1

47 1 0
                                    

<كل الأزمنة و الأمكنة و الشخصيات و الأحداث من وحي خيال الكاتب>

***

بدا المكان مظلما، لكنَ ضوءا مشعا تسلط فجأة نحو قرنِيتيَّ، لكن ما أن قمت بحملقتهما ببطء حتى استوعبت أمري. لم يكن في الأصل أي نور، لا أدري هل كنت أهلوس وأتوهم أمورا من تلقاء ذهني، استفقت من نومٍ لا أدري كيف ألت إليه.

وفي رغبة مني للحراك، أحسست بعنقي مجمدا بالكاد أحس بفقراته المشنجة، كما أن جسدي مكبل بأوتار

لاسعة حادة، كلما حاولت تحرير نفسي ، ازدادت حرارة القيد، لم أستوعب خطورة ما أنا فيه، حتى بدأ جلدي ينسلخ عن لحمي في بطئ شديد، انغرست القيود في جسدي وانفجرت الدماء من عروقي، بدأت أفقد أنفاسي المتسارعة. رمقت موتي بعين نائمة، أو بالأحرى مقتلي، مضت وهلة ليست بقصيرة منتظرا خلالها انطفاء نور وجلتاي، لكنني علمت أن القصة لن تنتهي بهذه الليونة، بل أدركت مرة أخرى أن شفرة حادة تذبح في رقبتي التي لم تَرُصَ عن الحراك هي الأخرى. أحسست بألم جهنمي يذب في أعماق عروقي، وحرارة تنبثق مع الدم المنهمر من جوف رقبتي، لأغمض عيني مرة أخرى في استسلام أليم. إلا أن صوتا صاخبا صرَّ عليَّ في غفلة من دهني، قفزت من مكاني فزعا جراء الصدمة. لم أستطع الحراك، ولا

حتى الإبصار، كان جسدي متبعثرا، وذهني مبددا. وفي محاولة مني للتطلع، اُذعِرت بشبح طائر بلباس مسود كما لو كان مسخا ساخطا، وبوجه مقية أثارت تفاصيله غثياني، عينان مجوفتان تغيب عنهما الألوان الحية، ملامح مخيفة لا أجد سبيلا لوصفها، مجرد وجه ميت بلونه الأزرق الغامق المائل لكونه أخضرا متعفنا، حتى أن اللحم غاب عن مناطق من خلقته البشعة. وفي ومضة عين أسرع الكائن ذو الوجه المرعب ناحيتي مستقرا في جوفي. لأنتفض بعد ذلك من مكاني صارخا بطلب النجدة كالطفل المرعوب.

تبا لي، كان مجرد حلما عاديا... .

اللعنة، أيها الوجه البائس قل وداعي لرأسي فقط ليوم واحد. فحرب مع الوساوس الحقيرة تكفيني.

***

استرخيت في مكاني، جثة هامدة تطرح على نفسها أسئلة كونية لا جواب لها "ما ذنبي في كل ما يحصل لي؟". جالت مخيلتي بين الحاضر والماضي، تساءل ذهني عن المستقبل، واستعاذت روحي من مصيري الأخروي. تجولت بعيني بين أرجاء غرفتي المتعفنة، وتفاصلها المقرفة. حجرة صغيرة أقضي فيها لياليَّ الوحيدة، لا أجد فيها ما يوصف، فقط فرشة نوم مهترئة، منضدة أضع عليها قهوتي اليومية، سجائري رواياتي وأدويتي. كومات ملابس ملقاة هنا وهناك، زجاجات خمر في كل مكان و رائحة عفن تستقر في كل زاوية من البيت الذي ملكته إرثا قديما. لكنني ألفتها.

ممالك السماءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن