«رسالة ٣»

34 3 1
                                    

قيل لي في الصغر : أن الناس مُنقلبون ، أي لمشاعرِهم الأولى ، حُبهم الأول ، عاداتُهم التي تركوها الخ..

إما لحنينٍ أو حُبًا قويًا أو شوقٌ ثائرٌ بأضلاعِهم .

في حالتكَ أنتَ .. ماسببُ رجوعِك؟
لم تُعاتبني ، ولم تلمني ، ولم تُرهقني من أمري عسرًا ، تكتفي بتجاهلي ورشقي بسهام عينكَ الحادة فأرتوي من حقدها بكل رحابةِ صدرٍ.

هل تكفي «آسفة» لتبدِّد غِلِّك؟
هل أُخرج قلبي وترى النزيفَ الشنيع ومن ثم تُسامحني؟
لا .. هذا ليس سؤالي
«هل سنعودُ حقًا بعد التأسفِ والمسامحة؟»

أم تضعني على عتبةِ الباب وتهرُب من جديد؟
تُعاود إثارة مشاعركَ الميتة، تُحاول أن تعوّضني .. هربك لايُجدي ياحبيبي.

___
لم ينبس بحرفٍ، وارتجفتْ أصابعهُ التي حملتها برقةٍ أخجلتها ، تستشعرُ حجم الضغطِ عليه؛ أن تعتذر بعد فواتِ الأوان ، كأنها تعاود سكبَ النارِ على الحرق ، وتمزِّق حصنهُ المصنوع من القطن.

أكمل سيرهُ متجاهلًا العضلة القارعة في أنحاء صدره، ودفع الباب بقدمهِ.كل هذا وهي تكبحُ نفسها من رؤيةِ وجهه من قرب، آهٍ! مجرد التفكير يجعلها تودُّ المغامرة وفتح عيناها ، متى كانتْ آخر مرةٍ اقتربتْ فيها إليه؟ ولمست جبينها جبينه؟ وعانقت عيناها عيناه؟

تقدَّم إلى السرير بخطىً بطيئة وكأنهُ يحمل سلةً مليئةً بالماء ويخافُ أن تتدفق ، لؤلؤ عقدٍ منقطع يخشى ان يندثر . أنزلها قبل أن يزفر بضيقٍ تجهله . لاتستغرب هذه اللطافة ولا تنصدمُ لهذا الجفاءِ الغير معهودٍ ، في الحالتين هي تستحق.

هل يُسمع صوت القلب عن قُرب؟ بامكانها أن تخبئ شعور اهتياجه بين اضلعها .. لكنها لاتقدر مع عُلو وهبوط صدرها، تكاد تذوب، و .. تبكي، لأن كل مابداخلها يدل على أن هذه الأذرع عادت تُحاوطها .. بغير أحقية!

في زمنٍ آخر لفتحت عيناها، لتُقابل رماديتيه فيبرُد جسدها ويستكين .. لكنها في الزمن الذي يتعين عليها إخراس قلبها وإبداء العكس..

لم يكتفي بطبعِ قبلةٍ صغيرة على جبينها بل وضع أخرى على وجنّتها اليُسرى ، يرى ملامحها المنكمشةِ بتوترٍ وانتفاضتِها واحمرار كامل وجهها البديع ، كبح ابتسامةٍ كادت تفترشُ على ملامحهِ ، لم يُرد الإبتعاد .. لذا اقترَب ولفحت أنفاسهُ وجهها وقال بابتسامةٍ ماكرة تُنافي مايقوله : نومًا هنيئًا .. هذا إن كنتِ نائمةً صدقًا

لاتُحب هذه النبرة الساخرة، ومابمقدورها أن تُناجي سكان هذا المنزل ليأخذوه حالًا، تشعرُ بأن جسمها يخونها، قلبُها، عقلها الذي مانفكّ يراود تشغيل لحظة تقبيله لها، ارتعاشها ..

وصل إلى مسمعها صوت اغلاق الباب، شهقت عاليًا تستجمع أكسجين الأرض، عجِزت عن الزفير فسعلتْ مراتٍ عدة، ومن ثم تلتمس وجهها الحار وكأنه وضع تحت الشمس طويلًا، ترمشُ كثيرًا .. لأنهُ كان كثيرًا عليها حقًا ، يالكثافة هذا الشعور! وما أوجعه !

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 30, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

هائم فيينا | تحت طور التعديل.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن