البداية والنهاية

213 34 10
                                    

سبق وسمعت بالمثل «رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة»، لنأخذ أن كتابة الرواية هي رحلة الألف ميل، برأيك ما هي الخطوة الأولى؟
البداية، البداية هي الخطوة الأولى لكتابة الرواية، بحيث تعتبر البداية هي الشيء الذي يحدد للقارئ إذا ما كان سوف يكمل قراءة القصة أو يهملها.
ومن هذه البدايات هي المقدمة، بحيث تعتبر نصف الرواية، وتعتبر كغلاف ثانٍ لمحتوى القصة، لذلك يجب أن تعطي كل مهاراتك اللغوية والإبداعية بها فيجب أن تكون شيئا ملفتًا وإبداعيًا بدل النسخ من المقدمات المبتذلة، فهي من ستحدد إذا ما كان القارئ سوف يكمل القراءة أو يترك الرواية.

في الوقت الحالي أحزن عندما أرى المقدمات المتشابهة التي تحتوي على «استيقظتُ من نومي وذهبت لأكل الطعام» أو التعريف بالنفس مثل «مرحبًا، سأعرفكم بنفسي أنا ايميلي»، لا أقصد أنها سيئة ولكنها بدايات مستهلكة، ولن تجذب القارئ، لذا الأفضل أن تكون البداية مشوقة تحمّسك كي تذهب للفصل الذي يليه وتجد نفسك قرأتها بأكملها دون أن تدري.
وهناك أمثلة على البدايات القوية مثل البدايات التي تكون مليئة بتفاصيل الرواية بحيث لا تكتب كل الرواية بها لكنها تشدك كي تكمل القراءة.
أما الأمثلة غير المحبذة مثل الاسترجاع الزمني، تخيّل أن تقرأ البداية ثم فجأة تبدأ البطلة باسترجاع ذكرياتها دون أي تنبيه أو أحداث في الحاضر.

لكن كيف أحصل على بداية جيدة؟
أنظر لروايتك جيدًا، أعد النظر بالأحداث، وبالتأكيد على حسب سير الأحداث حدد، مثلًا لو روايتك تتحدث عن التحقيق في جريمة قتل؛ فأفضل بداية هي عرض جريمة القتل، ثم تحقيق الشرطة بها، فلا يمكنكَ أن تبدأ بتحقيق الشرطة ثم تعود للخلف حيث متى وجدوا الجريمة فهذا سوف يشتت القارئ.
أيضًا تحديد فئة الرواية يساعد بتحديد البداية، مثلًا لو روايتك خيال والبطل هجين وتريد أن تشوّق فيمكنكَ عرض قوته الأولى في البداية، وتترك الثانية للنصف أو النهاية، فعرض القوتين في البداية سوف يخفف من حماس القارئ.

وأخيرًا تخيّل روايتك فيلم، اكتب البداية كما لو أنكَ تشاهد هذا الفيلم لأوّل مرة، وحينها ستقرر هل جذبتك البداية كي تكمل الفيلم، أما أنكَ رأيتها مملة وغيّرت المحطة لأخرى؟

عندما خطونا الخطوة الأولى بالبداية، وأكملنا باقي الطريق حتى وصلنا لآخره، ما هي آخر خطوة سنخطوها؟ النهاية بالتأكيد.

قرأت مرة شيء وأعجبني كثيرًا، وهو: «فكر بالنهاية قبل البداية».
النهاية تُشكّل عاملًا رئيسيًا للرواية٬ فَـعَلى أساسها تُحدد مصير الرواية لدى القارئ إن كانت ستوضع برَف مكتبته كالكتب المحببة لقلبه٬ أو تذمره وندمه على قراءتها وإهمالها.
لا يشترط أن يتبع الكاتب ما هو رائج في كتابة الروايات مثل جعل النهاية سعيدة حد الخيال أو حزينة لدرجة النفور، يمكنه أن يتفرد بها ويجعلها ما بين السعيدة والحزينة بحيث ترضي جميع الأطراف من القرّاء.

وبالطبع هناك أنواع للنهايات، وما أجمل من النهايات التي تجعلك تقف مشدوهًا أمام كلماتها! أما أن تكون دهشة التفاجؤ بأن الأحداث تحوّلت إلى هكذا نهاية من السعادة أو الحزن، أو أن تكون الدهشة المصحوبة بسؤال «ما هذا؟»، مثل الرواية التي انتهت لكن اتضح أن كل ما يحدث مع الأبطال كان مجرد حلم ولم يكن حقيقي.

وهناك نهاية غير محببة للبعض وهي النهاية المفتوحة، هناك أسباب كثيرة لجعل نهاية الرواية مفتوحة وجميعها تعود للكاتب نفسه، في بعض الأحيان يكون الكاتب غير قادر على كتابة نهاية لروايته، منها أنه لا يود أن تنتهي، أو ربّما النهاية المُثلى هي موت شخصية لكن هو أضعف من أن يقتلها.
برأيي النهاية المفتوحة هي أمر جيد وسيء، لأن أكثر ما يشد القارئ هي النهاية، وسمعت الكثير يقولون أنني إذا أردت أن أقرأ رواية أذهب لنهايتها، إذا أعجبتني سأكملها وإذا لم تعجبني فلا.
لكن من الناحية الأخرى النهاية المفتوحة جيدة كي تثير أعصاب القارئ بالأسئلة لمَ سيحدث تاليًا، خصيصًا لو كان هناك جزء ثانٍ من الرواية.

في بعض الأحيان يتعرض الكاتب للضغط من قِبل دور النشر أو القرّاء كي يكمل النهاية، وبهذا هو يكتبها بطريقة لا يريدها، مثلًا أن تكون النهاية التي في باله حزينة لكن بسبب الضغط يجعلها سعيدة، وتعتبر هذه النهاية من النهايات المفاجأة، بحيث أن الأحداث كانت تمشي على نمط معين من الحزن لكن في النهاية تحولت إلى سعيدة.
وفي هذه الحالات تعتبر النهاية المفتوحة هي أنسب حل كي يرضي الكاتب الذي داخله والقرّاء في نفس الوقت.

لكن بالطبع هناك فرق بين نهاية الرواية ونهاية الكتاب.
الفرق هو: أن نهاية الرواية عادة تكون بحلّ أو عدم حلّ الأسئلة والاستفسارات التي أُثيرت في ذهن القارئ أثناء الكتابة، وحل العقد للرواية.
بينما نهاية الكتاب، والتي غالبًا ما تكون تكميلية، تكون في آخر صفحاته بما فيها، والتي غالبًا تكون أحداث هامشية، كزواج البطلين مثلًا وهكذا.

وآخر نوع من النهايات هي التي تكون بأكثر من نهاية، بحيث تتضمن النهاية أكثر من حدث واحد ينهي الرواية، مثلًا أن يتم كتابة نهاية سعيدة لبطلي الرواية، لكن في نفس الرواية هناك شخصيات أخرى انفصلت وكانت نهايتها سعيدة.

يتم الوصول للنهاية عن طريق تتبع الأحداث بشكل جيد وبمنطقية، بحيث تصبح ملائمة لطريقة سيرها، لذا الإعتناء بوضع نهاية جذابة متناسقة من حيث المنطقية وتكامل الأحداث ستجعلها واحدة من أفضل الروايات الناجحة.

•••
الخلاصة:

-البداية: هي الغلاف الآخر للرواية، والاعتناء بها وكتابتها يمثّل مدخل لها يحدد إذا ما كان القارئ سيستمر بالقراءة أم لا، ولها عدة أنواع.

-النهاية: النهاية هي من أهم أجزاء الرواية، وهي التي ستحدد إذا ما كان القارئ سيبقى يتذكر الرواية أم ينساها، وأيضًا لها عدة أنواع.

•••
-ما نوع البداية والنهاية التي تحبونها؟

-هل سبق وقرأتم نهاية لا زلتم تتذكرونها؟ ما هي؟

-ما الذي تظنون أنه الأهم؛ البداية أم النهاية؟

نحبكم كثيرًا.
من كتابة العضو: ڤايبر وايت.

وتر معقود |عنصر الحبكة|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن