(( الـفـصـل الـأول )) " الجزء الثاني "

2.4K 148 55
                                    

((  رائحة الموت....!  ))

... في إحدي البيوت الجبلية بـ ريف إنجلترا ...

باكرًا كانت قطرات المطر تهطل مصحوبة بكتل ثلجية صغيرة تصيب زجاج تلك الغرفة المعتمة ذات الأثاث الوثير رغم بساطته  .. علي السرير المعدني الواسع كانت تنام متكورة علي نفسها .. أنفاسها البطيئة تخرج علي هيئة بخار ماء متقطع ، تستشعر رجفتها الواضحة .. قطرات العرق النابضة علي جبينها تنحدر نزولًا لوسادتها التي في طريقها الي الرطوبة ..

إنقبض وجهها و هي تئن محركة رأسها ناحية اليمين ثم إلي اليسار بـ تشنج ، شهقة ملتاعة خرجت منها تزامنًا مع فتحها لأعينها الخضراء الصافية التي تشع خوفًا ، تنفست بسرعة و هي تتلفت حولها ، تتأكد من أنها عادت علي أرض الواقع من جديد ، عدة دقائق و أغمضت عينيها مرة أخري ، رامية برأسها فوق وسادتها من جديد .. تدلك وجهها بتعب ، كابوس آخر يقطع عليها غفوتها ككل يوم ، إبتسمت بـ سخرية و من ثم أعتدلت جالسة علي السرير تمطأ جسدها بكسل ، ألقت نظرة علي يسارها لتجد مكان زوجها فارغًا ، عقدت جبينها مستغربة لكنها ما لبثت حتي إنتصبت واقفة من علي سريرها ، إلتقطت مئزرها الكستنائي الثقيل من فوق المشجب .. إرتدته ثم أخذت نظراتها الطبية من فوق الكومود ، سارت نحو باب الغرفة  بتثاقل و هي تفرك عينيها بحركات كسولة ، أدارت المقبض ليصدر الباب الثقيل صوت مزعج و هو يتحرك ، قضبت وجهها بإنزعاج و هي تهمس :
- علي أن أجلب بعض الزيت لك أيها الباب العجوز!

ضحكت بفكاهه و هي تتحرك في الرواق ذا الأرضية الخشبية متجهه نحو السلالم اللولبية بينما تقوم بإرتداء نظراتها المستديرة ، كانت تهبط من علي السلالم و هي تبحث بعينيها عن زوجها في الأرجاء حتي وجدته يدخل من باب المنزل و هو يحمل كومه من الأخشاب و قد كان مبتلًا بالكامل ، شهقت بخوف و هي تهرول نحوه قائلة بلوعة :
- " مارتن " .. لماذا خرجت في هذا الطقس ؟

انزل الأخير الأخشاب أرضًا بجانب المدفأة ثم خلع القلنسوة الخاصة بمعطفه ليظهر وجه اشقر ضاحك وسيم ، وقف أمامها يقول بعبث بينما يلعب في خصلات شعرها الأصهب :
- صباح الخير جميلتي .

أحمر خديها خجلًا لترد و هي توجه نظراتها لـ المسافة بين قدميها :
- صباح الخير .

وضع قبلة صغيرة فوق وجنتها اليسري لتشهق خائفة أكثر مما هي خجلة متراجعة للخلف و قد خلقت مسافة كافية بينهما ، تنهد " مارتن " بخذلان و هو يرمقها بنظرات معذبة لكنه ما لبث حتي ابتسم  بوجهها بإبتسامة بدت ذابلة و قال رافعًا يديه أمام وجهه :
- حسنًا أنا آسف تغلبت عاطفتي عليّ .

أومأت بتوتر و هي تفرك يديها ثم إنسحبت ناحية المجلس المحاوط للمدفئة المطفئة ، راقبها " مارتن " بشجن و هو يلعن بداخله علي وضعهم الذي يتأزم يومًا بعد يوم لكنه سريعًا ما نفض أفكاره بعيدًا و ذهب ليشعل المدفأة حينما شعر بها ترتجف بردًا ، فـ راحتها هي ما تهمه الأن حتي تستعيد عافيتها له ..

علي مر الزمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن