(( الـفـصـل الـرابـع )) " الجـزء الـأول "✅

7.4K 319 45
                                    

///عـام 2019 م

///بـمـحـافـظـة الـأسـكـنـدريـة

كانت جالسة في الشرفة المطلة علي البحر تراقب أمواجه الثائرة بأعين مناقضة له تمامًا في هدوئها رغم زرقتها ، أرتشفت بعض من فنجان قهوتها الصباحية ثم أنزلته و وضعته علي الطبق الذهبي الصغير الذي بين يديها ليصدر صوت رتيب عند أصتدامه به ، تنهدت تنهيدة مطولة و هي ترجع عويناتها المستطيلة ذات اللون الفضي كـ لون خصلاتها للوراء و هي تضع الطبق علي زجاج المنضدة المصنوعة من الزان الأصلي الموضوعة أمامها ، حولت أنظارها للشارع المكتظ بـ الناس و السيارات التي تطلق أبواقًا مزعجة بـ النسبة لها ، ضيقت عينيها و هي تراقب ذلك الرجل الذي يبدو من شكله العام أنه من الطبقة الأقل من متوسطة ، يستوطن السخط علي ملامحه ربما بسبب الزحام لكنها ترجح أنه بسبب غلو العيشة و تعسرها ، حركت بؤبؤيها نحو تلك الفتاة _ ذات الملابس الخاصة بإحدي المدارس الثانوية في منطقتهم _ التي تكاد أن تطير و هي تسير بسبب سعادتها المفرطة ، فـ يبدو أنها حصلت علي درجات عالية في المدرسة أو أن حبيبها قد أهداها وردة حمراء مع قول بعض الكلمات المعسولة لها ، هنا ضحكت بخفة و هي تهز رأسها قائلة :
- ولاد اليومين دول .. !

فـ علي أيامها في الخمسينات عندما خُطبت من زوجها الراحل " جودت " كان يأخذ ميعاد من والدتها حتي يُقابلها أو يذهب لها في الجامعة ، كان هناك حب صادق في ذلك الزمان ليس كـ هذه الأيام يواعد الشاب الفتاة حتي يسلي وقته فـ تكون له مثل لعبة الأوراق أو كـ  لعبة " بنك الحظ " !

قاطع تفكيرها ذلك الصوت المحبب لقلبها المنبثق من المذياع ألا و هو صوت " فيروز " ، إبتسمت بإتساع فـ يبدو أن حفيدتها الغالية قد أنهت طقوسها الصباحية من إغتسال و وضوء و صلاة و قراءة الوِرد اليومي لـ تقوم بـ تشغيل المذياع و لحسن الحظ أن أغنية " نسم علينا الهوي " هي المُختارة اليوم من قبل مقدم البرنامج الإذاعي لـ تلك القناة ، ضحكت بحنو فـ كم تعشق تلك الصغيرة ذات الأعين العنبرية مثل والدتها الراحلة منذ آمد ، ألتمعت عيناها الزرقاء بـ وميض خاص فـ هي تشعر أن والدتها لم تمُت بسبب وجود " ميرال " ، و يالإبداع الخالق و تصويره فـ هي تكاد أن تكون نسخة طبق الأصل من والدتها الراحلة منذ آمد ، لم ترث منها الملامح المتطابقة فقط و إنما ورثت منها أيضًا الطباع الحادة و حب التحدي و المغامرة ، بعض الأوقات تشعر أن روح والدتها ولدت من جديد لكن تلك المرة علي هيئة " ميرال " .

- مـااااااامـااااااا

هتفت إحدهن بحنق ، لـ تهز " فاطمة " رأسها بمعني لا فائدة منها ، أستندت علي ذراع المقعد ثم رفعت نفسها لتظهر قامتها القصيرة ، خطت لـ خارج الشرفة لتصبح أمام بهو واسع ذا تصميم عصري يضم جميع الأجهزة الحديثة ، هرولت إبنتها " هدي " صاحبة الست و الأربعون عامًا من داخل المطبخ عندما سمعت صوت " ميرال " الصارخ ، فـ يبدو أنها علمت فعلتها ، طالعت والدتها بـ توتر قائلة :
- هنعمل أية يا ماما ، شكلها عرفت و مدام عرفت يبقي النهاردة مش هيبقي فايت .

علي مر الزمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن