🌹الفصل الثالث 🌹(ذكرى مريرة )

161 37 11
                                    


🌹 الفصل الثالث 🌹

*ذكرى مريرة *

تحت زخات المطر تقف بكتفين متهادلتين ممسكة بدميتها.... دموعها تجري على خديها لدرجة عدم الشعور بها ولا يدل على بكائها سوى احمرار عينيها... تراقبه بصمت يودع عمتها التي لم تمنعه من الرحيل، ثم التفت ينظر إليها بنظرات غريبة لم يستوعبها عقلها الصغير، تحركت خطوة للأمام تنوي التشبت به لعله يغير رأيه لكن ما إن رآها حتى حمل حقيبته على كتفه و سار بخطوات سريعة أقرب إلى الركض كأنه يهرب منها. لم تغفل عينيها عنه حتى بدأ في الإختفاء بين الحشود. توسعت عينيها على وسعهما حينما استوعبت اختفاؤه.

لقد رحل ، رحل دون أن يودعها ، رحل وتركها وحيدة في الحياة، ، رحل كأنه لم يعرفها يوما، تركها كما فعل والدها، رحل وترك خلفه طفلة منبوذة.. لقد نبدها من حياته لم يبالي بها، لم ينطق بذلك الوعد الذي كان يعدها به أثناء مغادرته لأي مكان... "لكي وعدي صغيرتي .. مهما ابتعدت ساعود ..ودائما سأجد طريقي إلى نجمتي الزرقاء "

=يارا... يارا.... بنيتي ..... يارا استيقظي عزيزتي... انت تحلمين....

استيقظت على صوت عمتها وهي تهزها برفق لكي لا تخيفها نظرت إليها لتجهش بالبكاء حينما استوعبت انه نفس الحلم الذي كان يراودها في طفولتها، أسرعت زينب لتأخدها في حضنها حين رأت انهيارها الغير مفهوم، ظلت تربت على ظهرها وتمرر الأخرى لتمسح على رأسها مع قراءة بعض آيات القرآن الكريم، إلى أن استكانت . أبعدتها قليلا و مدت لها بعض الماء.
بيد مرتجفة اخدت الكأس و ارتشفت بضع قطرات ثم أعادته لتسأل عمتها بصوت منخفض :

= هل كان صوتي مرتفعا

=لا عزيزتي، لقد كنت ذاهبة لأصلي وحينما مررت من جانب غرفتك، سمعت همهماتك...... ماذا حدث صغيرتي ماكل ذلك البكاء...

صمتت يارا قليلا لتقول بصوت خافت و نظرات شاردة :
=لاشيء امي انه فقط حلم مزعج..... حلم ظننته إنتهى منذ زمن ولن يعود... لكن لا أظن أنه سيتركني.

عقدت زينب حاجبيها و تحولت ملامح وجهها إلى الحزن حينما فهمت ما ترمي إليه ابنت أخيها . كيف لا وهي من سهرت إلى جانبها كل ليلة بعد رحيل "رائف" تطمئنها انها معها و لن تتركها وحدها. وقد توقفت تلك الأحلام بعد سنتين. اذا لماذا عادت لها الآن. ابتسمت زينب في محاولة منها لتبديد خوفها و قالت :
= مهما كان عزيزتي فهو مجرد حلم.. أنا معك الآن... هيا إنهضي لتصلي ثم عودي للنوم.

ابعدت الغطاء عنها وسارت بخطوات بطيئة للحمام. وقفت أمام المرآة تنظر إلى نفسها وهي تقول بصوت جامد :

= تركت نجمتك لوحدها......... ولم تعد........لم تعد حينما كنت بحاجتك......... اذا لما ظهرت الآن.

*************************

دخلت إلى المستشفى بخطوات راكضة حتى انها كادت ان تصطدم بأكثر من شخص وهي تدعو في سرها ان لا تطرد اليوم... خاصة انها ستنتقل إلى قسم الجراحة تحت إشراف ذلك الطبيب الذي يقال انه يكره العمل مع الممرضات وأسلوبه صارم ومع اول خطأ يقدم تقريرا بعدم كفائتهن و لكن ذلك لا يمنعه من العبث معهم خارج اوقات العمل.. وهاهي بأول يوم معه تتأخر زفرت في ضيق وهي تشتم حظها البائس فمنذ ان بدأت العمل لم تتأخر دقيقة واحدة والكل يشهد بذلك.. لتأتي الآن و تفعلها لكن هذا خارج ارادتها بسبب ما عاشته من رعب طوال الليل . فبعد ان عادت إلى بيتها ليلة امس وما ان اغلقت الباب و التفتت حتى شهقت بصدمة حينما وجدت والدتها ملقاة على الأرض وجهها ازرق وشاحب كالأموات...

🌹أوتار حائرة🌹 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن