1|..تقودني إليكَ•|

549 55 25
                                    

«الرّياحُ عِند المُنعطف، الهتافات السعيدة للعاشقينَ من حولي، والأصوات الهوجاء بداخلي، تجعلني كل مرةٍ أتذكرك من جديدٍ، وأحبّك من جديدٍ.»
--

زفرت بعمقٍ مُبتسمةً، ترجّلت من السّيارةِ متوجهةً للمتجرِ، اليوم يكون عيد الحُبّ، يأتي إلى هنا معظم الأشخاص في هذا اليومِ، لتبادل وشراءِ الهدايا مع أحبّائهم، وكم تمنّت، لو تكون زيارتها اليوم لهذا السّبيلِ أيضًا.

توجّهت نحو رفوفِ العطورِ النّسائية، رغم عشوائية ترتيب هذا المتجر، إلا أن ما يبيعه ثمينًا وقيّمًا، ويستحق.
لكنّه، ولغرابةِ الأمر، لا يبيع إلا شيئًا واحِدًا، من كُلّ شيءٍ.

«مرحبًا آنستي، أترغبين بشراءِ هدية لحبيبك؟» ردّدَت موظفة لمتجر بابتسامةٍ، فالتفتت إليها بلطفٍ، ونبست:
«كلّا، أريد هديّة لصديقة.»

أومأت الفتاة ثمّ ابتعدت عنها قليلًا، ألقت نظرة على ما وُضِعَ على الرّفوفِ بتمعّنٍ، وابتسمت حينَ لفتت انتباهها عُبوة مُخمليّة، فهمّت بالتقاطها، ولكنّ أحدهم سبقها فوضع يده عليها، أولًا.

«عذرًا.» ردّدَت بأسفٍ حينَ وضعت يدها على يده، وكادت تلتفت حتّى تعثر على أخرى، لكنه أوقفها، قائلًا:
«إن كنتِ ترغبين بها، سأختار شيئًا آخر.»

كادت تُعارِض، ناظِرةً بعينيه حرجًا، فأردف:
«على كلٍ، لا أعرف إن كانت صديقتي تحب العطور أم لا، لذا..»

«عذرًا سيدي، ولكن متوفّر من هذا العطر عدّة زجاجاتٍ أخرى، أتريد واحدة؟» ردّدَت موظّفة المتجر حتّى تُنهي الموقف المحرج، أومأ لها الرّجل فذهبت لتلبيةِ طلبه، بينما شكرته هي ثانيةً وطلبت من موظفةٍ أخرى أن تقوم بتوضيبها بحقيبةِ هدايا.

«تشترين هديةً لصديقتكِ، أليس كذلك؟» تساءل الرجل بعدما حمحم قليلًا، فأجابت بابتسامة:
«نعم.»

عاود السؤال ثانيةً:
«إذًا، أليس لديكِ حبيبٌ؟ أم أنكِ أهديته مُسبقًا؟»

تعجّبت من سؤاله، فنظرت بعينيهِ قليلًا، ليست بارِعة بحفظِ الوجوهِ لكِنّها تشعر بأنها تعرفه، تشعر.

عينيه، عسليّتيه رغم جهلها لهويّتهما، لكنّها، وقد يكون لسوءِ حظّها، ستذكرها لوقتٍ طويلٍ، إن لم تُلاقيه ثانيةً، بغضِّ النظر.. عمّا إذا كانت تعرفه، أم لا.

«ألم تتعرفي عليّ.. بعد؟» ردّد حين أطالت النظر بوجهه، تنهّدت قليلًا، هي بالفعلِ تعصر فِكرها إن كانت ما تعرفه.

أردف بتردّدٍ، بعدما حكّ مقدّمة رأسه بحرجٍ:
«أنا الزّميل الجديد..»

«صحيح، هذا أنت!» هتفت بصوتٍ عالٍ بضحكةٍ ساحِرة، فقاطعت حديثه، أومأ مُبتسمًا، دقائقٌ مرّت بخجلٍ، فأتت الموظفة بحقيبتها، أخذتها بعدما دفعت ثمنها، ودّعته بابتسامةٍ فبادلها بواحدةٍ أخرى، غادرت المتجر، لا تكاد ترى أو تسمع شيئًا، هناك شيءٌ يُزلزل قلبها بعُنفٍ، ويهزهز عقلها بفكرٍ، لم تنحدِر نحوه من قبلٍ.
---

«رُبّما لولا ذلك اليوم، ما كنت لتعلق برأسي، وأعاود التفكير فيكَ مِرارًا.» نَبَسَت بنبرةٍ مُثقلة، وجفون احتلّها النوم بينما تتاؤب، ضحِكَ بخفةٍ، ازداد من تمسّكهِ بها، بعناقٍ دافئٍ جعلها ترخي رأسها على كتفه، بتعبٍ.

لم تعُد ترى شيئًا، سلّمت جفونها راية الاستسلام أمام عاصفةِ النّوم التي اجتاحتها، لكنّها تمتمت وسط ثورةِ نومها، بكلماتٍ أخيرةٍ، قبل أن تستسلم تمامًا:
«وما كُنتُ لأحبّك

أمعن النّظر بملامحها الفاتِنة، لم تتغيّر، لا زالت مُشرِقةً، ومُحمرّة، نفس الحُمرةِ السّاحِرةِ التي وقع فيها حبًّا، قبل عشرين سنةً مضت.

«لكنّكِ كنتِ دومًا، وطوال الوقت، مُذ رأيتكِ، بعقلي، وداخل قلبي.» قال، بينما يُسند رأسه عليها، حتّى أصبحت أنفاسه مُنتظمة، لكنّ قلبه، لا زال ثائِرًا من هولِ مشاعِره، حتّى بعد مضيّ الكثيرِ من الوقت، لا زال مُتيّمًا، ولهانًا.

--

«في النٌهايةِ يا عزيزي، كُلّ السّبلِ والطّرقِ لا تقُودُ إلّا لك.»
-
يُتبع.
تصويت🌟.
480 كلمة.

حُمرةٌ ساحِرة√.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن