دِيسَمبر

277 21 12
                                    


عندما تُحدّق طويلًا في الهاوية،
الهاوية أيضًا ستُحدّق بِك
ـــــــــــ✧ـــــــــــ

المَطرُ يَهطِلُ خارِجًا، أنظرُ من خلّفِ النافِذة بِصمت لِأتحرَك نحوّ السرير بِثقلٍ واضِح، تَمددتُ بِخفه لتتوجَه أنظاري لِلسَقف كالمُعتاد .. كيفَ أنني قبلَ سَنةٍ مِن الآن كنتُ مُحبًّا لهَذهِ الآجواء، كيفَ أنني كُنتُ أتلَهفُ لعودةِ الشِتاء.

الأمطارُ تبدوّ بِلا حيّاة عَكس مَا كُنتُ أراهُ فيّها سَابِقًا، كيفَ أنني كنتُ أنتظِرُ سقوطهّا لِأقِفَ تحتهّا مُتجاهِلًا صَليّل عِظامي، البَردُ والمَزيدُ مِنه فَقط لأمتدَ مِنهُ الحَياة، لأشعُرَ بِإنعاشِ روحيَّ مُجددًا كجهازِ الإنعاشِ ذاكَ المَطر.

عَلى ذكرِّ البَرد أطرافي مُتجمّدة ولا رَغبةَ لي بِالدِفئ .. جوفّي بارِدٌ بأسوءِ وأفظَعِ مَا يَكون.

فَرقتُ شَفتايّ بِخفه مُحاوِلًا التَنفُس بِشكّلٍ صَحيح، خانِق .. لا أكادُ آزفِرُ زَفيرًا إلاّ وتُطالِبُني رِئتَّايّ بِشهِيقٍ مُتعَجّل وما خُموليَّ بِسواه .. عالِمٌ إنها طَريقة خاطِئه للتَنفُس لَكنني مُختَنق.

شفتايّ قد تَيبَستْ .. أعليّ تَرطِيبهُّما؟ سَيأخذُ هذا الفِعل منيّ الطَاقة التي قد أستفيدُ مِنها بِحركةٍ طارِئـ ..

« يُونغي! »
رَائِع .. الطَوارِئُ قادِمه.

فُتّحَ بابُ غُرفتي لأستَمِعَ لُنطقهِ المُتَلعثِم، أهيّ صُدفه أننّي وهوَ نَملِكُ ذاكِرّه سيئه؟

« يُونغي والّدتي تُريّدُك في غُرفتِها حالًا، إحمّل ذاتكَ بِسُرعه وتوجه لها »

ألا يُمّكن أن أكونَ جِدارًا؟
حَجرًا دونَّ حرّاك، سَمعتُ تأفُفّه مِن صَمتي ليهمس بإنزِعاج قُبيّلَ مُغادَرتِه

« فَقط أسرِع »

حاولتُ تَحريّكَ أصابِعيّ بِخفه لِتبديّدِ خُمولّي، رفعتُ رَأسي لأعتادَ الحرّاك وقفتُ مُتجهًا لِغُرفَتِها رطبتُ شَفتايّ لأفتحَ الباب جالِسًا بِهدوءٍ أمامَها، كانت تُمسِكُ هاتِفها بِعُقدةِ حاجِبيّها، شَيّبِ مُقدمةِ شَعرِها وتركِيزُها بِما تَبحثُ فيه .. أجزِمُ بأنها تبحثُ عن صورِ الزُهورِ تِلك .... عن المَسائيّاتِ أتحَدث.


رَفعت بَصرّها بينما تُدلِكُ العُقدة، عجوزٌ طُفوليه .. بينما ليست كَذلِكَ لِلأغلَبيه.

رَمشَت بِتتالي مُستَفهِمه، إلَهي .. قَد نَسيّت مُجددًا..

« مُنذُ متىٰ وأنتَ هُنا؟، لَم آشعُر بِك! »

إبتَسمّتُ بِخفه مُحاوِلًا جَعلَها تُكمِل، لَن أُخبِرها بِأني ها هُنا مُنذُ نِصفِ سَاعه .. ستَقتُلُني لِكونِها تَنسـ ..

« اللَعنه يُونغي لَقد نسيتُ مَا طَلبّتُكَ لِأجلِه .. كانَ عليكَ أن تأتي أبكّر مِن هَذا .. آهٍ مِنكُم! »

تَشنّجَ وجهي بِتلّك الإبتِسامة، اللَعنه لَن أنبِسَ بِحرف .. سَتُنتِفُ مَا تَبقىٰ عِندي مِن خُصّل!
لَحظة شَعري كَثيف، لَم أُصّب بالصَلعِ بَعد.

ثوانٍ تَتبعُها دَقائِق
ثُمَ آخذُها لِشهيقٍ عَظيم ..

رائِع يُونغي .. مَاّلمُصيبه التي إفتعَلتها لِتُحاوِلَ تَهدِأتِ نَفسِها؟
لا آذكُر بِأني قَللتُ الأدَبِ بِحديثي اليَوم، لم أتشاجَر، لم أصرُخ بِأخوتي، لم أُشاجِر آبي قبّلَ رَحيله .. مَاّلأمرُ إذن؟

أودُ التَقِيُء .. بِالتأكيدِ ليسَ بِخصوصِ الخُروجِ لِتجمُعٍ عائِلي ..
ليّس؛

« ألمّ تَستَلِم أمرَّ إخوتِك، لا آراهُم يَدرِسون يُون!
تَوقَف عَن العَبثِ في الآرجاء .. رَجاءًا، إخوتُك بَعيدونَ كُلَّ البُعدِ عن الكُتُب، إنهُم .. »

تَدارّكتُ إختِناقِها لِأُمرِر عُلبةَ الماءِ لَها، إنها تُنّهِكُ نَفسها مُجددًا ومُجددًا .. سأبصِقُ عِندَ رؤيتيّ لِجونغكُوك، سَأفعَل .. ذاكَ المُنحطُ السَافِل عَديمُ الجَدوى.

« آه فَقط إفعَل مَا أقولهُ وحسب، إذهب الآن »
أومأتُ بِهدُوء لأتوجَه خارِجًا، لأخطو بِثباتٍ نحوّ غُرفتي .. أغلقتُ الباب لأجلِسَ من فَوري بِتعب، أكانَ عليّها وضعُ كاميراتٍ في المَمر .. أُوي قَدمايّ كالهُلام، سَفله.

وضعتُ يدايّ عَلىٰ رأسي مُشتتًا، بِمَّ أهذي يَا تُرى؟
نهَضتُ مُتَجِهًا لِلسرير لِأتمدَدَ بِهدوءٍ تام، سواءٌ أأغمضتُ عَينايّ أم فَتحتُها المكانُ مُظلِم، سحبتُ الغِطاء لأبتَلِع مُنتظِرًا أن يأخُذني النَومُ سَهوًا.

ــــــــــــــــــــــ
الّيلُ كَغيمةٍ عابِرة،

أوقِف هُراءَ الذِكريات.

عُبوّس || FROWNحيث تعيش القصص. اكتشف الآن