كانتْ تعلم أن هذه اللحظة آتيةٌ لامحالة وأن اللقاء سيحدث شاءت أم أبت ، جرَّت خطواتها نحو الباب تنوي فتحه ، وبداخلها رغبةٌ هائلة تنفي ذلك ؛ لا تودُّ تخريب ليلتهِ الأولى فيخرُج مرةً أخرى وتعود هي لذلك الألم من جديد ..
قشعريرةُ دبت في كامل أوصالها وانتفضت لمن يُلصق خده بجانبِ خدها وعطرهُ قد سبق أفعاله ، شعرت بالخرس ونبضاتُ قلبها تتمرد لتكوّن معزوفة تصل إلى مسامعِه ، نسِي ماقد أتى لأجلهِ .. وهو يُبحر بعيناها الآسرة ، وحاجبيها المنعقدين دائمًا يود حلَّهما بقبلةٍ مابين العيون ، لن ينسى ملمس وجنتها مادامت روحه في جسدهِ ، كم يود الابتعاد فورًا لكنه تسمر في مكانهِ يحدق بها بلا تفسير ..
أيفعل الشوق هكذا في الأضلع؟
طرقاتٌ أخرَجتهُما من دوامةٌ مُرهقة فَسارَعت بفتحِ الباب وهي تشعرُ بظهرها ينصهرُ من عينينٍ حادتين ، هذا وهو أصلبُ الأماكن ..
تجلّى من خلف الباب وجههُ البشوش الأليف الدائم وقال بابتسامةٍ معهودة : هل تأخرت ؟ ..
همَّ بالدخول فأراحت لهُ الجانبِ ليتسنّى لهُ رؤيةُ من يتكئُ على الجدارِ ، عُقد لسانهُ ، نظرَ لها مرةً ولهُ مرةً ، يتأكدّ أنهُ لا يحلُم ، وأن أخاه يقفُ أمامهُ بالفعل ، من يحملُ النظراتِ الجامدة .. ويرتدي ملابسهُ البسيطة المعتادةِ عليه .. قد عاد بعد ستةِ سنين؟
أبعدتْ ناظريها عمَّن بجانبها وعادتْ لمحبوب قلبها اللئيم ، كما عاد حاجبيها للإلتحام مجددًا ، حينما رأت ابتسامةٌ صغيرة على ثغره مالبثت ثواني حتى كُشف لهما وجهٌ ضاحكٌ كالبدرِ المستنير ، بل وأبهى! تحفظهُ وتدرك أن ماهذه إلا ابتسامةٌ حقيقة لايشوبها الزيف مطلقًا!
«أهلًا ، ما رأيُك بالمفاجأة؟»
صوتٌ رخيم ميزته أذنيها وعرفتْ مصدرهُ بسرعةِ كسرعة نبضاتِ قلبها ، توسعتْ حدقتي الآخر بذهولٍ وكأن الصوت كسر اعتقادهُ بأنه شبح ، وحينما أدرك اندفع بقوةٍ إليه ثم .. وعلى مرأى الجميع من والدة وعم وحبيبة .. صفعهُ!
وليست بالصفعة الهينة .. بل كاد صوتها أن يصل إلى من يشاركهم ذات الشارع ، ارتد للخلف واضعًا يدهُ على خدهِ .. الخد ذاتُها التي لمست وجنتي حبيبتهِ ، ابتسم بهدوء وهو يستمع للآخر يقول : إنها مفاجأة سارة خلفت في نفسي البهجة ..
رفع ناظريهِ إليها ورفع حاجبه ، إذ ارتفع طرف ثغرها بابتسامةٍ تشفي ، ابتسم بسخرية وقال : لاتبدو سعيدًا بها .. مالسبب يا إيان؟
تقوس شفتيه بعبوس ثم تقدم ليحتضنه ويقول بصوتٍ مستعبر واهن : لا تلمني ، فمنذ أن غادرت قطعت وعدًا على أن أصفعك ، أيها الأحمق .. اشتقتُ إليك كثيرًا .. متى عدت؟ ولِم لمْ تخبرنا ؟
ضحك حتى بانت نواجذهُ بوسامة وقال : ست سنين تجدد وعدك بأن تصفعني .. ياللصبر!
إنها أولُ مرةٍ ترى فيها إيان متشوقًا متلهفًا لشخصٍ والذي كان يوهان بالطبع! بل إنها إلى الآن .. تشعرُ أن هذهِ مزحةٍ مدبرةٍ من عقلها ليُسكت شوقها وحنينُها ليلًا ولتُريحه هو من التفكيرِ به كل ثانيةٍ..
أنت تقرأ
هائم فيينا | تحت طور التعديل.
Romanceفيينا. ابنةُ الزهر والشجر...ابنةُ المطرِ والقمر فيني حبيبتي و مُهجتي وخافقي ودهرِي.. قلبي وسكينتي وسُكني وبدري.. يا مَن خَلَبت لُبّي ، وفتنتي وأذهبَت بعقلي.. ولاطَ حُبّها بقلبي.. ياحسنةُ اللَّباتِ وطيِّبةِ الريّا أمِن كارثِتك سأحّيا؟ _______ -كلُّ ا...