الفصل الأول
*****
بإحدى الأحياء الراقية والبنايات ذات الطراز الحديث.. بداخل جراچ تلك البناية الشبه مظلم وقفت سيارة - جيب سوداء - فُتِح البابين الأمامين وترجل منها شاب وفتاة.. الشاب يبدو عليه الغنى من ملابسه وهيأته.. سنوات عمره لا تتعدى الثلاثين.. بينما الفتاة كانت ترتدي جلدًا ثاني يطلق عليه فستان.. يكاد يغطي نصف فخذيها ودون اكمام.. اتجه لها الشاب وجذبها إليه يلف ذراعه على كتفيها معانقًا إياها وهو يهمس لها بكلمات جانب أذنها مما جعلها تطلق ضحكة ليست بأخلاقية مطلقًا!.. أثارته بضحكتها القذرة تلك ليقربها منه أكثر وهما يتجهان للمصعد...
في السيارة...
تجلس بالمقعد الخلفي وجوارها شاب نظراته لا تمت للرجولة بصلة.. فهي أشبه بنظرات الحيوانات المشتهية لطعامٍ ما...
كانت عابسة الملامح وبصرها يستقر على زجاج النافذة.. لمعان عيناها المهددة بالبكاء تشع ألم كبير.. ألم لم تعد تتحمله.. إنعكاس صورتها في الزجاج جعلها تستبصر ما آلت له نفسها.. وجه ملطخ بما يسمى بمستحضرات التجميل شعرها والذي كان مغطى دائمًا بوشاحها مرفوع لقمة رأسها على شكل زيل حصان.. ووجهها بكفة وهذا الجلد الثاني الملتصق بجسدها المسمى بفستان بكفة أخرى!.. انتفض جسدها عندما شعرت بأنامله على ذراعها.. ربت الشاب بكفه على ذراعها الأسمر الظاهر أمامه وقال ببسمة لا تمت للجمال بصلة:
- لم أكن أعلم أنهم يخفون فتاة بجمالك قط.. منذ متى وأنتِ تعملين معهم.. .نفضت كفه عن ذراعها ودمعة يتيمة انبثقت من بين جفناها متدحرجة على وجنتها ترمقه بغل تخطى الحدود.. فضحك الشاب بتمتع وهتف بمكر:
- علمت الأن لمَ كانوا يخفونكِ أيتها الشرسة.. ولكن لا تقلقي فشراستك تعجبني أيتها الفاتنة.. .دنى بوجهه من وجهها بخطورة هامسًا بصوتٍ كريه:
- أظن أننا سنستمتع معًا.. .ومع نطقه للتنوين كانت أسنانها تنغرس بجلد أنفه مما جعله يصرخ ويسبها وكفيه يدفعانها بعنف.. تركت أنفه وترجلت من السيارة مسرعة وقدماها تهرولان خارج الجراچ وعبراتها تتساقطت بهلع حينما استمعت لصراخه وخطواته خلفها.. .
*****
تخطت الساعة التاسعة مساءًا لتعلن السماء تمردها بسقوط قطرات الندى الغزيرة....
بإحدي المنازل الزراعية الكبيرة بقرى سوهاج....
كان المنزل كبير وواسع شُيد على الطراز القديم يحيط به أرض شاسعة شديدة الخضرة.. إن غُرس بها الأقدام يتراخى الجسد وتشرُد العقول.. وخلف المنزل يوجد "مزرعة كبيرة للخيول بمختلف ألوانها وأصولها.. وعلى بعد خمسة أمتار من " المزرعة " يوجد مساحة كبيرة يحيطها أعمدة من الحديد لا يتعدى طولها المتر - فضية اللون - مشكلة بهيئة دائرية حيث تُدرب فيها الخيول...
بداخل البيت.. وبغرفة الطعام....
كانت هناك طاولة كبيرة مقاعدها فارغة للأن ولكن الخادمات يقفن حولها يضعن عليها طعام العشاء...
دخلت الغرفة فتاة يافعة ورجل يحمل فتاة صغيرة لا يتعدى عمرها الخمس أعوام أحتلا المقعدان بالجهة اليسرى.. رحبت بهما إحدى الخادمات فسألتها الفتاة بملل :
- أين الجميع تهاني؟ !.. .
أنت تقرأ
أرتويت بغيثه
Romanceقلوبًا جفاها القسوة والجحود فكانت أشبه بصحراءٍ جرداء لا يصلها الماء ولا الهواء... لا يوجد بها حتى نبتة واحدة.. وإن كان يوجد فستكون ذابلة أرهقتها سكرات الموت.... ولكن عصف فصل البرودة والمطر صحرائهم وروت إحداهم بغيث آخر... وهذا الآخر صعقه شعاع رعدي شح...