4

7 0 0
                                    

بعيدا عن الهالك الأنيف، جالستني جميلة الوجنتين أمامها. كان المشهد بطيئا، تفحصت تفاصيلها، بديع خلقها دل على مهارة الخالق، لامست شعرها ببطء، فابتسمت باطحةً رأسها خجلا كما لو انها تخفي بين ضلوعها قولا ما. مددت يدي بين جيوبي باحثا عن عود ثقاب أحرق رأسه، وأضحي به من أجل قتلي نفسي. "لا تظن عزيز القارئ أن ما رأيتها اليوم من سرور وبهجة سينسيني ما مررت به لسنين مديدة، هي فقط لحظات لا ربح لي في إهدارها. الهدنة قائمة، وأساسها حروب لا تنتهي."

حردت العود بحامله الخشن لأشعل نارا توهجت في مقدمة سيجارتي، لكن الفتاة صدمتني بعد أن مدت يدها نحوي، لتحرمني من نشوة الدخان

القاتم وتطفئه بأناملها القاصية، لتعلل فعلها ببصة للافتة علقتها في مكان ما بالمكتبة، وتردف:

- أليس أول من يحترم القانون، واضعه.

لقد جمدت حركتي وجففت لعاب حلقي، لم أشأ مناوشتها، اعتذرت مطأطئ رأسي إيجابا، وشبح ابتسامة غزا ملامحي. لتقتل السكون مرة أخرى بافتخارها بكم المجهود الذي استنفذته لجعل المكان باهيا كما حلمنا.

كنت متوترا، أحست جيرمينال بكم الفوضى العارمة جواء نفسي، تحَسَسَت جروح يدي بدلال شديد لتقول بكلمات دافئة: - هل أنت مستعد يا #حورس؟

أزحت عيناي من على سطح الأرض لتبرق دمعة متعصبة من بين رموشي، ليدشن انزلاقها على خدي موافقة لما قالت. اصطبتني متشبثة بيدي حارمة الدماء من الجريان، ذهبت بيَّ لمكان يصعب الوصول إليه، عبرنا متاهة من الرفوف للوصول إليه، لكنني لم أسعد لرؤيته ابدا.

غرفة كانت هي داكنة، جدرانها مطلية بحمرة باردة، و رسوم غريبة تتراقص بين أحيط المكان، لأدباء اشتهروا بكتبهم الحزينة و أدبهم الآس. يتوسط المكان تمثال لصبية قاصرة السن، قصيرة الشعر عارية الجسد، تحمل على رأسها كتابا لا اسم له، لفت انتباهي قلبها المنشرح الذي يظهر من الشقوق الطارئة على الجسم. وُضِعت وسط بركة من ماء سائل من كتابها وبجنابتها رفوف لأدب نادر، تاريخ و دين وكل ما هو ثري و غني، بدا المكان ثمينا و غاليا . علمت منذ الوهلة الأولى أنها أرادت جعل المكان الذي

غادرتني فيه #غفران، مميزا، علمت أن للتمثال ملامح ابنتي، و كل الحزن المحيط بالمكان يعكس ما بداخلي.

كما لو أن.. كما لو أن الحياة عادت بي للوراء.. غفران تتلاعب بجسمها الذي بالكاد تعلم المشي.. علياء و هي بين أحضاني.. أحسست.. أحسست أن المكان بدأ .. يتحرك، زلزال كان أم ماذا. لم ادرك ما بي، فقط اقتربت من التمثال، لامَسَتْها باحة يداي والدموع تتغرغر في عينيَّ. كان المكان يتحرك بشدة، صراخ عمَّ المكان جعل مسامعي تنسد، ضممت رأسي بكلتا يداي. لأهدأ بين ذراعيها، بعد أن اقتربت من جسدي وضمته لها. لينتهي سيل المشاعر الجزيرة التي أمطرت على جفوني.

**

ممالك السماءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن