«رسالة ١»

233 11 45
                                    

في رحلتي الأولى لخارِج مدينتي ، وطنُ المرأه التي أُحب ، كنتُ قد قطعتُ وعدي الثالث والأخير.

حينما أرجِع سأكون قد وافيتُ عقدي الثالثِ ، عقدًا طويلًا مملوءًا بالحب .
وأن أضعُ مشاعري في حجمها الصحيح وشخصُها الأصّح ، غيرُها.

حينما أعود سأكُون قد ازلتُ كلّ المشاعر التي تعتريني إتجاهها ، سأكونُ في منزلةٍ بين الحُب والكره.

إنّ «الوعد» عظيم ، وإذا قطعهُ العاشق فهو مكذوبٌ ولا يُتفق عليه ، هذا إذا كان يُحب حبًا فترتهُ ما بين بضِع السنواتِ.

فماعذرُي أنا؟

قد لاط حُبها بقلبي طيلة الـ 17 عامًا
وسَكنت واستوطنت عقلِي ، فلا مهرب ولا منجأ

غاويةٌ للحدِّ الألِيم ، جمالٌ مليحٌ مُهيب
فاتنة آسرة لاتجعل طرف العين يرتدّ
ذات ميسمٍ عليها عقبة الجمال
لاح عليها أثرُ الحُسن

فذهابي لسويسرا لم يكن إلا هربًا ، واستقبالًا لمشاعرَ جديدة ثائرةً شهورًا . أصارعُ الأيام وفي الصباحِ أنجو

فأنا عاشقٌ سدمٌ ياحُلوتي..

وما أكمل هذا العاشقُ يومهُ إلا وذابت مُهجته بجمرةِ الشوق
وعانى القلبُ وبرحَ بهِ من الوله..
لأهله؟ أم للصغيرةِ البعيدةِ عن مرأى عينهِ؟
يطهو عقله أفكارًا مترددة وسؤالاً يتربع ويٌثقل كاهله (هل قراره صحيحٌ؟)
العودة بدون روحٍ مستعدة أشبه بإلقاء الجسد في التهلكة ..

في مُنتصف طريقهِ ، يولي سيارتهُ شطر بيتهِ و..يُفكر ، هل ينزوي ويعود تاركًا الزمن يخلقُ فرصًا أم يُكمل ؟ ينظرُ لمرآة السيارة بين الحين والآخر فيكشفُ اللهفة التي تحتل تقاسيم وجههِ الآسر فيصمتْ ويواصل قيادته.

ضخَ قلبهُ بقوةٍ وهو يرى اقتراب الشارع ، همس بعبرةٍ : إنهُ شارعنا ..

من شهِد ألعابهُ مع محبوبتهِ الشقية ..
واعترافاتهُ الجمة ..
وخاضتَ به معاركٌ من شدةِ غيرتهِ ..
يستوطنُ بيتًا محببًا إليه ، هو وسكّانهِ

تنهيدةٌ عميقة خرجت من جوفهِ ، فتحَ النافذة ليستنشقَ نسماتِ الصباحِ العليل ، هواءُ وطنهُ ومأواهُ الدائم ..

يُحاول أن يستجمعَ شتاتهِ ولكنهُ يفشل وهو يرى الأشجارِ و البيوتِ المعروفةِ عنده و الأسواق وجيرانهُ الذين يعملونُ في الصباحِ الباكرِ ، كل هذا يثيرُ المشاعرِ لديه وأغلبها مشاعرُ اللهفةِ والشوق ..

توَّاقٌ إلى الأحبةِ ، ملتهبٌ الصدرِ ..محترق الجوف ليرى وجهها مرةً أخرى ..
برُغم ماحدث يعودُ محملًا بنيرانِ الرغبةِ ، وكأن الزمنَ توقفَ عند تلكَ الليلةِ التي سافرَ بها مختلجُ بالخذِلان ، يتقبلُّ المرءُ كل المشاعرِ السيئة .. ماعدا أنه قد خُذل ..

الحُب جنونٌ ، وسحرٌ لايُعرف مصدرهُ ، إذ أنهُ قد آب بنفسِ الحُبِّ لم يتغيرّ مقدارهُ ولم ينقص ، وهذه مأساةٌ عظيمة ..

هائم فيينا | تحت طور التعديل.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن