تداخلت التكهنات و الظنون و تبعثرت الآمال، ظلت تحدق في الهاتف المحطم و انعزلت به عن العالم الخارجي، ربما يكون الوقت مبكراً جداً لتفكر بهكذا أمر لكن تشاؤمها دفعها لذلك فظلت تحدق به بذهول و قفزت تلك الخاطرة الى خلدها-قطعة من ماركو-، كانت دموعها تنهمر بغزارة على هاتف ماركو لدرجة جعلت كيتارو لا يفرق أيهما أكثر غزارة دموع السيدة نيكول أم الامطار المتساقطة.
لدقائق ظل كيتارو في حالة من الحيرة الشديدة و الذهول ظل يذرع الرصيف ممسكاً رأسه ، و فجأة رن هاتفه مصدراً أزيزاً فسحبه من جيبه بينما لم تلتفت نيكول مطلقاً و لم ينتابها أدنى فضول بشأن المتصل ، القى كيتارو نظرة على هاتفه فاكتشف أن والده هو المتصل و قد توقع حصول ذلك بالتأكيد فهو قد تأخر بما يكفي ليلحظ والده غيابه و فكر أن والدته الآن قلقة بنفس قدر غضب والده حالياً لكنه قرر ألا يرد على الاتصال و أتجه صوب السيدة نيكول بينما تنتحب بلا حول منها ولا قوة، بعد رؤيته لهاتف ماركو أدرك كيتارو أين عليه أن يبحث و هم بمحاولة لجعل نيكول تقف على قدميها مجدداً، وضع كفيه على كتفيها بلمسة حانية و قال بينما يصارع ليحافظ على رباطة جأشه:"سيدتي، لنبحث عن ماركو في مستشفى المدينة" رفعت والدة ماركو عينيها بإتجاه كيتارو و حاولت الوقوف و هي تستند عليه ثم قالت بنبرة حزن:"إنه ينتظرنا يا كيتارو أليس كذلك" فجأة غمرها الفتى الاشقر بعناق ينم عن مواساة عميقة و قال:"سيكون هناك سيدتي،و سيعتذر لك و سيعترف كم هو أحمق و متهور" مسحت دموعها محاولة استعادة إتزانها ثم سمحت لكيتارو أن يمسك يسراها بينما تحمل هي المظلة.
كان شعر نيكول الطويل قد تشبع بالماء عن آخره بسبب التعرض المباشر للمطر و ذلك جعل دواراً طفيفاً يدب في رأسها لكنها واصلت السير رغم ذلك.
كان كيتارو يتجه غرباً صوب مستشفى المدينة بينما استغرقت والدة ماركو مجدداً في أفكارها عن ابنها و قبل أن يستميلها قلبها نحو التشاؤم المعتاد انتشلت نفسها معتصرة يد الفتى الاشقر، عندها التفت مطمئناً إياها بإبتسامة، حدقت نيكول في ملامحه و لوهلة رأت وجه ابنها يبتسم ملء ثغره رغم أن ماركو و كيتارو لا تجمعهما أدنى نقطة تشابه لكن يبدو أنها دخلت في حالة من الهلوسة، قطب الشاب حاجبيه إذ أطالت نيكول النظر في عينيه و قال مقاطعاً شرودها:"سيدتي؟!"ثم عاد يلتفت للأمام و هو يسير بسرعة،وقتها شعرت نيكول بامتنان عميق لصديق ابنها حيث استطاعت أن تلمس إخلاصه الشديد و تفانيه منقطع النظير و هذا كان العزاء الوحيد لقلبها المثخن بالهموم، خلال الطريق ظلت السيدة تصارع جيشاً من الافكار و الهواجس السيئة و المنطقية أحياناً و الشاطحة و الغبية أحياناً أخرى، تارة تنتصر و تبعدها عن نفسها و تارة تغلبها و تستسلم لهجماتها و في خضم المقاومة الضارية تلك أخيراً وصل كيتارو و نيكول الى مبنى مستشفى المدينة و هتف الشاب الاشقر بصوت أثقله التعب:"أخيراً... أخيراً وصلنا"جعلت تلك الكلمات قلب السيدة نيكول ينبض في حلقها مولداً شعوراً متضارباً يجمع بين اليأس و الأمل كلاهما يتأجج في صدرها بنسبٍ متساوية.
أنت تقرأ
المغناطيس: الشظايا
Mystery / Thrillerتدور أحداث القصة في ارض مقسمة الى أربعة أقاليم حيث تتصراع رؤوس السلطة على مادة إستراتيجية جاءت عبر نيزك سقط منذ مئات السنين، يجد ماركو الطالب العادي نفسه في صراع متعدد الأطراف . . . . الكتاب الأول سيكون بعنوان "الشظايا"، مع العلم أن هذه النسخة ه...