الفصل الرابع
*****
كانت حياتي مليئة بالألآم المنغمسة بداخلي..
فغرزت الحاء بها..
لتتحول حياتي لوردية.. .
*****
توقف عقلها عن استرجاع ما مضى من أيام وليالي عاشت بها سعيدة.. نسيت فيهم أنها سيئة الحظ.. ها هي تنام على ما يسمى فراش من قِدمه بتلك الغرفة الرديئة على سطح البناية التي يقطن بها سامي زوج نهى.. ها هي صديقتها تزوجت بعد وضعها مولودها وعاشت مع زوجها براحة وسعادة!.. أما هي فلا وجود للسعادة بحياتها.. ووجب عليها أن لا تسعد وتسبح داخل الوهم منذ البداية.. فالجميع يعلم أن الوهم يتلاشى فجأة كالسراب.. وهذا الوهم كسر قلبها.. كسره أكثر من ما فعله والديها بها.. فقد دق قلبها لنظراته.. ابتساماته.. مشاكساته.. لكلماته المتمثلة بدواءٍ يطيب خاطرها وقلبها!....
لم يكن حالها الأن بسببه.. قطعًا.. فهو يبادلها نبضها ويجاورها ليلاً نهارًا.. السبب الوحيد بما هي فيه هو جده.. ذاك العجوز البغيض.. الآمر الناهي في المزرعة.. كلمته سيف على رقاب الجميع.. المظاهر وحدها من تجعله يتعامل مع هذا وذاك.. مظاهر جعلت من قلبهما بقايا لا تصلح للمداواة بالفراق والاعتياد.. جملة واحدة خرجت من فاه حبيبها لجده " أحبها وأريدها زوجة ".. وكان الرد القاطع من جده "هي خادمة وأنت سيد.. لا تصلح لك"... وبعد مشاحنات بين الاثنين ومرور الايام بين وعود كثيرة منه أنه لن يتراجع.. ولن يتنازل.. أتى اليوم الذي نزعوا فيه روحها من جسدها بخروجها من البيت مهانة الكرامة ومكسورة القلب دون علم جاد!..
فالجد استغل وجود جاد في مأمورية مهمة تطلبت غيابه عن المنزل لأيام وطردها من المنزل رُغم علمه أنها يتيمة ليس لها أحد.. طردها للشارع لا تعلم ماذا تفعل.. ولمن تذهب...
وفي قمة يأسها وجدت الهاتف يعلو رنينه باسم صديقتها الوحيدة "نهى"...
ومن وقتها وهي تقيم هنا.. بمفردها.. فقط هي وذاك الفراش الرديء... لقد مر شهر ونصف ولم تراه.. تستمع لغزله المحبب لقلبها.. مشاكساته.. لمعان عينيه بوميض لوعة تخصها وحدها.. هل علم بلفظ جده لها من المزرعة أم أنه لعب برأسه وأوهمه أنها من ذهبت وتركته.. هل يبحث عنها كما تتمنى هي.. أم أستسلم لفحيح جده....
وكانت الإجابة تكمن بدقات عنيفة على باب غرفتها جعلت من قلبها يكاد يقف من ذعره ونظرها معلق على الباب بخوف!!....
هبت واقفة من مجلسها ترتدي حجابها ثم تتجه للباب تقف خلفه بذعر.. خائفة من أن يكونا ما تفكر به.. ليس الأن.. لن تتحمل ألم أكثر.. لكن توقف عقلها وخفق قلبها مستغيث بصاحب هذا الصوت الغاضب الذي يهدر بها من خلف الباب :
- أعلم أنكِ بالداخل أسيف فلا تحلمي بالبعد مرة أخرى.. .فتحت الباب بيدين مرتعشتين وشفتين مبهوتتين ببسمة فرحة.. تلاقت بندقتيها بسوداويتيه الغاضبة.. وسمحت لمقلتيها بهطول عبراتها احتفالاً بمجيئه.. تشبث كفها بالباب وهي لا تصدق أنه حقًا أمامها.. لا يهم غضبه.. ما يهمها الحب المتسرب من نظراته الغاضبة.. رأته يتقدم منها وكأنه سيعانقها فتراجعت للخلف سريعًا وهي تهتف ببكاء :
- لا تفعلها جاد.. .
أنت تقرأ
أرتويت بغيثه
Romanceقلوبًا جفاها القسوة والجحود فكانت أشبه بصحراءٍ جرداء لا يصلها الماء ولا الهواء... لا يوجد بها حتى نبتة واحدة.. وإن كان يوجد فستكون ذابلة أرهقتها سكرات الموت.... ولكن عصف فصل البرودة والمطر صحرائهم وروت إحداهم بغيث آخر... وهذا الآخر صعقه شعاع رعدي شح...