2

15 3 16
                                    

الثامن والعشرون من مارس سنة ألفين وثمانية عشر

*رنين المنبه*

"إلهي! لم أغطُّ في النوم كالدب الكسلان ؟!" تساءلت باستغرابٍ بينما أفرك عيْنيّ ثم نهضت لأتفقد التقويم الجداري ...

"أوه! لا عجب ، إنه اليوم الثامن والعشرون ؛ بداية العام الدراسي الجديد ... بفف" زفرت الهواء بغيظ حتى أنه رفع غرتي للأعلى من قوته.

لا عجب أنني لا أحب إرتياد المدرسة بالأخص عقب الشجار الذي افتعلته مع إلينا وميري ، و وجود تايهيونغ إلى جانبي الآن سيزيد من القيل والقال حولي ، لا سيما أننا في بداية الفصل .

"ربّاه !  لست مستعدة على الرغم من علمي بما سيتم تداوله بين الطلاب حولي" تذمرت بينما فركت رأسي بكلتا يديّ.
"آه ... أولئك الأوغاد ، يتحمسون للمدرسة لأجل الثرثرة لا للدراسة ، رئيسة منتدى الطلاب على الإنترنت تحفر  الأرض بحثاً عن شائعات تشبع فضولهم".

تأوهت  بإحباط ثم نظرت إلى نفسي في المرآة نظرة ملؤها الثقةوالشجاعة " لن أسمح لأيٍّ منهم بإزعاجي وافتعال المشاكل لي كما حدث من قبل" جمعت شعري للخلف.

"في السابق كنت وحيدة لكن الآن لدي تايهيونغ بجواري." قلتها بينما كنت أنظف وجهي الذي بدا أكثر إشراقاً بسبب الثقة التي امتلكتها فجأة بعد حديثي إلى نفسي ، وبعد عدة دقائق استعددت للخروج.

لمحت تايهيونغ من النافذة منتظراً إياي أسفل بيتنا ، ولم أستطع منع نفسي من تأمُّله؟ بدى غاية في الوسامة مع ملابسه الأنيقة، إطلالة ساحرة تعطى انطباعاً قوياً لفتىً في يومه الأول في ثانويتنا للفنون .

مرت دقيقتين كاملتين وأنا شاردة الذهن أحدق به ،  ولم أستفق إلا عند رؤيته يتفقد ساعة اليد خاصته. وضعت يدي على جبيني بإستياء ثم هرعت أركض الأدراج للأسفل.

"صباح الخير تايهيونغ ~آه"
" ڤيوليت ! انتظرتك لدقيقتين إضافيّتين." قالها واضعاً إحدى يده على خاصرته.

إقتربت منه بعد أن قلدته حركته قائلةً بتعجُّبٍ ساخر : "أوه حقاً ! السيد تايهيونغ لا يريد التأخر دقيقتين عن المدرسة !" أشاح بنظره عن وجهي محاولاً حبس قهقهته.

فرددت فنظراتٍ متعجبة  : "ما بك؟! أهناك خطب ما في وجهي ؟"

"عذراً ...لكن الموقف بدا لي مضحكاً فلم أستطع منع نفسي." أجاب مبتسماً وهو ينتشل حقيبته ، فألقيت بحقيبتي بين يديه ،
ثم أشرتُ بسبابتي نحوه : " أنصت إليّ ، لا تعلّق آمالآ على حياتك المدرسية  الجديدة ، صدقني لا شيء يدعوا لهذا الاهتمام."

أنهيت جملتي متقدمتاً عنه بعدةِ خطوات  ، فإذ به يناديني باستياء : "ڤيوليت ! ألم تقولي بأنكِ ستكونين مرشدتي في يومي الأول؟"

ثم تابع :   "المرشدون لا يكونون محبطين هكذا" قالها بتمتمةٍ بالكاد سمعتها.
"حسناً إذا كن فتى مطيعاً ولا تتذمر كثيراً وإلا فأستقيل من كوني مرشدتك لبقية اليوم." تبعتها بضحكةٍ خافتة ثم تابعنا المسير نحو المدرسة.
ما إن دخلنا حتى اتجهت جميع الأنظار حولنا ، رائع هذا ما كنت أوتقعه. اعترض طريقنا الثنائي المرح إلينا وميري ، إنهما البغيظتان من السنة الأولى واللتان تسببتا لي بالمشكلات .

نظرتا باستخفافٍ من أسفل لأعلى " ماذا لدينا هنا؟ " قالت إلينا الكريهة فردت ميري : سنة جديدة و طلابٌ جدد ! هل نحن على موعدٍ مع الكثير من المفاجأت؟"

  نظرت إلي بتساؤلٍ ساخر ، فرَدَدْت شعري للخلف ونظرت إلى تايهيونغ متجاهلةً إياهما : هيا بنا لنذهب إلى الفصل."

سحبته من يده وتركناهما يثرثران خلفنا . تهالكت في مقعدي وجلس تايهيونغ في مقعدٍ مجاورٍ لي ثم سألني  : " ما خطب هاتين؟ محبتان للمشاكل أو ما شابه؟" تابع عندما لاحظ صمتي : "أخبريني إن كنّ يضايقنكِ".

لم أجبه لكنني كنت أشعر بقوةٍ داخلية ما ، وكأنّ أمرهما لم يعد يهمني بعد الآن !  لا بدّ أن شعور وجود صديقٍ إلى جانبي في المدرسة يمنحني بعض الدعم .
أردفت قائلةً : " انسى أمرهما سيبدأ الدرس الأول،  المعلمة شارلوت تحب الطالب الذي يلتزم الهدوء ، تذكر هذا" ثم أشرت له بإبهامي (حظاً طيباً).

لا أعرف لماذا ... لكن لسببٍ ما أردتُ إخفاء ذكرياتي السيئة في هذه المدرسة عن تايهيونغ ،  ربما خفت أن يأخذ عني فكرةً سيئة.

هزَزت رأسي يمناً وشمالاً طاردةً الافتراضات السلبية من رأسي واستعددت لأركّز على الدروس: الأول فالثاني فالثالث ، وها قد حان وقت استراحة الغداء أخيراً !

نهض تايهيونغ عن مقعده بحماس يسحبني خارج الفصل. "رُوَيْدك" صحت باستغراب ثم تابعت : "هل تعرف الطريق حتى؟"

"بلى ! رأيتها في طريقنا إلى الفصل" أجاب بثقة أضحكتني . "ولكنّ قاعة الطعام تقع في الطابَق الأرضيّ" قاطعته مشيرة بطرف عيني للأسفل ، ممازحتاً إياه ظناً مني أنني قد وضعته في موقفٍ محرج.
ففاجأني قائلاً "من قال أنني أتحدث عن قاعة الطعّام ؟! هل هذا كل ما تفكرين به ؟! قصدت قاعة الموسيقى"

"مهلاً هل قصفتَ جبهتي للتو؟" تساءلت بهدوءٍ يسبق العاصفة. وضع سبابته على جبيني دافعاً إيايَ خطوةً للوراء . " ماذا؟ أرى أنها بخير" ابتسم مغلقاً اسنانه على بعضها بظرافة مع قهقهة خافتة.

كنت حائرةً أَأُلقي بنظري  إلى جمالِ ابتسامته الصندوقية أَم إلى عينيه اللتان بدأتا تضيقان تدريجياً مع ابتسامته  لتصنعا يومي بالفعل !

قاطع لحظة تأملي بتذمره : "هيااا.. أنا حقاً أرغب برؤيتها أكثر من أي شيء آخر"

بدا كالدبِّ المحشوْ لشدة ظرافته لذا لم أستطع سوى الاعتذار لعصافير بطني المسكينة

"رجاءاً لا تصدري  أي زقزقة  ، يبدو أنّ تايهيونغ على خلافٍ معكي اليوم فلم أتناول الفطور بسببه وها أنا الآن أفوت وجبة الغداء بسببه أيضاً".تحدثت بين نفسي ثم وجهت نظري لتايهيونغ "موافقة ، لكنك ستعوضني بوجبةٍ فاخرة بعد المدرسة"
"اتفقنا" صاح بحماس "ولكن سآخذك إلى مكانٍ ما أفضل من المطعم."

"ماذا؟! إلى أين ؟ " سألت باندهاش

"ستعرفين لاحقاً" ثم أمسك يدي وسحبني خلفه






♡أُحَبُّكَ للمرَّةِ السَّابِعة♡حيث تعيش القصص. اكتشف الآن