2|..زهرة فاتنة•|

251 48 25
                                    

«كانت كزهرة، تذهب، فتترك عِطرها المُسكِر منثورًا خلفها؛ فيبقى الكُل مسحورًا، وكأنه خمرٌ، يُذهب العقول.»

تنهّدت ببُطءٍ، أغمضت عينيها، ستدخل الآن إلى قاعةٍ مملوءةٍ بأعينٍ مليئةٍ بنظراتٍ غير مُريحة، رُبّما ستندم الآن لأنّها ارتدت الفستان المُحمرّ كما طلبت منها صديقتها، رغم كونه مُريح في ارتدائه، ولكِن النظرات التي ستتوجّه إليها بسببه، سيّئة، بغيضة، وتكرهها.

فتحت أعينها البُنيّة مجددًا، فملأت خدّيها المُحمرّينِ بابتسامةٍ ساحِرة، وهفّت شعرها الغجريّ الأسوَد للخلفِ بخيلاءٍ، ثُمّ فتحت الباب.

لكنّها لم تعرِف، من كان يُراقبها كالمسحورِ خلف الكواليس، مُكتفيًا بسرقةِ بعضِ النّظرات نحوها، كاللص.

نظرات الآخرين ليست مُهمّة، تجاوزيها، لا بأس، يُمكنكِ فعلها، آزرت ذات الرّداءِ الأحمر، نفسها بهذه الكلماتِ، كتراتيل تحميها منهم، فهم وحوشٌ لن ترحم، لها سوابق كثيرة مع الكثير، من يعتدي عليها باللمسِ، باللفظِ، أو بالنظرةِ، حتّى باتَ رُعبًا مُميتًا بالنسبةِ لها.

«لِمَ تأخّرتِ هكذا؟» تمتمت الشّقراء ذات الفستان الأزرق، قائلةً بقلقٍ، حين وجدت الهلع مُرتسمًا على وجهها، فربّتت على يديها حين جلست بصمتٍ تأخذ أنفاسها بتوترٍ، مُسترسلةً:
«يجب عليكِ تخطّي هذا، لا تقلقي، نحن معكِ.»

أومأت هيَ، ولا زالت نفس الملامح مُرتسمةً عليها، فابتسمت رُغم ذلك، رفعت الحقيبة المُخمليّة بيديها إليها، ونبست:
«هديّتكِ، كل عامٍ ونحن أصدقاء، يا فتاة الميلاد الفاتِنة.»

ابتسمت الشّقراء باتّساعٍ، التقطت الحقيبة بحماسٍ، فهتفت حين فتحتها، وأخرجت زجاجة العطر الحمراء منها:
«ما حِكاية هذا العِطر؟»

عقدت الغجريّة حاجبيها، وتساءلت:
«ما الأمر؟»

«أنتِ تعرفين لوكاس، مدير الحِسابات الجديد، صحيح؟ أعطاني واحِدةً كهذه  هديّة مولدي، مُنذ قليلٍ.» ردّدَت بقهقهةٍ، واسترسلت بغمزةٍ:
«أهذه إشارة أم ماذا؟»

«لوكاس؟» نبست بصوتٍ خفيضٍ لا يُسمع، فتذكّرت لقائها به في المتجرِ يوم أمسٍ، فعاود قلبها للعجيحِ، زفرت بعمقٍ، واستئذنت الخروج للحظاتٍ.

خرجت بدلًا من ذلك لشرفةِ القاعةِ لكنّ البرد لفّها فارتعشت، فستانها عارِيَ الكتفينِ، فيسمح للبرودةِ بالتّسلل إليها.

دِفءٌ غمر جسدها فجأةً؛ فاستوعبت المِعطف الذي وُضِعَ على كتفيها، وصوتٌ تألفه، يُردّد:
«البرد قارص، ارتدي هذا قليلًا.»

«لوكاس.» ردّت بسهوٍ حينَ التفتت، ناظِرةً بعينيه، لكنّه سخر مُبتسمًا:
«ماذا؟ ألا زلتِ تحفظين اسمي؟»

حُمرةٌ ساحِرة√.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن