الذكريات إنتشرت بكل مكان بكل ركن من أرجاء منزله العزيز .. ذلك المنزل الذي غادره بيوم من الايام لتزيد حياته كئابة .. كان الملاذ الامن لإبعاده عن العالم الخارجي لكنه بعدما غادره أصبحت حياته في انطفاء ، فقد غادره الجميع بمغادرته لمنزله هذا .تنهد و إمتلأ قلبه بالألم و هو يقف أمام غرفة شقيقه القديمة و تراب الزمن يملأها .. لاحت ذكراه أمامه وهو يبدل ملابسه ليغادر لعمله ، فيغمض عيناه و يسير لغرفته الخاصة بينما يتذكر ذلك اليوم الذي قاما بحملة تنظيف فيه ليتألم أكثر .. ليته ما عاد .. هو بهذا المكان سيتألم أكثر، فـالمنزل يذكره بشقيقه الذي لم ينساه يوماً !
" سيد آلين ؟ "
أخرجه من شروده صوت السائق الذي أوصله فإلتفت يحدق به ببرود ليستأنف السائق كلامه :
" أدخلت أغراضك بالغرفة .. و السيد برايدن وضع بإحدى حقائبك المال ، ان أردت مني شئ قبل مغادرتي فقل لي ."
نفى آلين و نطق بامتنان :
" شكراً يا عم ، يمكنك الذهاب سأتولى شئوني بنفسي من الان فصاعداً ."
_" حسناً سيدي الصغير ."
غادر السائق ليبقى آلين وحيداً تغمره الذكريات ، تؤذيه ، تؤلمه .. لكنها كانت مريحة .. لها شعور حلو و لاذع .. ذكريات حزينة .. موجعة .. ذكرياته اللامنسية !
" لازمت هذا المنزل لسنوات .. كنت معك ديفيد .. عشنا سوياً بكل حلو و مُرّ كنا معاً أخي .. رغم قسوتك كنت ملاذي .. رغم غضبك كنت إحتوائي .. و رغم إبتعادك مازلت سندي .."
أغمض عيناه يتنفس هواء المنزل ، يأخذ أكبر قدر ممكن من الهواء و يزفره بينما يكمل التحدث بحزن :
" منذ رحيلنا من دارنا و نحن نتمايل بين الحزن و الالم .. نبعد عن الحزن فيغمرنا الالم .. نبعد عن الالم فيغمرنا الندم .. كنت ونيسي و كنت صغيرك .. لكنك رحلت و تركتني فبقيت وحيداً تدفعني الحياة نحو شلالات الألم وحدي .. رحلت يا من كنت سندي فكان يجب أن أصبح سند لنفسي .. كان يجب أن أصبح الفتى القوي لكن رغم ذلك لم أستطع .. كنت ذكراي التي تضعفني فلم أقوى علي النسيان يا اخي ."
جلس أرضاً ثم إستلقى يتكور حول نفسه يستشعر هواء منزله ، فراغه ، وحدته ، آلامه ، ضعفه .. يستشعر رحيله الصامت .. يتذكر ذاك اليوم حين رأي اخيه يرحل دون أن يستطيع الشعور به لأخر مرة ..
[[ … كان يوم ممطر ، غلبته الرياح لتنتشر تغرق الجميع بهوائها اللافح .. يوم وداع لأكثر أعضاء الاف بي أي تميزاً .. يوم وداع للشقيق و السند الوحيد لقلبه ..
نزل من السيارة بسرعة .. لم يكن قد إرتدى الاسود المخصص بعد رغم أسرة لينكولن كانوا قد إرتدوه منذ سماعهم للخبر المفزع لكنه كان يرتديه قبلاً .. ركض مسرعاً بدون أن يهتم بالامطار التي أغرقته يومها و لا الرياح القوية التي تكاد تسقطه أرضاً لضئالة جسده .. كانت عيناه متوسعة تحدق برفض بالتابوت الذي يوضع بالارض ..
أنت تقرأ
سَنَد 2 "مكتملة" بقلم أسماء الصافي
Action. ✨في يوماً ما قد غاب السند ، فبقيت أنا السد. ✨ . بدأت 27 ديسمبر 2020 . انتهت 27 مارس 2021 بدأت نشر 26 اغسطس 2021 انتهي النشر 21 ديسمبر 2021