعتبر الإنجاب رمزا للإستقلالية والقوة خاصة مع نظرات المجتمع التي لا ترحم .
زادت الضغوط عليها، وبدأت الشكوك تساوره، حتى قرر هو أخدها لزيارة بيوت عرافين وحكماء في مدن مجاورة لإزالة الشك وآملآ في إيجاد حل.
لكن مع مرور الوقت، تحولت الأمال إلى إحباط، ومن ثم إلى غضب، وإنتهى به إلى إتهامها بأنها السبب وراء حرمانه من الأبوة وبكلمات قاسية أنهى علاقتهم التي دامت لست سنوات.

" لا أستطيع الإستمرار هكذا، أنت لا تستطيع منحي ما أريد، داليا"

كانت كلماته كنصل خناجر يخترق قلبها، لن يكن مجرد رجلا عادي كان عالمها كله لكنه حطمها بسبب أمر ظن أنه هدفه في الحياة، وغادر هو حياتها وغادرتها هي كجثة وإمرأة تعيسة الحظ، بخطأ طبي من طبيب غير كفئ وسط عملية وفي مستشفى حكومي بإمدادات بسيطة توفيت تاركة حياة وذكريات وآلام داليا لويرس  لم يعد لها وجود، جسدها الذي تعفن وسط التابوت في مقبرة وسط المدينة التي عاشت فيها حياتها كلها كطفلة، مراهقة و إمرآة ومن ثم مطلقة غير قادرة على الإنجاب  لم تكن لها أي أهمية والآن هي جثة.

لكن هناك خطط أخرى يحيكها القدر من خلفها،لن يترك ظالم بلا عقاب أو مظلوم بلا حقه، لكل حقه في هذه الحياة وداليا ليست إستثناء.

إستيقظت على وقع أصوات غريبة تملأ أذنيها، أصوات لم تكن مألوفة لها أبدا، كانت تشبه همسات رياح وكأن العالم حولها يتحدث لغة قديمة منسية، حاولت فتح عينيها لكن جفونها كانت ثقيلة، وكأنها تحمل ذكريات كثيرة. وعندما نجحت أخيرا في رفعها وجدت نفسها مستلقية على سرير ناعم، لم تكن هذه الغرفة التي تعرفها أو المكان الذي إعتادت على العيش فيه. حتى جسدها لم يكن جسدها، عندما رفعت يديها أمام عينيها، صدمت برؤية أصابع طويلة نحيلة تزينها نذوب صغيرة تشبه السحر، شعرت بنبض غريب داخل صدرها وضيق لا يصدق.

"أين أنا؟"

همست بصوت خافت، خرج صوتا عميقا وناعما مختلفا تماما عما تتذكر أنه كان.
نهضت ببطء، حدقت أولا بالرداء البسيط من القماش الحريري الذي ترتديه مطرز برموز غريبة تتلألأ تحت الضوء الخافت الذي يتسرب عبر الشرفة.

بدأت تمشي بخطوات مترددة، كل خطوة تفكر مائة مرة قبل إتخادها خائفة من مواجهة المجهول، عبرت من جانب السرير نحو المرأة العملاقة في الجهة اليمنى، وحينما حطت بجسدها أمامها تصنمت بتفاجئ وصدمة.

إمرأة تبدو وكأنها خرجت من أسطورة قديمة. شعرها الفضي الطويل يتدلى كشلال من ضوء القمر، متموجاً بخفة مع كل حركة تقوم بها،  كان لونه فريداً، ليس كالشعر الأشيب الذي يأتي مع تقدم السن، بل كان لوناً حياً، يتلألأ تحت الضوء، عيناها الخضراء كانتا كجوهرتين نادرتين، تشعان ببريق غامض. كانتا تشبهان غابات خضراء كثيفة، وبشرتها كانت بيضاء ناعمة، تشبه لون الثلج النقي تحت ضوء الفجر. لم تكن بيضاء باهتة، بل كانت مشرقة، وكأنها تتوهج من الداخل بضوء خافت. كانت بشرتها خالية من العيوب تقريباً.
ملامح وجهها كانت متناسقة بدقة، مع خدود مرتفعة قليلاً وفم صغير وردي. أنفها كان رفيعاً ومستقيماً، يضفي على وجهها مظهراً أنيقاً. لكن ما كان يلفت الانتباه أكثر هو هالة الهدوء التي تحيط بها.

 حامل بالطفل الطاغية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن