خيبة..

33 1 0
                                    


الأورام لا تؤلم يا صديقي فمعظمها ينموا في صمت...

إن كانت هناك أشياء لازلت أرغب في كتابتها.. فلابد و أن تكون هي كل تلك المشاعر التي همت بي و لم آذن لها...
لم أكن أعلم بأن بضعة مواعيد.. و بعض المشاعر و الكثير الكثير من الذكريات قد تكون كافية لتوقعنا..

أنا حقا لم أكن أعلم سيدي.. بأني كنت أتورط بنا...

و بأن كل الكتب..
و بأن كل الكتاب..
و بأن كل الروايات
و بأن كل الروات...

أجرموا بحقنا..

أنا لم آذن لقلبي بالوقوع مطلقا.. كنت أرفض الوقوع من الأساس.. لكن جل الأقدار محض كتب مدبرة... لسنا سوى أبطال لروايات أغلبها لم تكن معلنة...

أنا يومها كنت بطلة هاته الرواية ،

كنت أقبع تحت رذاذ المطر...

حسنا ربما كنت أنت وقتها حبة... من حبات المطر..
ربما نهشت أنت أيضا أحد جدران المظلة..

بقيت يومها أنصت لحبات المطر... أشتم رائحة المطر..
إنتظرت قدومك يومها.. كنت أود ذلك و فقط !!!
لم تكن الحياة تستلزم الكثير من التفكير... لم نكن بهذا السن.. لم تكن الحياة مكتظة بالأرقام..

لم أعلم يومها... بأن الأعراض الجانبية حتمية مطلقة.. حتى في أقرب الأدوية للمثالية ميولا..

لم أكن أعلم.. يومها.. بأن بعض الأورام قد لا تختفي بمجرد إستأصالها...
و بأننا و في بعض الأحيان..
قد لا ننجح رغم مآزرنا البيضاء..
رغم أيادنا الناعمة...
رغم كل الكتب التي إلتهمناها..
في التغلب على ورم..
في بعض الأحيان..
و حتى لو ترددت الأحيان كثيرا..
و حتى لو كانت الأحيان ممتدة جدا...
فيستحيل أن يوضع المأزر في خزانة...
أو أن يعلوا مآزرنا البيضاء شيئ من الغبار...

لم أكن أعلم يومها.. بأن أصحاب المآزر البيضاء.. يخافون الأورام كذلك...

و بأنهم يخافون مثلنا... أن تنتصر تلك الخلايا الدخيلة على خلاياهم..
فتنتهي حربهم...

يومها لم أكن أدري... بأن مظلتي.. ستحميني من الكثير من حبات المطر إلا أنها كانت و رغم صلابتها.. تعجز عن صد بعض القطرات.. و بأن القطرات.. كانت كالحمم تتسبب بإنشطار بعض الخلايا بداخلي...

أتراك تدري ، و أنت قابع حيث وضعتك الأقدار بأن كل ما بداخلي أحبك..

إن أكثر ما خشيته في الحياة ، أن أمر فيها مرور الكرام... أن ينسى إسمي بعد سبعين سنة من الآن و أن يكتفي التاريخ بوضعي في مقبرة...

لقد خشيت كل جوارحي.. أن تهزم..!

خشيت كما يخشى الأطباء ، أن أفقد نفسي في جثمان الحياة...

كنت أنتظر بلهفة.. أن تدخل القاعة...

- مرحبا أمل! " تلك النبرة... " بدى الأمر لولهة... و كأن المجرة كلها لفتني... و كأن العالم بأسره كان يتشبث بشارايين صدري..

أسبق و أخبرتك... بأن نبرتك ، كانت كافية لتخديري...

- إلتفت ببطئ... مرحبا صهيب! كيف حالك ؟ " سألتك و أنا أحاول تركيب الحروف بين ضلع لساني "
- أشكوا غيابك... " رد بنبرته الحاسمة تلك "
- عفوا!
- كيف حال ، عاشقة الكتب ؟

" كحال عاشقها"

- بخير ، رددت بخجل
- حسنا ، تشرفنا برؤيتك آنسة أمل ، أمسية طيبة!

* وفقط!!!!! *

تصمرت مكاني يومها... بعد كل هاته الفترة... إكتفى بجملة واحدة... ؟!؟
بكل برود يخبرني بأنه يشكوا غيابي ثم يرحل ؟!
المزيد من الجمل المبهمة...
إنتفضت غضبا لإبتعاده...

رذاذ المطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن