الأحداث الرئيسية والفرعية

1.7K 178 71
                                    

"الأحداث المميزة هي الوصفة السحرية الكفيلة بتحويل القصة المستهلكة إلى قصةٍ مبتكرة".

تعد الأعمال الفنية بمختلف أنواعها شكلًا من أشكال تجسيد روح الفنان، كذلك الأمر للأعمال الكتابية؛ فهي طريقةٌ للتعبير عن مكنونات الكاتب من أفكارٍ تغزوا رأسه، أو مشاعر يضجُّ بها قلبه، أو وقائع عايشها تركته ينعم في السعادة أو يغرق في الندم.

وحيث أن مهمة الكاتب في عمله إيصال الفكرة مستعينًا بشخصياتٍ يحيطها مكانٌ وزمانٌ، وتتفاعل فيما بينها خالقةً أحداثًا، والتي تولِّد بدورها مفهوم الحبكة أو العقدة، ويسعى الأبطال بدورهم مستعينين بالظروف من حولهم لحل هذه العقد.

سيرُ الأحداث يشبه وترًا طويلًا يمتد باستمرارٍ واستقامة، ثم لظرفٍ ما يتعقدٌّ مشكِّلا انتفاخًا يكون عقبةً للمارين من عنده، وهنا تكون أمام حلين: الأول أن تقطع الوتر من نقطةٍ قبل العقدة، ثم تجلس عند هذه النقطة دون طريقٍ كي يساعدك على إكمال مسيرك، أما الثاني فيكون بحلِّ العقد وإعادة الوتر إلى الشكل الصحيح.

لكن قبل الحديث عن العقدة، وكيفية نشوئها وفكِّها، علينا التعرف على وترنا بدايةً، والذي سنسميه بالحدث.

الفعل حَدَثَ حدوثًا، فهو حادثٌ ومحدوثٌ عنه، أي وقوع الأمر وحصوله، والاسم حَدَثْ وجمعه أحداثٌ، ويعني الوقائع والأمور الحاصل التي تطرأ على شخصٍ أو شيء.

بلغةٍ أبسط، يمكننا تعريف الحدث بكل الأمور التي تتعرض لها الأشياء والأشخاص في القصة؛ فالزواج حدثٌ، والقتلُ حدث، والمرض، والسرقة، وكسر الأشياء، واختفاؤها، والتفكير واتخاذ القرارات، كلها أحداث. نستنتج تباعًا أن كل شيء من حولنا هو حدث، أي الأحداث هي المكون الأساسي لكل ما يجري، ويربط وتر الحدث بين بداية قصتك ونهايتها.

وهنا قد يُطرحُ سؤالٌ؛ لماذا كل شيءٌ هو حدثٌ؟
ونجيب ببساطة: لأن الأشياء كلها تتغير باستمرارية، الأشياء تنفد، تتحول، تتكسر، تندثر، والأشخاص يتقلبون، وتختلف مزاجيتهم وردود أفعالهم وطرائق تعاملهم مع الأمور، أي أن وقوع الحدث هو الذي يحرك عجلة قصتك.

تقسم الأحداث في القصة إلى نوعين من حيث الأهمية:

أولها الحدث الرئيس، وهو المسؤول عن تغييرٍ جذري، ويضع الأبطال تحت قرارات مصيرية وحاسمة، وأشهر الأمثلة على ذلك في قصص الحب خيانة أحد البطلين، إذ تؤثر هذه الخيانة عليهما بشكل ظاهرٍ وقويٍّ للغاية، وفي القصص البوليسية يحكم المجرم قبضته على البطل الخيّر، وفي قصص الخيال العلمي تطرأ مشكلةٌ قد تؤدي إلى موت الأبطال.

يعمل الحدث الرئيس على خلق العقدة أو الحبكة، وعليك ككاتبٍ أن تحكم صنع حدثك؛ فلا تدع مجالًا للقارئ كي يرى الثغرات ونقاط الضعف في حدثك، عليه أن يكون منطقيًا وسلسًا ومناسبًا لفكرة القصة وطبيعتها،  شديد الإسهاب والبروز بحيث يتذكره القارئ منذ قراءته وحتى انتهاء القصة، فنراه يتحمس ويقفز شوقًا لمعرفة ما ستؤول إليه الأحداث تباعًا.

أما النوع الثاني فهو الأحداث الفرعية، وكونها فرعية لا يقلل من شأنها، فلو افترضنا أن الحدث الرئيس يرقد في برجٍ عالٍ، ستكون بحاجةٍ إلى سلمٍ متين يساعدك في الوصول إليه، وهذا السلم هو الأحداث الفرعية؛ أي أن مهمتها التمهيد لوقوع الحدث الرئيس، وإضافة تفاصيل تشعر القارئ بواقعية القصة، وتربط بين مجموعة الأحداث الرئيسة، وتسدُّ المناطق الفارغة في قصتك بشكلٍ معتدل.

استنادًا إلى تعريف الحدث الفرعي، في حال كررنا إحدى الأمثلة السابقة، ماذا ستكون الأحداث الفرعية مثلًا؟
خيانة البطل للآخر، لن تقع الخيانة دون سببٍ؛ فسنرى البطل يلتقي بشابةٍ في العمل على سبيل المثال، ثم تنشأ بينهما علاقة تنمو تدريجيًا بواسطة أحداثٍ فرعية أخرى. ولظرفٍ ما ستكتشف البطلة خيانة حبيبها، وهنا ستكون أمام خيارات صعبة: هل تخبر البطل أنها اكتشفت سره وتضحي بعلاقتهما؟ أم تكتم الأمر في صدرها؟ هل تهدد الشابة كي تبتعد عن البطل؟ يا ترى كيف ستسيطر المشاعر على البطلة؟ وما الأفكار التي ستدور في ذهنها؟ وكيف ستتعامل مع الأمر؟

هذه الأسئلة وغيرها ستتكاثر في عقل القارئ فور قراءته لحدثك المميز المنطقي المتسلسل والمرتب للغاية، وأيًّا كان الخيار الذي ستتخذه البطلة، فهو سيؤثر على الأحداث التالية بشكلٍ مغاير للخيارات الأخرى.

• • •

الخلاصة:
- الحدث: هو المكون الأساسي للقصة الذي يربط كل العناصر، ويشكل جسرًا ما بين البداية والنهاية.
- الحدث الرئيس: هو الحدث الذي يخلق تغييرًا جذريًا في القصة، ويضع البطل تحت خيارات صعبة، تختلف نتائجها وفق اختياره.
- الحدث الفرعي: هو الذي يصل الأحداث الرئيسية ببعضها، ويمهد لها.

• • •

-هل لديكم أي سؤالٍ حول الحدث؟

-كيف تجعلون الأحداث في قصصكم مميزة؟

-هل يمكنكم إعطاء أمثلة على حدث رئيسي وأحداثه الفرعية؟

فريق الإبداع يحبكم ⁦❤️⁩

كتبه العضو: كوكب.

وتر معقود |عنصر الحبكة|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن