الآن..

52 1 0
                                    

الآن فقط بعد مرور كل هاته الأيام.. بعد أن إمتلكت كل هاته الشجاعة...
بعد أن عشقتك في هاته الحياة..
و لأني سأعشقك في الحياة الأخرى...

الآن فقط بعد أن إمتلكت الشجاعة..
بعد كل ما حدث و ما لم يحدث بيننا...
لأعيشك.. هنا...
في مكان يختلف عن المقهى الدافئ الذي كنا نزوره..
بعيدا عن كل تلك الفوضى التي وضعتنا الأحداث فيها..

لا أدر كيف وقعت بك، لكن جل الجمل التي كنت تدونها في كتبي كانت تتوضع كالوشم فوق أطرافي.. لم أجد التخلص منك..
لم أتخلص منك مطلقا...

أتذكر بأني كنت في السادسة عشرة من عمري.. حين قصدت أحد تلك الندوات التي بتنا نقصدها معا لقرابة السنتين.. قبل ذاك اليوم كانت كل لقاءاتنا تحدث بمحض الصدفة..
لم أدر وقتها عن الحب شيئا.. لم تدر يومها بأن قلب عذراء قد يسلبك قلبك إلى الأبد..

كنت جالسة أناقش أحد الكتابات مع إحداهن حين مررت بجانبي.. ببطئ إختطفت كتابي... من بين أصابعي... ببطئ دونت حروف إسمي و فقط..
ربما لست بارعا مثلي في تذكر التواريخ... لكني أتذكر.. الشهر.. السنة و حتى اليوم...
تساءلت بعدها.. لأيام متتالية عن سبب كتابتك لإسمي ؟! . لما لم تدون يومها جملة لأحد الكتاب الذين أعشقهم كعادتك... لما إخترتني أنا...؟

لنحترق كما فعلنا...

لأكرهك إلى هذا الحد..

توالت لقاءاتنا.. نقاشاتنا... حول الكتاب.. كنت في كل مرة أراك فيها أتأمل شخصيتك.. أتأمل تناقضك.. أتأملك بكل صلابتك تضعف أمامي..

لم تكن كما أنت اليوم تنتحل قلبا غير قلبك..
لم تكن تختفي وراء مكتبك.. و إنشغالك.. و برامجك المكتضة..
كنت وقتها في نهاية مشوارك الدراسي.. و كنت أنا.. في البداية فقط .

كنت أنزل الدرج ببطأ يومها.. حين ناديتني..
- أمل ؟!
- نعم صهيب؟!
- هل لي بفنجان قهوة ؟

إرتبكت يومها... كانت دقات قلبي تتسارع.. كنت أستشعر تزاحم الحروف بصدري.. نفس الشعور.. نفس الإرتباك... نفس الرغبة في الهروب ..

- لا أحب القهوة! " أجبتك بإرتباك يومها.. " و إنصرفت.. مسرعة..
لازلت أؤمن بأن ما فعلته كان أمرا طائشا.. أكره الهروب أيا كان الموقف.. أيا كانت الأسباب ..
لكن جزءا مني لازال ممتنا لتلك البراءة التي كانت تشفع لي.. في مجتمع مليئ بالذئاب...
لازلت أشعر بالإمتنان لكل تلك الأيام..
لكل تلك الأحداث..
رغم الغصة التي تقطن بداخلي..

وصلت البيت مسرعة... دخلت غرفتي.. كانت دقات قلبي تتسارع.. ربما هو الحب الذي كنت أقرأ عنه في الروايات..
ربما هذا ما كنت أتمنى أن أعيشه... ربما أنا أعيشه حقا... هذا ما كان يراود فتاة مراهقة..
الأمر كان في منتهى العقلانية نظرا للبيئة التي عشت وسطها.. نظرا لمجتمع إقتحمته المسلسلات التركية.. نظرا لقارءة تهوى قصص العشق و الرمنسية.. كان من البديهي جدا أن يقودني اللاوعي إلى التشبث بأحداث تتطابق مع مع ما كان يعيشه...

رذاذ المطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن