وتر معقود |عنصر الحبكة|

تسلسل سير الأحداث

كحبّات اللؤلؤ في العقد تسير الأحداث، وكالخيط يربطهم القلم سويًا، لكن ماذا لو انفرط العقد؟ وتناثرت الحبّات أرضًا! هل سوف تجمعهم بنفس الترتيب؟ بالطبع لا، لكن مهما كان ترتيب جمعهم فسيبقى العقد مرتّبًا، وسيعود لشكله ولن يعرف أحد الفرق، ما الذي سيصنع فارقًا إذًا؟

سأخبرك، تخيّل أن إحدى اللآلئ ضاعت؛ هل سيظل العقد كما هو أم سيصبح مرتخيًا أكثر؟ سيظهر اختلاف طفيف عليه، لن يلاحظه الأشخاص العاديون لكن من يدقق سيلاحظ بالتأكيد وجود خطأ.

قبل فترة رأيت مقطعًا على الإنترنت لامرأة تقطع لوح شوكولاته إلى ثلاثة أجزاء ومكعب صغير، أخذت المكعب وتناولته ثم أعادت ترتيب الأجزاء فعاد اللوح كما كان.

العقد واللوح هنا يشبهان الأحداث، فلا يهم إن كان ترتيب الأجزاء بشكل صحيح أو لا، بل المهم هو أن يخرج لك لوح كامل مرة أخرى، لا ينقص منه شيء.

يساعد فهم ترتيب الأحداث وتسلسلها في عملية كتابة القصة، ويساعد على فهم السبب والنتيجة، بنية القصة، تحديد الأنماط، وكذلك تعلم تطوير الأحداث التي تؤدي إلى أحداث أخرى.
فيجب أن نكون قادرين على إعادة سرد القصص واستخلاص الأفكار الرئيسية في ملخص.

لو كانت روايتك طويلة أو قصيرة -بالأخص طويلة- فهناك طريقة سهلة لضمان سير الأحداث بالصورة التي تريدها وبطريقة صحيحة في نفس الوقت، وهي؛ تقسيم القصة لأجزاء صغيرة، ثم ترتيب الاجزاء حسب مخطط القصة الزمني، مثلاً:
عبير تزوجت -21اكتوبر-
خلافات مع زوجها -3ديسمبر-
تذهب عبير عند أمها -20 ديسمبر-
يحاول الزوج استعادتها - 29 يناير-
تقرر عبير أنها تريد الطلاق - 15فبراير-
يقرر الزوج تنفيذ خطته التي وضعها قبل فترة وهي قتل عبير -1 ابريل-
ينفذ جريمته -10 أبريل-
يهرب بعد تنفيذ الجريمة -11 ابريل-
يتم القبض عليه في المطار -11 ابريل-

فيكون المخطط الزمني:
بداية من 21 أكتوبر (تاريخ الزواج)، إلى 11 ابريل (تاريخ القبض عليه).

أسمع سؤالًا من أحدكم «وكيف سيفيد هذا؟»

دعني أخبرك، حين قسّمنا الأحداث والتوقيت جعلنا الأمر أسهل في ترتيبهم، فمثلاً لو تريد بدأ الأحداث من المنتصف هكذا؛ تقرر عبير أنها تريد الطلاق فيبدأ زوجها في تنفيذ جريمته، حينها سيبدأ السرد من العقدة إلى البداية ثم النهاية، فنذكر تخطيطه للقتل ثم نجعلها تتذكر مثلاً زفافهما وحياتهما معاً ثم الخلافات، وبعدها نعود للحاضر كي نكمل الأحداث حتى النهاية.

السيناريو الثاني يقول؛ بدء الأحداث من النهاية، وهو شائع ويكثر استخدامه، هكذا؛
تدخل الشرطة المطار لتقبض عليه، وهنا تعود الكاميرا بنا إلى الخلف قبل أشهر حين تزوجا وتشاجرا و...الخ، وصولًا للنهاية التي ظهرت كأول مشهد بالفعل.

السيناريو الثالث هو سير الأحداث الطبيعي، كما ذكرناه بالأعلى وهذا لا مشكلة فيه.

السيناريو الأخير، أحب أن أطلق عليه اسم «الخلّاط»، فهو عبارة عن مزج الأحداث في بعضها بشكل سلس لا يُنفر القرّاء، وهذه أكثر طريقة نحتاج بها فكرة التقسيم، حتى لا يتشتت الكاتب، هكذا مثلاً؛
يقرر الزوج قتل زوجته -لاحظ أننا لا نعرف أي شيء بعد-، وبينما هو يفكر في الخطة يلمح صورتها التي تقع من محفظته فيتذكر يوم زفافهما والأيام السعيدة، لذا يتريث قليلاً، لكن تأتيه مكالمتها تطلب الطلاق فيشيط غضبًا ويقطع صورتها، وهنا تكون هي في بيتها تتذكر خلافاتهما الكثيرة وتبكي، تذهب الكاميرا بنا إلى المطار حيث الزوج يجلس منتظراًويستعد للسفر لكن تداهمه الشرطة، فبينما ينظر برعب تجاههم تعود الكاميرا لذلك اليوم حين دخل بيت والدتها وقتلها ثم هرب...الخ

هذا الخليط يُسمّى قفزات زمنية، وهو قطع فترات من الوقت والعودة للماضي أو القفز للمستقبل.

لنأخذ نقطة أخرى مهمة، وهي الفترات المتوازية، أي الأحداث التي تقع في نفس زمن القصة الرئيسي لكنها فرعية.

مثل؛ موت شقيق عبير وصراع والدها ضد المرض وتغلبه عليه.

هذه الأحداث لو أزلناها فلن تشكّل فارق، لكن وضعها يزيد التوتّر ويجذب القرّاء لذا لا بأس بها.
لكن وجودها يعني زيادة الأحداث التي ستوضع مما يعني الانتباه الشديد لموقعها في التسلسل الزمني.

في بعض الأحيان تكون الرواية طويلة للغاية، ويصعب على القارئ ربط الأحداث وترتيبها، لذا في مثل هذه الروايات يُفضّل استخدام شخصيات قليلة بحيث يسهل تذكّرها والتأثر بقصتها وحتى يستطيع القارئ التفاعل مع الشخصيات وحُبّها أو كرهها، أمّا كثرتهم فتجعل من يقرأ ينسى معظمهم أو أغلب الأحداث المهمة.

الملخّص:

° يمكنك التلاعب بسير الأحداث شرط أن تنتبه لتسلسلها الزمني حتى لا تخطئ.

° تقسيم الفكرة لأجزاء يجعل العمل عليها أسهل.

° كثرة الشخصيات لا تعني قصة أفضل، لكن تسلسل الأحداث الجيد يجعلها ممتازة.

°حين تستخدم قفزات زمنية انتبه، ثم انتبه، ثم انتبه لترتيب الأحداث حتى لا تفوّت حدثًا هام أو تُخطئ في التسلسل الزمني.

والآن أخبروني، هل قرأتم قصة تسلسل أحداثها غريب ولم يعجبكم؟
وإلى أي سيناريو من سيناريوهات سير الأحداث تميلون أكثر؟

دمتم بخير يا مبدعين❤️

هايكو رانو