5

10 1 0
                                    

*هل الموت حقا رحمة؟ *

***

مشهد جميل، لقطته كاميرا كانت تجول في دلال بين غرف المكتبة البديعة، طرازها الأصيل، يوحي لعصر قديم كما لو أنه القرن 15، ألوان خافتة في كل مكان، وأناس صامتون، يكاد طير المعرفة أن يرص على أكتافهم. طاولات ومجالس تفرقت بين أرجاء المكان جله، الذي عمَّ بضجة الأسطر والكلمات، اقتباسات متناثرة بين جدران المكتبة. أناقة المحل لا توصف.

لكن وفي مشهد مختلف، جالستني #جيرمينال وسط مسرح يوناني قديم، على رصيف النافورة التي تتوسط المكتبة.

علبة السجائر لم تفارق يدي المرتعشة، انتظر فقط ابتعاد نظرات الفتاة لي، اشتياقي للمكتبة، منعني من تخطي مخرجها، خاصة وإن كان من أجل استنشاق موتي. ركبتي المتوترة لم تلبث عن الحراك، تكاد تحدث ثقبا في الأرضية، وقطرات القهوة السادة انتثرت بين تفاصيل لباسي.

نظراتها لي مفعمة بالشفقة، التي تزيد حالتي سوءا، رمقتها بعين منهكة لأتفوه بكلمات مرتعشة لا تكاد تفهم: " هه لقد، هه تزوجت به، لقد أخدها، هــ، غفران ماتت، هـه قتلتها، منتدا تزوج بعلياء وأ...

أسكتت هتراني بطأطأتها على كتفي بحسناء يديها :" لا عليك يا حورس، فالموت راحة، والنسان نعمة، لتمضي الحياة بسلاسة، لم تقتل

غفران، ذاك كان مصيرها المحتم، كما ان السنين عدَّت، تأنيب ضميرك لم يغير شيئا.

لم أجد لكلامها معنا، فربما أكون قد حرمت غفران من مستقبل يافع، كما أن موتها قد ينجيها من مستقبل لا أحد يعلم خفاياه...

حضنت رأسي في ألم يتوسط صدري، بدأت أمشط على راسي بيدي، سلوك لا منطقي كما رآه أهل القراءة بالمكان، لكن وحده الله يعلم قدر الحزن المدفون بين جفوني. انكمشت كورقة أمام نار وضاءة، كنت أحترق حقا، في هاته الآونة اندفع باب المكتبة في هدوء، لم أعلم لما المشهد بدأ يتباطأ من جديد. صوت خطوات ثقيلة تضرب الأرض بشدة، ليتكنس شاب يافع بقامته الهائلة ليست كالتي أملك طبعا، شعر دمث، بحمرته الخمرية الداكنة، جميل الملامح، ما إن تجاوز المدخل حتى التف نحوه الجميع، كل من اهتم يوما بالقراءة، لم يعد الآن.

لم تكن #جيرمينال حاضرة حينها، انشغلت في نقاش مع إحدى زبونات المكتبة الوفيات، انتفضت من مكان لأرى ما يريده الشاب المثير، تقدمت ببطء بليغ، أحاول تحليل ما وراء هذا خلفيته، مجرد فضول فحسب.

-كيف لي أن أساعدك سيدي؟

-ومن تكون؟

-أنا مدير المكتبة سيدي.

-أبحث عن #جيرمينال فحسب

-سأناديها لك في الحال.

وما إن تلفت باحثا عن طلبيته، حتى صدمت ب #جيرمينال، مسرعة ناحية الفتى، اتسعت عيناي مندهشا، وجدتها بين أحضانه يوسعها بقبلاته الحميمية، جعلني المشهد أبتسم خجلا لكنني فضلت الانصراف بعيدا. لوهلة سعدت لما ابصرته بقلتاي، حبي لها يوما لم يكن كافيا، من الجيد أنها مضت قدما. لا أنكر أن سماع خبر زواج علياء، أحزن قلبي، رغم انني لا أعلم لما، لما لا أسعد لها خاصة أن #منتدا رجل صالح. يوم قاس أخر...

ممالك السماءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن